[esi views ttl="1"]
آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

إعمار الروح

على الأرض يمكننا إجراء الكثير من الإصلاحات والمعالجات ،في وسعنا ترميم المنازل و الواجهات المخربة ردم الشوارع وتسوية الطرقات وإزالة المخالفات إعادة تأهيل المنشآت والمؤسسات وإعمار ماتهدم من البنى الخاصة والعامة إزالة الخراب المادي عملية ممكنة مهما بلغ لا شيء أصعب من إعادة إعمار الروح وبناء الإنسان.

ماتحدثه النظم الديكتاتورية المستبدة من دمار وأضرار في النفوس والعقول هو أكبر الأعباء التي تثقل كاهل الثورات، وتعوق عمليات التغيير سياسات القهر والإفقار المستدامة والقمع الممنهج ومصادرة الحريات والحقوق وانتفاء العدالة والمساواة والشراكة والتفرد بالثروة والسلطة أو الاستئثار بمقدرات الوطن من قبل الطبقة الحاكمة والمجموعات الطفيلية المصلحية وسيطرة التوجه الواحد على كل أدوات القوة ووسائل الفعل والتأثير والتحكم وطول الرضوخ والخضوع والامتثال لشروط القمع السالبة للحرية.

هذا كله يؤثر بكل تأكيد على نفسيات الناس وسلوكياتهم ويفرض أنماطا خاصة من العلاقات ومنظومة من التصورات والقيم المنتجة لذات الشروط القاهرة.

من المهم إعادة إحصاء خرائب الروح والشروع في أعمال البناء لكل ماانكسر أو تهدم من إنسانيتنا لكل ما تداعى أو أنهار من المعنى الناظم لوجودنا ومصائرنا كيمنيين أبناء وطن واحد ينتظر منهم تجاوز ذواتهم ومواريث تخلفهم والنظر إلى الأمام. العيش طويلا في ظل القهر يعلم الإنسان كيف يكون عدو نفسه كيف يقف ضد مصالحه كيف يكون الضحية والجلاد يقف البعض ضد حرياتهم لأنهم تخلوا عنها منذ زمن بعيد .

الحرية عبء بالنسبة لعبيد العبيد يقف البعض ضد التغيير مؤثرا العيش سجين التخلف والجمود لا لشيء سوى أنه تعايش مع خوفه وتصالح مع رضوخه وأدمن انقهاره.

لا لشيء سوى أنه تقبل فكرة كونه معاقبا محكوما بالفشل مهما فعل إن اسوأ مايصيبنا به القهر نسف ثقتنا بأنفسنا نفي إمكانيتنا على الفعل. إنكار قدرتنا على الإمساك بزمام أمورنا وصناعة قدرنا ومصائرنا ترسيخ انهزامنا وتكريس تشيؤنا ولاجدوانا لكأننا منذرون للهدر والفناء. تعطل النظم المستبدة التفكير تقتل روح المبادرة تخضع الجميع للسيطرة والتوجيه الصارم وبأساليب معتادة وفي أجواء التحول يشعرالبعض بالارتباك وعدم القدرة على التناغم والاندفاع مع الآخرين وهو ما يستدعي عمليات تأهيل وإدماج ضرورية.

لقد ورثنا من الماضي الكثير مما يجب التخلص منه كي نقوم وتنهض اليمن الكثير من الريبة بالذات وبالآخرين، النزعات الصراعية فقدان الوزن والتوازن الوفاء للموت وجحود الحياة، العيش خارج القناعات، التضحية بالمبادئ بدلا من التضحية لأجلها، العيش وفق المزاج المهيمن الأداء المحكوم والمراقب لكونه مهمة إخضاع لأفعال تغيير الرتابة والآلية في أداء الوظائف مذ كفت الوظيفة عن أن تكون وسيلة تحقيق للوجود وإثبات للكينونة مذ كفت عن أن تكون مكانة تستلزم مطلق الحضور ومنتهى الفعالية.

هناك الكثير مما ينتظر الإعمار داخل الروح ويستدعي بلورة سياسات وخطابات جديدة تعيد لملمة الإنسان وإحياء ما أماتته عقود الانسحاق داخله تواجه العتمة المعرشة في أعماقه والمحاصرة لأفكاره وتصوراته، تبنيه وتعمره من جديد.

رشة ضوء:
سيأتي الصباح كما تحلمين
وتجري الرياح بما تشتهين
سيأتي الصباح وتأتي اليمن
جنانا بها كل غصن وطن
ستأتي السعيدة
كما صورتها عيون القصيدة
بلاداً جديدة بلاداً جديدة

زر الذهاب إلى الأعلى