[esi views ttl="1"]

وزاري "التعاون" في قاعدة عسكرية

اجتمع، يوم الخميس الماضي، وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي في القاعدة الجوية في مطار الرياض بصفة مفاجئة، وكان الهدف الأساسي للاجتماع إصلاح الخطأ السياسي المفاجئ: سحب ثلاث دول في المجلس سفراءها من دولة عضو فيه، في ظروفٍ تمر بها منطقة الخليج عامة، وتنذر بمخاطر سياسية واجتماعية، لا يعرف عواقبها غير الله عزّ وجل.

سؤالي البريء: لماذا تم الاجتماع في تلك القاعدة العسكرية الجوية، ولم يتم في مقر الامانة العامة لدول المجلس في الرياض، أو في مقر وزارة خارجية الدولة المضيفة، ولماذا لم يتم في دولة الكويت الشقيقة، والتي عملت بكل جهد للعودة بدول المجلس إلى المسار الطبيعي. لأصحاب سوء النوايا تفسيرات لاختيار القاعدة الجوية العسكرية مقراً لاجتماع الساده الوزراء، لن أخوض فيها، لكني أقول إنها سابقة أن يجتمع المجلس الوزاري في قاعدة عسكرية، لتدارس هم من هموم الخليج في ظروف سلمية، بمعنى أن تلك الدول ليست في حالة حرب مع أي طرف كان.

(2)
لا جدال في أن اجتماع وزراء المجلس، المشار إليه، لاقى استحساناً من أبناء الخليج العربي، ولا شك في أنهم فرحوا بما توصل إليه من نتائج، لكن عباراتٍ وردت في البيان (أذاعته وكالات أنباء دول مجلس التعاون كل على انفراد) كان لا بد من توضيحها، حتى تنقطع التأويلات ذات النوايا غير الحميدة، كالقول "التزام حرفي باتفاق الرياض"، فهل يعني اتفاق الرياض القبول والتوقيع على الاتفاقية الأمنية والالتزام بها؟ في هذا المجال، وقعت كل دول مجلس التعاون على تلك الاتفاقية، إلا أن لبعضها تحفظات على بعض بنودها، وهذا طبيعي، وإذا كان هناك اتفاق آخر، فلماذا لا ينشر في وسائل الإعلام، كما هي الاتفاقية الأمنية نفسها، والتي تعد أهم اتفاق بين القيادات السياسية الخليجية.

ورد في البيان "تتوقف دول المجلس عن احتضان وتجنيس المعارضات الخليجية"، والرأي عندي أنه من الأفضل سياسياً أن لا تمتنع دول المجلس عن احتضان بعض أفراد المعارضات الخليجية وتجنيسهم، بدلا من انتقالهم إلى دول أوروبية، لأن تلك الدول تؤمن بحرية الرأي، وتمنح الاطراف المعارضة حق اللجوء السياسي، وتسهل عقد مؤتمرات لمعارضين لهذا النظام أو ذاك.

أُذكّر بأن المعارضة البحرينية نشطة في بريطانيا إعلامياً، وتنظيماً، وعلى كل الصعد، ولو كانت في دولةٍ خليجية لما تيسر لها ذلك. وكانت المعارضة الإيرانية بقيادة الخميني مكبوتةً، عندما كانت في العراق، الدولة الجارة، وعندما ضُيّق عليها، طبقاً لاتفاق الجزائر بين العراق وإيران، ورحلت إلى فرنسا، أسقطت نظام شاه إيران في أشهر معدودة.

وعندما كانت المعارضة العراقية في الخارج، استطاعت تأليب الرأي العام الدولي ضد الحكومة العراقية، ومن ثم إسقاط النظام واحتلال العراق، وقس على ذلك. ورد أيضاً، في اتفاق القاعدة الجوية في الرياض "التوقف عن دعم الحوثيين"، والمتهم في دعم هؤلاء في اليمن هي إيران، وليس غيرها، كما جاء في بيانات الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي ووسائل إعلام خليجية. وإذا كان المقصود إيران فما شأنها ب "بيان الرياض"، أم أن الأمر يعني دولة واحدة من دول المجلس، أم أنه نص عام؟ في حالة أن ذلك يعني دولةً بعينها، لا بد من اطلاع الرأي العام الخليجي على ما يؤكد، ولا يدع مجالاً للشك، دعم الحوثيين، ولا أعني تقارير صحفية، أو مخابراتية، إنما دليل مادي لا ينفذ إليه الشك. أما إذا كان المقصود بذلك القول جميع دول مجلس التعاون، فهذا أمر محبب، ويؤيده الجميع.
لقد اتفق أعضاء المجلس الوزاري المشار إليه "ألا تؤثر سياسات أي دولة من دول المجلس على مصالح وأمن واستقرار دوله، ومن دون المساس بسيادة أي دولة من دوله"، والسيادة تعني، فيما تعني، حق الانفراد بإصدار القرار السياسي في الداخل، ورفض الامتثال لأية سلطة تأتي من الخارج، وهذا أمر مرحب به.

(3)
تتعرض دولة قطر وقياداتها لحملة ظالمة لاأخلاقية، في وسائل إعلام جمهورية مصر، ومع الأسف الشديد، تنقل بعض ما يقال فيها ضد قطر وسائل إعلام خليجية بوسائل مختلفة. وهناك أكثر من وسيلة إعلام لدول خليجية في الشتات تعمل على تحريض الرأي العالم العربي والدولي على قطر، فلماذا تغضب بعض دول مجلس التعاون عندما تتناول "الجزيرة" أخبار مصر بموضوعية؟ أليس من حق قطر ممارسة حرية الإعلام في الشأن العربي؟ وهل المطلوب من قطر ان تكون نسخةً طبق الأصل لوسائل إعلام خليجية؟

يا سادة الخليج: هناك أكثر من ثلاثين وسيلة إعلام مرئية ومسموعة موجهة ضد دولة قطر، فهل أسكتّموها كما تحاولون إسكات " الجزيرة"؟
آخر القول: حسبنا الله ونعم الوكيل.

زر الذهاب إلى الأعلى