[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]

الذكرى الرابعة لرحيله: شرارة بو عزيزي أشعلت اليمن

مثلت الثورة التونسية بارقة أمل للشباب اليمني، الذي أصيب بإحباط جرّاء تفشي الفساد وسيطرة الرئيس السابق، علي عبد الله صالح، وأفراد عائلته على مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية.

عندما أحرق بو عزيزي نفسه في سيدي بوزيد، كان النظام اليمني السابق قد أوصل العملية السياسية إلى طريق مسدود، بعدما أكد عدد من الدلائل والمؤشرات رغبة "صالح" التمديد لفترة حكمه والتوريث لأكبر أبنائه.

وقتها، وصل الفساد في مؤسسات الدولة إلى مستويات غير مسبوقة، وزادت نسبة البطالة والفقر، ما جعل الشباب اليمني يشعر أن أي عملية إصلاح للنظام باتت مستحيلة، خاصة مع فشل أحزاب المعارضة.

وباندلاع الثورة التونسية تضامناً مع بو عزيزي، وصولاً إلى إسقاط النظام الحاكم وهروب الرئيس زين العابدين بن علي؛ تعامل الشباب اليمني مع الحدث كفرصة للتغيير الجذري في اليمن، باعتبار الاحتجاجات السلمية ناجحة في تحقيق أهداف الشعوب وإزاحة الأنظمة الفاشلة، والحكّام الذين قبعوا على كرسي الحكم طويلاً.

خرج عشرات من طلاب كليات العاصمة اليمنية منتصف يناير/ كانون الثاني بمسيرة شبابية من أمام بوابة جامعة صنعاء القديمة، وصولاً إلى السفارة التونسية. يقول مؤنس علي مؤنس (عضو مجلس شباب الثورة): "كان الخروج احتفائياً بنجاح الثورة التونسية، وإعلان تبني الأسلوب الثوري التونسي كوسيلة سلمية للتغيير الجذري في اليمن".

يضيف مؤنس "استمرت المسيرات الشبابية يومياً من بعد سقوط بن علي، وتفاعلت مع الاحتجاجات المصرية، حتى بدأ الشباب في طرح بعض المطالب الحقوقية، مثل الوظائف وإلغاء الرسوم الجامعية ومكافحة الفساد"، وتم نصب أول خيمة أمام بوابة جامعة صنعاء في 3 فبراير/شباط، ولأن الشباب في نهاية اليوم كان عددهم لا يتجاوز الثلاثين، استطاعت قوات الأمن تفريقهم بعد منتصف الليل.

وفور إعلان تنحي الرئيس المصري حسني مبارك، خرج الشباب في مسيرة كان هدفها الوصول إلى السفارة المصرية احتفالاً بانتصار الساحات المصرية. لم تتقدم المسيرة نحو السفارة سوى 40 متراً، وأحاطت بها سيارات الشرطة.

يروي عادل منصور (أحد الشباب الذين اعتقلوا في نفس اليوم) شهادته لـ"العربي الجديد" قائلاً: "لم نتوقع أن تكون ردة فعل الشرطة قاسية كون المسيرة كانت صغيرة، وحرية التجمهر قائمة إلى حد ما في اليمن".

ويواصل "رجال الأمن توجهوا نحونا معتقلين من لم يستطع الفرار، وكنتُ أحدهم وتم اقتيادي إلى أحد السجون بصنعاء لأقضي خمسة أيام كاملة دون أن يعلم أحد مكاني"، حيث تم اتهامي بإثارة الفوضى ومحاولة الاعتداء على السفارة المصرية.

كان الهدف نصب الخيام في ميدان التحرير بقلب العاصمة صنعاء، القريب نسبياً من مبنى السفارة المصرية، ولكن قوات الشرطة وأنصار الرئيس السابق استطاعوا تفريق الجموع.

بعد سقوط مبارك، صدر أول بيان عن شباب "ثورة التغيير"، فيه مُطالبة صريحة بإسقاط النظام ورحيل صالح وأسرته. بعدها توسعت الاحتجاجات في محافظات ومدن يمنية مختلفة، حيث قام شباب محافظة تعز، وسط اليمن، بنصب الخيام في منطقة "صافر" التي سُمّيت بعدها بساحة الحريّة، بعدما كانت السلطات تحرص على عدم تكون أي ساحة من ساحات الاعتصام.

لاحقاً استطاع شباب الثورة في العاصمة نصب بعض الخيام أمام بوابة جامعة صنعاء، والتي عُرفت بعدها بساحة التغيير حيث استوعبت مئات الخيم وآلاف المعتصمين المطالبين بإسقاط النظام.

هاشم الإبارة (من جرحى ثورة التغيير) يؤكد أن نجاح الثورة المصرية "ترك في نفوس الشباب في الساحات دفعة قوية، باعتبارها مؤشراً واضحاً على قدرة الشباب على التغيير وإسقاط أعتى الأنظمة سلمياً" بحسب تعبيره.

ويواصل "امتدت الاحتجاجات والاعتصامات حتى وصل عدد المحافظات التي أُنشئت فيها ساحات اعتصام إلى 18 محافظة، وكان الجميع يطلق صرخة واحدة (الشعب يريد إسقاط النظام)".

وعن رأيه في النتائج التي خلصت إليها ثورة التغيير الشبابية، يقول: "أنا راض كل الرضا على أداء وبطولات الشعب اليمني، الذي صمد ولم يلجأ لاستخدام السلاح رغم امتلاكه له، ورغم الاستفزازات والانتهاكات واستشهاد كثير من الشباب".

لكنه في المُقابل، يبدي عدم رضاه وأسفه لدور القوى السياسة والحزبية والعسكرية، التي "التفت على طموح الشباب في التغيير"، الأمر الذي أوصل اليمن إلى وضع مأساوي تتقاسمه الحركات والمليشيات المسلحة، بحسب تعبيره.

زر الذهاب إلى الأعلى