[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]

الخلافات المؤتمرية وتداعيات الفراغ الذي خلفه المشترك

شاكر احمد خالد

تأجيل الانتخابات البرلمانية لضمان مشاركة المعارضة، ربما انقذ المؤتمر من نتائج لا تحمد عقباها. هكذا يجري الحديث حاليا بعد ظهور مؤشرات مؤكدة على ان التنافس المحموم بين المؤتمريين انفسهم والذي سبق تأجيل الانتخابات،

قد يؤدي إلى حملات تأديب وتصفية حسابات دموية بين مراكز النفوذ والشخصيات الاجتماعية الاخرى.

ومن المعروف ان انسحاب المعارضة من المنافسات الانتخابية عادة ما يؤدي إلى اشعال جذوة الصراع بين مراكز النفوذ في المؤتمر. ففي انتخابات المحافظين، التي قاطعتها المعارضة، حدث سيناريو من هذا القبيل. وهكذا كان الوضع سيبدو واكثر مع الانتخابات البرلمانية التي تأجلت لعامين. غير ان اتفاق السلطة والمعارضة على التأجيل، هدأ نسبيا حمى التنافس الناشئ نتيجة تضارب المصالح والفراغ الانتخابي الذي خلفته المعارضة.

ورغم الاجواء التي وفرها قرار التأجيل، الا ان مراقبون لا يستبعدون بأن تتخلل مرحلة العامين المقبلين نتائج غير حميدة بالنسبة للمؤتمر، وربما دموية، كالحادث الذي راح ضحيته مدير عام مديرية خدير احمد منصور الشوافي.

ويعود السبب في ذلك، إلى اجواء التنافس المحموم بين المؤتمريين الذي شهدته عدة دوائرة انتخابية قبل قرار تأجيل الانتخابات. ولئن كانت النتائج المتوقعة، رهنا بحزب المؤتمر نفسه، اي من حيث هو المعني باحتواء اثارها ونتائجها. لكن الموضوع ليس جديد على حزب كالمؤتمر، فهو حتى اثناء دخوله الانتخابات مع مشاركة المعارضين، لكنه مع ذلك، لا يسلم من تمردات تنظيمية على قراراته.

ربما الجديد في الامر، ان الاوضاع اختلفت كثيرا في الاونة الاخيرة، أو زادت تدهورا في قضايا وطنية عديدة، كما تسربت معلومات متزايدة، وان كانت غير جديدة، عن صراع اجنحة متفاقم داخل المؤتمر. والاكثر اهمية في هذا الاتجاه، هو ان العدو الخارجي الموحد لصفوف المؤتمريين، بدا كمن يريد فعليا اخلاء الساحة الانتخابية للمؤتمر.

ولم يكن من الصعوبة بمكان، ادراك الكثيرين بأن خطوات المعارضة الاضطرارية للانسحاب من العملية الانتخابية، ستؤدي إلى معارك انتخابية من نوع آخر، ولكن عبر نقل المعركة إلى صفوف المؤتمر. وكانت حمى التنافس بين مراكز النفوذ داخل المؤتمر ومع القوى الاجتماعية الاخرى قد بلغت ذروتها مع اقتراب موعد الاستحقاق الانتخابي المؤجل.

فعلى سبيل المثال، شهدت الدائرة (93 ) بمحافظة اب تنافسا بين قطبين ينتميان للحزب الحاكم. واشارت مصادر محلية مؤخرا إلى ان انصار النائب الحالي عن الدائرة باشروا حملة مضايقات لمدرسين اعضاء بالمؤتمر على خلفية التنافس على الدائرة. وبحسب ذات المصادر، فقد اسفرت الحملة عن اقصاء بعض هؤلاء من مناصب تربوية أو لجان في المؤتمر.

اما الدائرة (97)، فقد ظلت منذ اول انتخابات برلمانية وحتى الآن اشبه ما تكون بملكية خاصة لبيت الباشا. لكن مع توجه المعارضة لمقاطعة الانتخابات، اعلن منافس مؤتمري اخر من بيت الزمر الدخول بقوة على خط المنافسة. وزادت اشتعالا مع دخول الطرفين في نزاعات مختلفة ابرزها حول مشروع مياه بالمنطقة. وبما ان المشروع حسب على بيت الزمر ، فقد تولدت لدى الطرف الاخر نزعة اكثر انتقامية بهدف المحافظة على النفوذ.

اما في محافظة تعز التي عد مراقبون حادث مقتل مدير عام مديرية خدير بأنه من اقوى حوادث التصفية المخضبة بلون الدم على خلفية نزاع النفوذ بين أل الشوافي والنائب المؤتمري عن الدائرة (81). كانت الدائرة الانتخابية لمحافظ تعز الحالي، على موعد مع المجهول. فالدائرة (37 ) هي من دفعت بالمحافظ حمود الصوفي من شخص مغمور في اول انتخابات برلمانية، إلى مبنى البرلمان في انتخابات 97م، ثم وزيرا للخدمة المدنية، واخيرا محافظا لمحافظة تعز.

وواقع الحال، ان الدائرة لم تتحول إلى مؤتمر منذ انتخابات 97م فحسب، بل تحولت معها جميع الدوائر الانتخابية الاربع في شرعب إلى خزينة المؤتمر بفضل الصوفي، حد ان التوقعات المحلية التي سبقت اعلان التشكيل الحكومي الاخير، وضعته في سدة رئاسة الوزراء نظير جهوده في خدمة المؤتمر.

وكنتيجة لذلك، اثارت تحركات مراسل قناة العربية بنقل موطنه الانتخابي من العاصمة صنعاء إلى ذات الدائرة، تساؤلات حائرة لدى ابناء المنطقة، ولاشك انها اصابت الصوفي نفسه بعدما نقل عنه مايشبه تلك التساؤلات.

وقد حضر الرئيس والعميد يحيى محمد عبد الله صالح واخيه طارق في مجمل التساؤلات، لكن من الواضح ان تحركات مراسل العربية حمود منصر كانت تستعيد الماضي بحجة رفض توريث الدائرة.

اما في محافظة ذمار، فقد وضعت دائرة النائب المؤتمري المعروف عبد العزيز جباري منذ وقت مبكر في دائرة المنافسة واجواء التهيئة لبديل اخر. فسر الامر على انه توجه اعلى تقوده شخصيات اجتماعية وقبلية كالراعي وحمود عباد، بهدف معاقبة جباري على خلفية ارائه المخالفة لتوجهات المؤتمر.

وفي مقابل النشاط الانتخابي المبكر لوزير الشباب والرياضة الحالي في دائرته الانتخابية. فسرت انباء اعتزام شقيق جباري للترشح في نفس دائرة عباد، كخطوة رد، لولا ان الامر تم احتوائه بتراجع شقيق جباري عن الترشح في نفس الدائرة.

وفي مكان اخر من محافظة ذمار، هدد الشيخ حسين المقدشي بمخالفة قرارات المؤتمر اذا ما قرر الحزب اختيار النائب نجيب الورقي مجددا في الدائرة (198) . وبحسب معلومات من ذات المحافظة، فان التهديد لم يأت من فراغ بعد اتفاق سابق عقد في كواليس المؤتمر، واعطى الورقي تمثيل الدائرة في انتخابات 2003م، فيما وعد نجل المقدشي بالترشح باسم المؤتمر في الانتخابات المقبلة.

وفي الحديدة، دخلت الدائرة ( 181) في تنافس محموم بين رئيس فرع المؤتمر بمديرية حيس والنائب الحالي عن الدائرة. اعتقد الاول، بأنه الاجدر بتمثيل المؤتمر عن الدائرة. مرددا لابناء الدائرة جهوده السابقة في دعم النائب الحالي كمستقل في انتخابات 97م، وتمثله فكر المؤتمر في وقت لاحق. ولم يؤد التنافس بين الاثنين إلى اي نتائج غير مرضية باستثناء ما تركه من حساسيات مؤجلة، كما في باقي الدوائر الانتخابية.

*************( هل تحول المؤتمر إلى حزب؟ )

يفخر المؤتمر الشعبي العام بكونه من التنظيمات السياسية التي نشأت من داخل اليمن فكرا وتنظيما وتأسيسا، بخلاف الاحزاب السياسية الاخرى. وجاء تأسيسه كمظلة احتواء واستيعاب للقوى السياسية التي كانت تنشط في الظلام خلال تلك الفترة التي تأسس فيها التنظيم عام 1982م. ولكن من المفارقات المثيرة ان التنظيم ظل منذ تلك الفترة وحتى الآن يعتبر نفسه بمثابة "حزب الاحزاب" ومظلة استيعاب للناقمين ضد احزابهم القديمة، وكثيرا ما طرح سؤال مفاده، متى سيتحول المؤتمر إلى حزب؟

وهذا السؤال الذي يطرحه نقاد التجربة الحزبية اليمنية، دفع قيادات مؤتمرية متنوعة لبذل جهود الاجابة على السؤال. ومنذ التأسيس وحتى اليوم جرت تغييرات هيكلية عديدة للجهاز التنظيمي في المؤتمر. وقد مثل المؤتمر العام الخامس اهم المحطات على طريق تحول المؤتمر إلى حزب، ففيه جمعت كل الافكار المؤتمرية المتاحة، لكن المؤتمر ظل على الدوام مفتقدا للقواعد من غير السلطة والولاء لها.

وبصدد النقد، يذهب متابعون للتأكيد على ان المؤتمر هش البنى التنظيمية ولا يمتلك جهازا تنظيميا متماسكا، وضعيف البناء المؤسسي، ولديه قصور في المجال السياسي ويعاني من عدم انضباط اعضائه بالتعليمات.

ورغم القرارات والتعديلات التي جرت على اهم وثيقة ودليل بالمؤتمر العام الخامس، فان الممارسات اللاحقة لم تخرج عن صدارة التقييمات السلبية لدى ناقدي التجربة الحزبية في اليمن، وهو التقييم السلبي الذي لا يقتصر على المؤتمر وحده.

ومع الضجة الاعلامية الواسعة للمؤتمريين بخصوص اعادة الهيكلة ونتائجها المثمرة، فقد جاء المؤتمر العام السابع ( الدورة الاولى ) بنهاية العام 2005م ربما لتؤكد نفس التقييم الذي اعقب المؤتمر العام الخامس.

والحال ان تحولات وتغيرات كثيرة جرت على طريق التحول. تصدر الارياني الجهود في اهم مرحلة مفصلية للتنظيم اعقبت حرب صيف 94م ثم مؤخرا عبد القادر باجمال. تسائل الكثيرين عن جيل المؤسسين والرواد وعن الدكتور احمد الاصبحي والعنسي واحمد الشرعبي، وعن قوائم لا تنتهي من النسيان.

لكن يبدو ان تقاطع المصالح وتضاربها غالبا ما تحدث غموضا في التقييم الموضوعي والنهائي. كما يظل السؤال معلقا في ذمة المؤتمريين، هل اصبح المؤتمر حزبا؟..

• كاتب وصحفي يمني
• الناس

زر الذهاب إلى الأعلى