[esi views ttl="1"]
شعر وأدب

غريبان.. وكانا هما البلد

مَن ذلك الوجه؟ يبدو أنه (جَنَدي)
لا.. بل (يريمي) سأدعو جد مبتعدِ

أظنه (مكرد القاضي) كقامته
لا.. بل (مثنى الرداعي) (مرشد الصيَدي)

لعله (دبعيٌّ) أصل والده
من (يافع) أمه من سورة المسدِ

عرفته يمنياً في تلفُّتهِ
خوف... وعيناه تاريخ من الرمدِ

من خضرة القات في عينيه أسئلة
صُفرٌ تبوح كعود نصف متقدِ

رأيت نخل (المكلا) في ملامحه
شميت عنْب (الحشا) في جيده الغيِدِ

من أين يا ابني؟ ولا يرنو وأسأله
أدنو قليلاً: صباح الخير يا ولدي

ضميته ملء صدري... إنه وطني
يبقى اشتياقي... وذوبي الآن يا كبدي

(يسعد صباحك) يا عمي أتعرفني؟
فيك اعتنقت أنا قبلت منك يدي

لاقيت فيك (بكيلا) (حاشداً) (عدنا)
ما كنت أحلم أن ألقى هنا بلدي

رأيت فيك بلادي كلها اجتمعت
كيف ألتقي التسعة المليون في جسدِ
***
عرفت من أنت يا عمي, تلال (بنا)
(عيبان) أثقله غابٌ من البردِ

(شمسان) تنسى الثريا فوق لحيته
فاها وينسى ضحى رجليه في الزبدِ

(بينون) عريان يمشي ما عليه سوى
قميصه المرمري البارد الأبدي

صخر من السد يجتاز المحيط إلى
ثان ينادي صداه: من رأى عُمُدي؟
***

ما اسم ابن أمي؟ (سعيد) في (تبوك) وفي
(سيلان) (يحيى), وفي (غانا) ( أبوسند)
***

وأنت يا عم؟ في (نيجيريا) (حسن)
وفي (الملاوي) دعوني (ناصر العندي)

سافرت في سنة (الرامي) هربت على
عمي غداة قبرنا (ناجي الأسدي)

من بعد عامين من أخبار قتل أبي
خلف (اللُّحيّة) في جيش بلا عددِ

أيام صاحوا: قوى (الإدريسي) احتشدت
وقابلوها يجيش غير محتشدِ
***

رحلت في ذلك التاريخ أذكره
كأنها ساعة يا (سعد) لم تزدِ

صباح قالوا: (سعود) قبل خطبتها
حبلى, و(حيكان) لم يحبل ولم يلدِ

و(الدودحية) تهمي في مراتعنا
أغانيَ العار والأشواق والحسدِ

ودعت أغنامي العشرين (محصنة)
حتى أعود... وحتى اليوم لم أعدِ
***

من مات يا ابني؟ من الباقي؟. أتسألني
فصول مأساتنا الطولى بلا عددِ

ماذا جرى في السنين الست من سفري
أخشى وقوع الذي ما دار في خلدي

مارست يا عم حرب السبع متقداً
تقودني فطنة أغبى من الوتدِ

كانت بلا أرجلٍ تمشي بلا نظر
كان القتال بلا داع سوى المددِ
***

وكيف كنتم تنوحون الرجال؟ بلا
نوح نموت كما نحيا بلا رشدِ

فوجٌ يموت وننساه بأربعةٍ
فلم يعد أحدٌ يبكي على أحدِ

وفوق ذلك ألقى ألف مرتزق
في اليوم يسألني: ما لون معتقدي

بلا اعتقادٍ... وهم مثلي بلا هدفٍ
يا عم ... ما أرخص الإنسان في بلدي

والآن يا ابني؟... جواب لا حدود له
اليوم أدجى لكي يخضر وجه غدي

سبتمبر1974م

زر الذهاب إلى الأعلى