[esi views ttl="1"]

قراءة في كتاب الفيدرالية في اليمن (1-2)

بروح وطنية عالية وبهمة بحثية عميقة.. أصدر الكاتب والباحث الزميل رياض الأحمدي كتابه الهام والقيِّم" الفيدرالية في اليمن تاريخ الفكرة ومؤشرات الفشل", الذي يعتبر الكتاب الأول من نوعه في اليمن وربما في المنطقة، من حيث تناوله للمسألة من جوانبها المختلفة؛

ففي الباب الأول تناول الدولة والنظام الفدرالي تعاريف، خصائص، مسلمات، تجارب، والباب الثاني تحدث عن التجارب الفدرالية في العالم العربي والعامل الخارجي، وأما الباب الثالث فقد خصصه لموضوع" مؤتمر الحوار.. ثغرات تنسف المشروعية"، وجاء الباب الرابع بعنوان "الفدرالية في اليمن.. من الاستعمار إلى الحوار"، والخامس" الفدرالية.. إكسير حياة أم رصاصة رحمة؟"، وفي الباب السادس والأخير قدم الباحث شهادات للتاريخ عن فدرلة اليمن.. ومن بين عدة تعريفات اختار الباحث تعريف الفدرالية بأنها نظام يوحد مجموعة من الدول تتمتع بخصائص مشتركة تتحد لتكوين دولة مركزية قوية تمثلها على الساحة الدولية وتتولى قضايا الدفاع والأمن القومي وما يحدده الدستور وتسمى الدولة الاتحادية.

أي أن الدول الفدرالية تنشأ في العادة باتحاد مجموعة من الدول أو الولايات الضعيفة ذات القوميات أو الخصائص المتقاربة لتكوين دولة مركزية قوية، وقد تنشأ أيضاً بتفكك دول موحدة وتحولها إلى اتحادية لأسباب جغرافية أو سياسية أو تاريخية؛ ففي الحالة الأولى تعتبر الفيدرالية وحدة وتوحد، بينما في الحالة الثانية أي تحول الدولة الموحدة أصلاً إلى دولة اتحادية تصبح الفيدرالية تقسيماً وانفصالاً، فالفدرالية كما يذهب الباحث في الدولة البسيطة تعتبر صيغة للانفصال، باعتبارها ستجزئ إقليم الدولة إلى أقاليم، ومجتمعها إلى مجتمعات، وسلطتها إلى سلطات تتحد شكلاً في الدستور الفدرالي ولكنها -واقعاً- مستقلة ذاتياً؛ لكل إقليم دستور وحكومة وبرلمان مستقل.

وعن العلاقة بين الفدرالية و اللامركزية السياسية واللامركزية الإدارية.. أكد الباحث على ان الفدرالية نظام حكم سياسي، لأن السلطة "الإقليمية" فيها تصدر القوانين وتقضي وتشكل حكومة، أما النظام الإداري فيتعلق بالمركزية واللامركزية الإدارية، والمركزية تعني تركيز السلطة والوظيفة الإدارية في مركز واحد وهو العاصمة، أما اللامركزية فتعني توزيع السلطة والوظيفة الإدارية بين الحكومة المركزية وهيئات محلية أو بين المركز ومراكز أدنى (المحافظات أو الأقاليم).

و‏اللا مركزية السياسية "هي صورة من صور الحكم على حين أن اللامركزية الإدارية صورة من ‏صور الإدارة، ولا يمكن تصورها ولا قيامها إلا في كفالة الدولة المركزية وتحت رقابتها، أما ‏اللامركزية السياسية فهي نظام يقوم على توزيع السيادة بين الحكومة المركزية والفيدرالية ‏والولايات أو الجمهوريات المكونة للدولة الاتحادية، فتُباشر الولايات أو الجمهوريات في ظل ‏اللامركزية السياسية سيادتها الداخلية، فتقيم برلماناً، وتنشئ حكومة وتسن تشريعات وتقضي بها.‏

أما اللامركزية الإدارية فإنها لا تملك ولا تمارس أي نوع من أنواع السيادة واللامركزية ‏السياسية لا تكون إلا في الدولة المركبة، بينما تكون اللامركزية الإدارية في الدولة البسيطة وفي ‏الدولة المركزية أيضاً.

وعن التجارب الفدرالية في الوطن العربي.. أكد المؤلف على ان الفدرالية في الأصل ناتجة عن السياسة الاستعمارية التي تقسمت فيما بينها الأقطار العربية وقسمتها كل قطر إلى فتات، وجاء تأسيس الاتحادات الفدرالية لتشتيت الجهود وفي محاولة لترسيخ الانقسامات المحلية في صور اتحاد شكلية.

ومن هذه التجارب: المملكة الليبية المتحدة، التي اعتمدت النظام الفدرالي منذ الاستقلال 1951 وحتى 1963م، وكان بين ثلاث ولايات هي "طرابلس، برقة، وفزان"، كما أقامت بريطانيا اتحاداً فدرالياً لمستعمراتها في جنوبي اليمن؛ بدأ التأسيس له في العام 1959 وانطلق فعلياً في العام 1963 وسقط مع رحيل آخر جندي للاستعمار 1967م، ولاشك أن إلغاء الحركات الوطنية التحررية لتلك الاتحادات جاء باعتبارها فكرة استعمارية.

وفي العام 1968، أعلنت بريطانيا عن رغبتها في الانسحاب من جميع محمياتها ومستعمراتها، فكان من بعض الإمارات الخليجية أن كونت الاتحاد الفدرالي الوحيد الذي بقي في المنطقة العربية وهو الإمارات العربية المتحدة التي تكون ما كان يُعرف "إمارات ساحل عُمان".. البقية في المقال القادم بمشيئة الله عز وجل..

وللاطلاع على الكتاب:
لتحميل الكتاب اضغط هنا
صفحة الكتاب على فيس بوك:
الفيدرالية في اليمن

زر الذهاب إلى الأعلى