[esi views ttl="1"]
آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

المعرفة سلاح المعركة! (2)

أساليب البقاء كثيرة .
والإرتقاء في مسالك النقاء متعددة ..
وفنون الممارسة للحياة كبيرة ، وواسعة ..
إلا أننا لا نختلف عن أنَّ العقل - المنوط به التكليف الإنساني في البحثِ عن كل اؤلئك - هو أفضلُ الطرقِ - مع نسبيةِ رؤيةِ كلِّ أؤلئك !

أين تكمن مصادر الإختلاف ؟
بادئَ ذي بدء .. أستطيع أن أزعمَ أنَّ تعاريفَ لغةِ ، ومفرداتِ الحوارِ - أياً كان - والإتفاقَ على تحديدِ ، وعاءآتِ ، وأغلفةِ معاني الألفاظ ، ومفاهيمِ الكلمات ؛ تحتلُ الصدارةَ في كمونِ المصادرِ تلك ؛ ومن ثمَّةَ يظهرُ الخلافُ ، والإختلافُ - الذي كانَ وجوبُهُ شيئاً طبيعياً ومتوقعاًً - متحولاً إلى ناموسٍ بشعٍ يقحِمُ الإبتلاعَ إلى أقصاه في أنفاقِ الإتهامِ الوغدِ ، للرأي المخالف ! .

وإلا لما كانَ قدِ اتفقَ إثنان على وجهِ البسيطةِ. ولهذا يقالُ غالباً : ( دعنا نصلُ إلى حلٍّ وسطٍ ) ؛ أي إلى وسطٍ نسبيٍّ ، في رؤيةِ الأشياءِ حولَ الإنسانِ ، والكونِ ، والحياةِ . حتى نتحركَ خطواتٍ إلى الأمام .

هذا الفارقُ البسيطُ ؛ هو الذي جعلنا نُصَلِّي أواخرَ الصفوفِ ، في صلواتِ السباقِ الإنساني ، وهضمِ الإنساقِ النهضوية الراقيةِ للإنسان ؛ التي دفعت بالعالمِ حولنا الصدارةَ من الأمورِ ؛ حتى استحوذتِ المضامينَ العامةَ للحياةِ ، والإنسانِ ، والكون .. وقطعت أشواطاً جمَّةً من أقطارِ السماواتِ ، والأرض من سلطانِ العقلِ الخلاق ، والخيالِ المبدع ؛ حين وقفنا لثمانمأةِ عامٍ - وحتى اللحظة - عندَ الخُفَّين ؛ ومن أينَ نمسحهما !

وإذا اختلفَ النَّاسُ في تحديدِ تلك الأسقف ، أو تجاهلوه ، أو جهلوه ؛ يضيعُ الجمعُ ، في نفاقٍ مبتذلٍ ، ومهينٍ ، مع النَّفسِ ، حولَ التفاصيلِ ؛ لافتقادِ كُنْهِ صحةِ البدءِِ للحوارِ ، المنصفِ لحقيقةِ العقلِ ، في تصوُّرِ إطاراتٍ حنيفيةٍ ، صحيحةٍ ، مستقيمةٍ - إبتدآءاً !

ما هو دورُ المثقفِ في كل هذا ؟
دورُ المثقفِ يدورُ حولَ تعريفِ العامةِ بحقوقهم . وأولُ هذهِ الحقوق : حق تعريف المجتمع بحقهِ في التعلُّمِ ، والمعرفةِ ، وتنويره بحقوقه .

إعطنِي مِرْنَاةً - تليفزيوناً - أعطيك شعباًً !
هكذا قلتُ دوماً ؛ زِدْ عليه : تقديم سياسة عامة من الدولةِ من تسهيلِ زَهَادَةِ الثمنِ لهذا الجهازِ العظيم !

تَحْدَثُ ثورةٌ ؛ إذا امتلكَ هذا الجهازُ ، عقلاً يُديِرُهُ ، ويُسَيِّرُهُ ؛ في العقلِ الجمعي للأُمَّة ؛ تنتظمُ به مساراتُ الحياةِ اليوميةِ للأُمَّةِ ؛ بحيث يصبحُ سلوكُها اليومي ، نمطاً إنسانياً ، معتاداً ، في استقامةِ خُلُقِ السُّلوكِ ، المديرُ للشؤونِ الحياتيِة العادية - ناهيكَ عن المصيرية - والجديرُ بإطلاقِ طاقاتِهِ الخلاقةِ ، وخيالَهُ المبدع ، الذي يضعه في أفق الإمتياز ، والتفوُّق !

الأمثلة التي تُساقُ ؛ تلقي أضواءاً على الكلام الجاف . ما سأكتبهُ هو قصة خيالية تُسَوِّقُ للفكرة .

يمني أمريكي يمتلكُ ثلاث محطات بنزين ؛ وبقالتين ، ومطعم . كان الرجل قد هجر أهله لسبب ما .. وانقطعَ عنهم تماماً ؛ وله إبن وحيد فقط عمره ثلاثون عاماً ؛ يعيش في قريته .

توفيَ الرجلُ .
صديقٌ لهُ ، من قريته ، زارَ القرية . وجد شاباً في السوقِ ؛ وتحتَ ظرفٍ ما .. دارَ الحديثُ ، وبدا على الحديثِ مودَّةٌ ؛ عرَّفتِ الصديقَ بالشَّاب ؛ فإذا بالرَّجل يحدث الشَّاب بحقوقِهِ الموجودةِ في المحاكمِ في إمريكا !

ماذا تتوقَّعون من الشاب أنْ يفعلَ في الغد ؟!
ببساطةٍ شديدةٍ ..
- سيودعُ أُمَّه .
- ويستأجرُ سيارةَ أجرة إلى السَّفارة الأمريكية في صنعاء .
- يسافر إلى إمريكا .
- ويأخذ إرثَ والده ؛ بموجب القانون!

مهمة المثقف تعريف الناس بحقوقه!
فقط.

وللحديث بقية.

زر الذهاب إلى الأعلى