[esi views ttl="1"]
arpo28

الاشتراكي اليمني: تغييرات قياديّة وطموحات سياسيّة (تقرير)

أجرى الحزب الاشتراكي اليمني تغييرات طالت أعلى مستوياته القياديّة، مع اختيار عبد الرحمن عمر السقّاف أميناً عاماً للحزب، خلفاً لياسين سعيد نعمان، ومحمد المخلافي نائباً للأمين العام، خلفاً لسيف صائل خالد، بالإضافة إلى تغييرات في رئاسة المكتب السياسي والأمناء العامين المساعدين.

ويأتي انتخاب أعضاء اللجنة المركزيّة للحزب، السقاف أميناً عاماً، بعد يوم من اختتام "المجلس الحزبي الوطني للحزب الاشتراكي اليمني" (الكونفرنس)، الذي انعقد على مدى يومين في صنعاء تحت شعار "دولة اتحاديّة ديمقراطيّة من إقليمين تحتكر السلاح ويسودها القانون".

ويُعد الحزب الاشتراكي، ثاني حزب يجري تغييرات في صفوف قياداته في الأشهر الأخيرة، بعد "التنظيم الوحدوي الناصري"، الذي اختار عبد الله نعمان أميناً عاماً، خلفاً لسلطان العتواني، في شهر يونيو/ حزيران الماضي، والمؤتمر الشعبي العام الذي أقصى الرئيس عبد ربّه منصور هادي من منصب الأمين العام لصالح عارف الزوكا.

واستبق الحزب "الاشتراكي" انتخاب السقاف، بتسريب خبر عن استقالة الأمين العام السابق نعمان، الذي كان الرجل الأوّل في الحزب خلال الفترة الماضية، وهو مفكّر ومن القادة التاريخيين والسياسيين البارزين في اليمن، وسبق له أن ترأس حكومة اليمن الجنوبي، ثم البرلمان الأول في دولة الوحدة، وغادر إلى جانب عدد من قادة الاشتراكي عقب حرب صيف 1994، وانتخب في المؤتمر العام الخامس أميناً عاماً عام 2005، بعد عودته إلى البلاد. ولعلّ ما يميّز الأمين العام الجديد، وهو من مواليد عام 1956، أنّه لم يكن في الصفّ الأول للقيادات التاريخيّة للحزب الاشتراكي الذي حكم جنوبي البلاد حتى عام 1990. وقد تدرّج في مواقعه داخل الحزب وانتخب عضواً في المكتب السياسي، ثم رئيساً للدائرة التنظيميّة، وهي آخر المناصب التي تقلّدها قبل انتخابه أميناً عاماً. ويُعرف السقّاف بنشاطه التنظيمي والفكري داخل الحزب، أكثر منه خارجه على المستوى العام. ومن أبرز المناصب التي شغلها، عضويّة فريق (8-8) المصغّر في مؤتمر الحوار الوطني عن "الحزب الاشتراكي"، وهي اللجنة التي أقرّت أبرز وثائق الحوار الذي انعقد على مدى عشرة أشهر في الفترة الممتدة من شهر مارس/ آذار 2013 حتى شهر يناير/ كانون الثاني 2014.

ويتحدّر السقاف من منطقة الوهط، في مديرية تُبن، بمحافظة لحج الجنوبية، وهي المحافظة ذاتها التي ينتمي إليها سلفه نعمان، ويُعد اختياره في أحد أوجهه، تمسكاً لجناح تاريخي داخل الحزب يُعرف ب"الطغمة"، ويمثّل جغرافياً بمحافظات لحج والضالع، في مقابل جناح "الزمرة"، الذي يمثّل محافظة أبين، وهو جناح الرئيس الأسبق علي ناصر محمد، الذي غادر قيادة الحزب والدولة معاً، إبّان الحرب الأهليّة عام 1986.

تخصّص السقاف في التاريخ اليمني القديم، ونال دكتوراه في التخصّص ذاته. ويعتبر في مداخلة له، في إحدى الندوات عام 2013، أنّ السمة البارزة في نشاط الحزب "تتمثّل في تحوّله من محوريّة الأيديولوجيا إلى محوريّة السياسة"، ما يعني، وفق تفسيره، أنّه "أصبح بإمكانه الاعتراف بالآخر والانفتاح عليه والإقرار بوجوده ومصالحه، والتحاور معه بدلاً من التنافر على أساس أيديولوجي".

وكانت للسقاف رؤيته الاستباقيّة التي تتخوّف من مآل الوضع اليمني إلى ما هو عليه اليوم، وسبق أن أعرب عام 2012، في إحدى المقابلات الصحافيّة، عن تخوّفه من أن يستمرّ إضعاف القوات المسلّحة، لافتاً إلى أنّ "النتيجة بالمقارنة مع بلدان أخرى، جرى فيها إضعاف القوات المسلحة، كلبنان والعراق، ستكون بروزاً للقوى السياسيّة التي تستند إلى الميليشيات"، وهو ما حصل بالضبط بعد أقلّ من ثلاثة أعوام، حين اجتاحت الميليشيا العاصمة وبدت المؤسّسة العسكريّة اليمنيّة في وضع لا تُحسد عليه.

وإذا كان "الاشتراكي"، كحزب حاكم في الجنوب سابقاً، أبرز القوى السياسيّة التي تتحدّث عن "القضية الجنوبيّة" كقضيّة مركزيّة في الوضع اليمني، لكنّ الأمين العام الجديد يلخّص رؤيته للقضيّة بأنها "تطرح مشكلات كثيرة، ويتجلى ملمحها الأبرز في شكل أزمة بنيويّة للوحدة القائمة، ما يتطلّب استخلاص حلول تمسّ كلّ الدولة ومضمونها". وفي حين يتبنّى الحزب التقسيم الفيدرالي لليمن إلى إقليمين، ينتقد السقاف، في الوقت ذاته، الدعوات التي تنكر الهوية اليمنيّة للجنوب، ويدعو إلى التحرّر "من أوهام الأم والبنت، الأصل والفرع، أو أوهام نحن لسنا بيمنيين وليس لنا صلة باليمن".

أبو إصبع والمخلافي
وشملت تغييرات الحزب "الاشتراكي" أيضاً، تعيين محمد المخلافي نائباً للأمين العام، وهو رئيس الدائرة القانونيّة للحزب ووزير الشؤون القانونيّة، بالإضافة إلى يحيى منصور أبو إصبع، لرئاسة اللجنة المركزيّة، وهو موقع مستحدث، بموجب التعديلات الأخيرة في النظام الداخلي. وكلاهما (المخلافي وأبو إصبع) شماليان، وقد انتُخب مساعدان لأبو اصبع هما فضل الجعدي، كسكرتير أول لمنظمة الحزب الاشتراكي في محافظة الضالع، وطيبة بركات كسكرتير أول لمنظمة الحزب الاشتراكي في محافظة الحديدة.

ويحمل البيان الختامي الصادر أخيراً عن المجلس الحزبي الوطني للحزب، رؤية طموحة تهدف إلى سدّ الفراغات التي أحدثها ضمور دوره بعد حرب 1994، وتعرّض العديد من مقاره للمصادرة. وهو يُشدّد على "عدم قبول أن يظلّ الحزب لاعباً ثانوياً في المشهد الثقافي والإعلامي اليمني"، لافتاً إلى "تكليف اللجنة المركزيّة بإنشاء مؤسّسة إعلاميّة متكاملة من قناة فضائيّة ومحطة إذاعيّة وصحيفة يوميّة ومجلة فصليّة ومواقع إلكترونيّة".

زر الذهاب إلى الأعلى