[esi views ttl="1"]
آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

ماذا يجري في تعز؟

ذكر أحد الحكماء أن جماعة من رفاق الطريق والمصير دخلوا مطعماً واختلفوا على الشراب الذي يطلبونه: قال أحدهم نريد (عنبا ً) فهو الافضل والمناسب قال آخر: نريد (كروم) فهو الأفضل بينما صاح الثالث وذكر اسماً آخر، معتبراً أن هذا هو الأفضل بينما خرج الرابع باسم شراب آخر واختلفوا وتفرقوا عن الطاولة الواحدة التي تجمعهم وذهب بهم الجهل والحماقة إلى الخصومة وعندما أنزل (المباشر )عامل المطعم طلباتهم التي اختلفوا عليها اكتشفوا أن الجميع طلب شراب (العنب) وكانوا فقط مختلفين في الأسماء وكل لا يعرف إلا الاسم الذي لديه وكانت معركة على الفراغ.. كثير من هذه المعارك بين الأصحاب والأهل تجري وهم متفقون على الجوهر مختلفون في الوسائل والتفكير و الجهل بل يسيطر على الناس سوء النية، فقد ذكر الحكيم أن ما زاد الخلاف ان كل واحد كان يعتقد أن طلب الآخر ليس عنباً بل مضراً بالصحة، والمروة بين السم والمادة المسكرة.

ما يجري في تعز تحديداً يشبه هذه المعركة العجيبة التي يختلف الناس فيها على المتفق بسبب الجهل كل بالآخر وأسلوبه، لذلك يكون لزاماً على أبناء البيت الواحد إيصال رسالته إلى الآخر وهو لن يفعل ذلك إلا إذا نجح في فهم الآخر وبكثير من حسن النية.

إن السياسة في ترك السياسة أصوب وأجدى والحيلة في ترك الحيل يا صحابنا اسلم دنيا وآخرة.. إننا نخسر الكثير من أعمارنا وفرصنا الذهبية في تكسير (الجرار) التي ملأناها بعرقنا ودمائنا وأحلامنا جميعاً التي لا تقبل التجزية لنشرب منها نحن جميعنا وعابرو السبيل.. يجب ان نكون اقوياء والقوة في البحث عن حلول لإنهاء الاحتقان الاحمق الذي صنعته وحشة الجهل بذواتنا وغربة الروح الجمعية التي علينا ان نلملمها بدموعنا وجهودنا وإخلاصنا لتصحيح أخطائنا فنحن ضحايا أخطائنا وجهلنا بها.. ليس من النقص والعيب أن يخطىء الناس من العيب أن لا يجرهم الخطأ لتصحيح الاعوجاج وتحويله إلى تجارب ثرية... اعني ليضع كل نفسه مكان الآخر لكي نعذر ونحس ببعضنا ونرى أخطاءنا وضرباتنا التي لا نحسها بعين الآخر وألمه..

إن العمل الوطني يبدأ من الجلوس على مائدة الحوار وقبلها إصلاح الطاولة، نحن لانملك مكاناً مناسباً للطاولة نحاول أن نطرح الطاولة في (ضاحة الرباح ) حيث (الجن وام الصبيان) هم من يلعبوا بنا في ملعبهم وعلى هواهم ونظن اننا من نلعب.. السياسة في صورة من صورها هي علم الضغوط والاستجابة للضغوط ربما فن الاستجابة المناسبة للضغوط هي فن السياسة الرشيدة، السياسة ليست شد حبل حتى (يبتسق ) هذه (مثواره) السياسة ضغوط ناعمة واستجابة في آن وهي تظهر في حالة الشك والمنطقة الرمادية بهدف الوصول إلى دائرة السياسة الراشدة والواثقة والرقمية التي تكسب الثقة وتحفظ حقوق الجميع.. إننا بارعون في نسف جسور الثقة وتقطيع الوشائج وبدون أسباب ولا حاجة وهذه صفة العاجزين وعلامة الخذلان، لابد أن نستغل كل الإرباكات والخلافات للوصول إلى لغة مشتركة والفشل هنا وهناك هو طريق النجاح وما يجري يجب ان نحوله إلى ظاهرة صحية تستثمر في مجال التجربة واثراء التكامل والحرص على الآخر فلا احد سيستغني عن الآخر أو يفرط فيه فلا احد في هذه المدينة يرغب في الانتحار بتقطيع بعض منه..

لا احد يريد أن يعمل ضد الوطن والمصلحة العامة، كلنا من اجل الوطن لكن عندما يضيع المخلصون لغتهم المشتركة ويصبحوا (عجم) يتحدثون بالشفرة السلبية ويسلمون رقابهم للتباعد والشك والشائعات ولا يكادون يبينون حينها يتكلم الجن والعفاريت باسمهم ويصبح الجهلة ومحترفي الفوضى والارتزاق هم المتحدثون الرسميون والمدافعون عن الوهم حيث يجد الكبار انفسهم منساقين بعد الفراغ وصناع العبث والراقصين على اوتار العمى السياسي..

نحن بحاجة إلى ان نعلن ان الجميع بحاجة إلى الجميع وان الجميع عليه ان يتصرف كما ينبغي لاكما يرغب.. لابد من تجديد الصواب كل يوم والقوة تكمن في المرونة والرجوع إلى الحق فضيلة والتسابق على الفضيلة علامة أصحاب الفضل وخيركم من يبدأ بالسلام.. نحن ضحايا جميعاً في هذه المحافظة الحزينة لكن إياكم ان تقولوا إننا ضحايا الآخرين، نحن ضحايا أنفسنا ولن ينقذنا بعد الله إلا نحن ولابد ان نفعل ونتعلم من أخطائنا، الأخطاء عند الموفقين ثروة لا تقدر بثمن.. لن ينتصر احدنا بكسر ضلع الآخر سننتصر بتنمية الإحساس بالجسد الواحد.. حفظكم الله جميعاً وسدد خطاكم.

زر الذهاب إلى الأعلى