[esi views ttl="1"]
آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

ما لا يفوت الرئيس وما يفوته!

جرّأت الظواهر المتصلة بالتفاعلات السياسية، منذ وقت غير قصير في اليمن الحبيب، كثيراً من المتابعين على النقد (البنّاء.. وربما غيره أكثر!).. وهو مما لم يفت على فخامة رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي قوله في مقام لقائه بأعضاء حكومة الوفاق الوطني الأسبوع الفائت (26 أغسطس).

غير أنه يفوت أحياناً –وهو ما يوجب التذكير النافع.. ربما- توضيح بعض الأمور توكيداً على ما يقال في مقامٍ ما كمقام لقاء فخامة الرئيس الهادي (يوم الأحد 2 سبتمبر) بأعضاء البرلمان الممتدة مدته من ست إلى عشر سنين في سابقة يمنية فريدة جمعت بين ما نص عليه الدستور اليمني -غير المعطل كليةً- في المادة 65 عما إذا تعذر إجراء انتخابات جديدة بعد انقضاء الفترة المحددة: "لظروف قاهرة (يظل) المجلس قائماً ويباشر سلطاته الدستورية حتى تزول هذه الظروف ويتم انتخاب المجلس الجديد".. وكذا بين ما نصت عليه المبادرة الخليجية و"الأممية" مستدعيةً استمرار البرلمان إلى ما بعد انتهاء الحوار الوطني في مايو 2013م وصوغ الدستور الجديد وإجراء انتخابات جديدة في 2014م!

وليس يرِدُ هنا نقد مبنى الخطاب السياسي بغرض صَرْفِ الطَرْفِ عن المعنى الذي يحمله مبنى الخطاب، أو تعمية الحقيقة وتهوين شأن وهدم صرح بل يقصد توضيح وتوكيد المعنى وتوطيد المبنى في نفوس المستهدفين.

وإذ يستهدف خطاب أي سياسي مسئول بأسلوب بسيط وعفوي مد جسور الثقة بالجمهور المستهدف والشريك.. وسواءٌ كان المستهدف الشريك -في منصب المسئولية المادية المباشرة- موظفاً أو -في موقع المسئولية المعنوية غير المباشرة- مواطناً.. فإن قوة الخطاب تتركز في عدم تفويت الحقائق الواجب بسطها لقطع لسان كل دعي وخطيب..

ويحلق القلم بحرية في أجواء خطاب سياسي لم يفُتهُ التنويه إلى أهمية تجاوز العمل "وفق مفهوم سلطة ومعارضة"، إنما فاته التذكير بأن لم يعد في البلد "أحزاب معارضة" و"أحزاب سلطة"، بل صارت كل الأحزاب "أحزاب سلطة" أو "أحزاب حاكمة!".. مما يفرض على الأحزاب جميعاً العمل بروح الوفاق الوطني وتجسيده عملياً دونما اصطياد في الماء العكر، بعدما بات لزاماً البحث عن نبع صاف ينهل الناس منه مطمئنين على عدم الازدحام السياسي عنده فيُعكرُ صفو الوفاق الوطني الآتي وفقاً للمبادرة الخليجية.

ووفقاً للمبادرة الخليجية كان ينبغي ألا تفوت تنفيذ مهمة –وليس ترديد مقولة- "تهيئة أجواء الوفاق الوطني".. فالوفاق الوطني في غير أجوائه وأراضيه (...) بتأثير أقل وسائل التعكير كلفةً وأخطرها أثراً: الإعلام بما يبث من الشائعات –للأسف- لا بما ينير من الحقائق النافعة للبلد!. وليس ينفع البلد استراحة سياسية أو هدنة إعلامية مؤقتة، لكنه ينتفع بلقاءات جماعية على "مشروع بناء يعزز الوفاق" دون إقصاء أو إلغاء لأحد بتأثير حزازة نفس أو حساسية طارئة.. وهذا المشروع البنائي المرجو لن يتحقق بدون تكريس الوعي بالوفاق وجوهره حقاً بما ييسر تنفيذ ما تبقى من مراحل الآلية التنفيذية طالما صارت الهم الأساسي لمن في المستوى السياسي.. وكذا ما يوسع أفق التفكير على المدى الوطني كليةً، حتى لا يفوت على أي أحد، أن البلد محكوم، ليس بنصوص المبادرة وحدها، بل بقوانين ونصوص دستورية ما تزال نافذة فاعلة تنظم الفعل السياسي العام بمؤسسات من غير النافع تجاوزها أو تهميشها لا سيما وأعضاؤها يشكلون عنصراً ورقماً في المعادلة السياسية والاجتماعية حيث منها من لا ينفصل عن ماضي "الصراعات المتجددة" ويتصل بالحاضر المطلوب إغناؤه بالتجربة والخبرة والرأي أياً كان الموقف من أصحاب هذه التجربة وتلك الخبرة وهذا أو ذاك الرأي.. فلا يفوت إثراء الحاضر بمسئولية أصحاب المسئولية من مكونات السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية المسئولة عن تنفيذ المبادرة.

ولئن لم يفت رئيس الدولة، يوم لقائه البرلمانيين بدار الرئاسة، تحديد وحصر المسئولين عن الشراكة في تنفيذ المبادرة من السلطات الثلاثة والهيئات المنبثقة عنها الممثلة لها (الرئاسة ومجالس النواب والوزراء "والشورى المنسية!" والقضاء) واللجنة العسكرية ومنظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية الموقعة على المبادرة، والرئيس كأول مسئول -في تلك السلطات- عن تنفيذها، فاته التلميح – المفروض كتوكيدٍ على قوته- بمعرفته بمن يُعيون البلد بفهمهم "السقيم" للمبادرة وأدائهم "العقيم" للعرقلة، وأن استمرار فعلهم "الذميم" هذا سيدفعه للإفصاح عن هوياتهم، وأن صمته عنهم يندرج تحت باب الحِلم الذي يُتقى.

واتقاءً لنقد مبطن على الاهتمام الرئاسي ببعض المناطق المهددة أمنياً كأبين وشبوة، ما كان ليفوت الرئيس الهادي التصريح بأهمية الخلاص من القلاقل الناجمة عن نفاذ "القاعديين" أو إرهابيي القاعدة وبزوغ إماراتهم في بعض المناطق الجنوبية التي تهدد استقرار المنطقة ككل. وإنجاز الخلاص من مهددات الاستقرار يؤذن بمرحلة جديدة –لن تفوت أحداً بإذن المولى عز وعلا- من التعاون على كافة المستويات.. بين كافة المؤسسات لحل مشاكل اليمن من خلال الحوار، بالتوازي مع واقع تفاعل السلطات والصلاحيات الدستورية الممنوحة لكافة المؤسسات من قَبل مبادرة الأشقاء والأصدقاء في الخارج إلى الاهتمام بالاستقرار الذي يهدده أبناء الداخل!

زر الذهاب إلى الأعلى