[esi views ttl="1"]
آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

دور المثقف الأصيل !

ليس أسوا من الاستبداد السياسي ألاما يمكن تسميته ب"العهر السياسي" والعهر السياسي يمثله على الساحة العربية والإسلامية بعض من المثقفين المستلبين، الجهلة بمبادئ الإسلام ومقاصد الشريعة، أو المتجاهلين لها والمفرطين بقضايا شعوبهم وأمتهم..

فهذا النوع من المثقفين هم أشبة بالمؤسسات المعروفات عالميا، أو بمحترفات الرقص وهز الأرداف أو"زبائن بيوت الأزياء " المولعات بالموضة وهذا الصنف من المثقفين يقوم بهذا الدور و"يتقرش" أو" يتقرص " منه باسم الدعوة إلى السلام والتسامح ونهج اللبرالية والحداثة ..

وهذا النوع من المثقفين أيضا قد حدد أعداءه بوضوح وحصر عداوته بكل من يحارب الاستبداد ويقاوم الاستعمار ويرفض نهج العهر السياسي ويكره سياسة "رقصني يا جدع "وكل من يحارب رذائل السياسة والاقتصاد والأخلاق والاجتماع.

وصار هذا النوع من المثقفين المستلبين يشكلون فرقا للعهر السياسي والثقافي والفكري في عالمنا العربي والإسلامي تعمل على تكريس رذيلة الرذائل السياسية وهي" الاستبداد "وهم يتقمصون أحيانا دور المحاربين لها باسم الديمقراطية واللبرالية والحداثة وهلم جرا إلا أن تقمصهم لهذا الدور يدخل في باب ما وصفناه ڊ" العهر السياسي" بدليل فشلهم في تحرير الأمة وشعوبها من المستبدين حينما انخرطوا منذ وقت مبكر تحت لافتات عدة معروفة في تأريخ امتنا الحديث والمعاصر كشعارات النهضة والوحدة والتقدم والعدالة والمساواة..

إنهم غير مرتبطين ولا متقيدين بالمرجعية العليا للأمة وهويتها العربية الإسلامية في كل ما يرفعونه من شعارات وما يذيعونه من رؤى وأفكار وبرامج فلم تحصد الأمة في ضل تمكنهم سوى الشوك والألم حيث كرسوا التبعية والتخلف باسم النهضة والتقدم وكرسوا التجزئة باسم الوحدة والتضامن وكرسوا الاستبداد والشمولية باسم الديمقراطية والحرية..

ومن ابرز ما ينالون به من حركات التحرر السياسي وطلائع المشروع الحضاري الإسلامي القول بانها تعادي "الدولة المدنية " واعتبار تلك الحركات والطلائع معيقة لمشروعها ويصفونها بحركات "التأسلم" ويخلطون بينها وبين جماعات الغلو والتطرف الطائفية والسلالية والمذهبية دون تمييز ويتهمونها بالسعي لإقامة الدولة الدينية "الثيوقراطية" إرضاء للقوى الدولية التي تزعم محاربة الإرهاب والعنف جاهلين أو متجاهلين أن الدولة الإسلامية هي دولة مدنية بامتياز منذ قامت بقيادة النبي صلى الله علية وسلم وكما تجلت في عهد الخلافة الراشدة ؛دولة تكفل حقوق وكرامة كافة مواطنيها على اختلاف عقائدهم الدينية وتحميها..

وإذا كانت فترات ما بعد الخلافة الراشدة قد لحقها بعض التشويه للمفهوم المدني للدولة الإسلامية فان ذالك إنما كان بسبب إغراض سياسية للفئات والطوائف المتصارعة على الحكم وهي ليست حجة يبنى عليها ولا تمثل روح الإسلام وقد اخبر الصادق المصدوق بوقوع هذه الانحرافات قبل أن تقع وقال في الحديث الصحيح "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي "ومن هذه الوصية النبوية نفهم بان النهج الذي يبنى عليه ويجتهد على ضوئه في ترسيخ وتطويرا أسس "الحكم الرشيد "في كل زمان ومكان هو النهج النبوي والراشدي.

لقد جرت مراجعات لدى التيارين القومي والإسلامي وصار هناك آليات للعمل المشترك بين التيارين من اجل مناهضة الاستبداد والاستعمار ونصرة قضايا الأمة والدفاع عن الحقوق والحريات العامة لشعوبها ومن تلك الآليات المؤتمر القومي الإسلامي ومؤتمر الأحزاب العربية وعيرها من الأطر السياسية والثقافية واعتقد أن فرق العهر السياسي تعمل ضد هذا التوجه والتقارب بين قوى الأمة الحية..

إن فرق العهر السياسي قد جعلت من العلمانية المتطرفة مهنة لها، حيث يخوض العضو في هذه الفرق حرباً بلا هوادة ضد التيار الإسلامي ويشكك بقوة وببسالة في المنجز الحضاري للدين الإسلامي، بينما يخرس ويضع حذاءً في فمه أمام تأليه الحكام وتوريث الحكم واحتكار السلطة وتجارة الحزب الحاكم بالدين وقمع المنتمين للتيار الإسلامي باسم الدفاع عن الحرية ..."(1)

فالأولى بالمثقف الحر الأصيل الملتزم بهوية أمته ورسالتها الحضارية أن يتحرر من التبعية والاستلاب بكل أشكاله ويتقدم صف الجهاد المدني "أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر "لاستعادة حقوق الأمة وشعوبها في حكم نفسها بنفسها ومحاسبة حكامها ومراقبتهم وتداول السلطة في مابين أبنائها عبر آليات الاختيار الحر والشفاف بعيدا عن دعاوى الحق الإلهي وكل إشكال الوصاية والتفرعن على جماهير الأمة والتغول الأمني على شعوبها وحكمها بالقهر والعسف وسياسات التجهيل وتزييف الوعي والعبث بثرواتها ومقدراتها .

هامش:
( 1)راجع مقال الدين في خدمة الكفر ابراهيم عيسى الدستور االمصرية 11-7-2009م

زر الذهاب إلى الأعلى