[esi views ttl="1"]

أوباما يحقق لملالي إيران حلمهم

لطالما كان للنظام الإيراني في أي مفاوضات سريّة أو علنية يجريها مع الغرب والولايات المتحدة تحديدا لائحة من المطالب، لكن اللافت أن مطلبا من بين هذه المطالب كان يبقى بشكل دائم على رأس اللائحة. الاعتراف بإيران قوّة إقليمية، وبشرعية نفوذها في دائرة مصالحها في المنطقة، هو الشرط الذي كان الإيرانيون يصرّون على تحقيقه، وهو الأمر الذي يكاد ترفضه جميع الدول الإقليمية بالإضافة إلى الغرب.

منذ مجيء أوباما إلى البيت الأبيض، يستطيع المتابع لسياسته أن يلاحظ أنّ هناك حالة من الهرولة باتجاه عقد صفقة مع الملالي (كيفما اتفق). بالنسبة له، هناك فرصة تلوح في الأفق في نهاية شهر نوفمبر، ومن شأن النجاح في تحقيق الصفقة أن يغطّي على كل إخفاقاته الكارثية في السياسة الخارجية خلال الفترة التي قضاها في البيت الأبيض.

لقد قدّم الرجل خلال فترة حكمه من التنازلات المجانية لإيران ما لم يقدّمه أحد من قبل.إذا ما عدنا قليلا إلى الوراء حتى العام 2009، سنلاحظ أنّ أوباما فضّل نظام الملالي على الشعب الإيراني عندما تجاهل تماما الثورة الخضراء التي اندلعت في طهران في عهده، وبدلا من أن يضغط على النظام الإيراني أرسل رسائل إيجابية يتقرب فيها منه!

في العام 2010، عقد أوباما صفقته الشهيرة مع طهران بخصوص العراق والتي وُضِع المالكي بموجبها رئيسا للحكومة العراقية ليرعى المصالح المشتركة للبلدين في مقابل إتاحة الفرصة أمام واشنطن لسحب جنودها من هناك بسلام.

في العام 2011، العام الذي اندلعت فيه الثورة السورية، بدأت اللقاءات السرية بين الجانبين تتكثّف في مناطق متعددة، ورغم أن العام 2012 شهد أكبر تدفق للميليشيات الشيعية بقيادة الحرس الثوري إلى سوريا لدعم الأسد بعلم ومعرفة الجانب الأميركي، فإن أوباما لم يفعل شيئا، بل على العكس قرر في العام في 2013 إجراء محادثات سرية مع إيران برعاية عُمان وشارك فيها نائب الرئيس الأميركي ووزير الخارجية ونائبه ومستشار الأمن القومي.

وبعد أقل من شهر فقط على استخدام الأسد للسلاح الكيماوي كانت هناك جهود لعقد لقاء بين أوباما والرئيس الإيراني المنتخب حديثا حسن روحاني وجها لوجه، ولكن اكتفى الطرفان بمحادثة هاتفية هي الأولى من نوعها منذ العام 1979، مع نهاية العام كان الطرفان قد توصلا إلى اتفاق مبدئي وصف بالتاريخي.

في العام 2014، كانت إيران قد قررت مصير رئيس في العراق، وأسقطت رئيسا في لبنان، وعطلت رئيسا في اليمن وأبقت رئيسا في سوريا، بمعنى آخر فقد سيطرت إيران على هذه البلدان سياسيا وعسكريا، دون أي رد فعل أميركي لا على إيران ولا على أذرعها في المنطقة، فيما يبدو اعترافا رسميا لإيران بما كانت تطالب به لعقود.أوباما فشل في كل الاختبارات الخارجية مع روسيا ومع الصين ومع عملية السلام الفلسطينية-الإسرائيلية ومع الثورات العربية ومع العراق وفي كل مكان.

ورغم أن كل هذه المعطيات كانت متحركة، فإن الثابت الوحيد هو إصراره على الاستمرار في المحادثات مع إيران مهما كلف الأمر وتقديم التنازل تلو الآخر!

فشله في كل المناطق والاختبارات يعد دافعا في مواصلة نهجه مع إيران لدرجة أنه لم يكترث خلال كل هذه المدة لا لحلفائه العرب ولا حتى للطفل المدلل إسرائيل.

المفارقة أن الجانب الإيراني بدأ منذ عدة أيام يرسل مؤشرات على أنه قد لا يتم التوصل إلى اتفاق شامل مع الجانب الأميركي لأن الرئيس الأميركي ضعيف ومهزوم وبالتالي لا فائدة من عقد اتفاق مع رئيس ضعيف كما يقولون، فيما رأى آخرون كمستشار الرئيس الإيراني علي يونسي أن الهزائم الأميركية هي السبب في هرولة أوباما لعقد صفقة مع الجانب الإيراني.

لكن حقيقة العلاقة بين واشنطن وطهران اليوم تكمن فيما قاله مايكل ليدين، المستشار الخاص السابق لوزير الخارجية الأميركي أليكساندر هيج ولمستشار الأمن القومي الأميركي في عهد الرئيس رايجن عن العلاقة، والذي يرى أنّ الموضوع يتخطى المفاوضات النووية وأنه في الوقت الذي يعد فيه البعض عدد أجهزة الطرد المركزية، كان أوباما قد وضع جدول عمل مشتركا للعمل مع الخامنئي على الأرض في المنطقة برمتها (الشرق الأوسط) واضعا السياسة الأميركية عمليا في خدمة إيران.

زر الذهاب إلى الأعلى