[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]

اليمنيون والصيف: حرٌ حربٌ... ولا كهرباء

ليست الحرب وحدها ما يفتك بأرواح اليمنيين، بل إن ارتفاع درجات الحرارة هي الأخرى تهدد حياة ساكني المناطق الساحلية والصحراوية في اليمن، ما يدفعهم إلى لعن الصيف وحره.

صحيح أنه لم يتم رصد حالات وفاة بسبب ارتفاع درجة الحرارة، إلا أنها كانت سبباً في انتشار مرض "حمى الضنك" الذي يخشاه الكثير من اليمنيين ويسمونه بالمرض القاتل، خاصة في ظل ضعف الإمكانيات الطبية لمواجهته. وتقول الإحصائيات إن عدد الوفيات بسبب مرض "حمى الضنك" في عدن بلغ 586 حالة، إضافة إلى نحو 7000 حالة إصابة.

محمود الشميري، من أبناء محافظة الحديدة، يقول إن السكان يعانون من ارتفاع درجة الحرارة بشكل كبير في ظل انقطاع التيار الكهربائي، ولا يمكنهم مواجهة ذلك الحر بسبب زيادة الفقر. ويشير لـ"العربي الجديد"، إلى أن أغلب من يعانون من مرض "حمى الضنك" لا يجدون كلفة العلاج، الذي ترتفع أسعاره بصورة كبيرة، حيث يحتاج المريض إلى ما لا يقل عن 100 دولار في كل زيارة للطبيب، في حين يحتاج المريض إلى أكثر من 5 زيارات ويستمر العلاج لأشهر. ويتابع الشميري: "الشريحة الأغلب في الحديدة تضطر للجوء إلى الطب الشعبي وتناول الليمون والتمر الهندي".

هذه الوسائل والأساليب التي يلجأ إليها الفقراء للتخفيف من أوجاع مرض "حمى الضنك" عن طريق الطب الشعبي يراها الطبيب خالد الصلوي غير مجدية وتعمل فقط على مد الجسم بالمقاومة المؤقتة، في حين يتطلب المرض الكشف المبكر والتشخيص الدقيق والعلاجات المناسبة. ويقول لـ"العربي الجديد"، إن علاج "حمى الضنك" الذي يشتد في المناطق الحارة مكلف للغاية ويتطلّب في المتوسط مبلغاً وقدره 1000 دولار في حال الكشف المبكر، وهو ما لا يقدر عليه حوالي 70% من سكان المناطق الحارة.

المواطن طلال أبو رجاء (عدن)، يمتلك 5 مكيفات في منزله، إلا أنه يعاني كغيره من الانقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي، ويقول لـ"العربي الجديد"، إن تحقيق العيش برفاهية في أوقات الصيف يتطلب مبالغ مالية باهظة، خاصة أن عمل هذه المكيفات مرتبط بالكهرباء، وفي ظل الانقطاع المستمر للكهرباء يتطلب ذلك توليد الكهرباء عن طريق مولّد كبير تصل قيمته إلى 3000 دولار، كما يتطلب ذلك توفير الوقود للمولّد شهرياً، وهي مشكلة أخرى في ظل انعدام المشتقات النفطية.

ويعتمد الكثير من أبناء المناطق الحارة في اليمن على المراوح المعلقة في الأسقف لتخفيف حرارة الجو، وينظرون إلى المكيفات على أنها نوع من الترف الزائد وتوفيرها يتطلب تكاليف مالية تفوق إمكانياتهم.

عملية توفير الوسائل الممكنة للتخفيف من شدة الحرارة مُكلفة في اليمن، ويرى ما يزيد عن 70% من سكان المناطق الحارة في اليمن بأنها مستحيلة، وفقاً للباحث الاقتصادي عامر عبد الوهاب. ويقول لـ"العربي الجديد"، إن توفير 800 دولار على الأقل لشراء 3 مكيفات من قبل أُسرٍ محدودة الدخل وأخرى لا دخل لها، مسألة مستحيلة وصعبة، فضلاً عن توفير البدائل المتعلقة بتوليد التيار الكهربائي والتي تُعد مكلفة أيضاً. ويشير عبد الوهاب إلى أن مسؤولية توفير الخدمات الأساسية بما فيها الكهرباء والخدمات الصحية وأساليب ووسائل العيش الكريم تقع على الدولة التي لم تقم بواجبها بالشكل المطلوب.

ويؤكد عبد الوهاب أن العواقب الاقتصادية لمرض "حمى الضنك" والأمراض الأخرى الناجمة عن ارتفاع درجة الحرارة على المدى الطويل تتمثل في خلق تحديات تنموية معقدة، فضلاً عن إهدار النمو الاقتصادي والاجتماعي وتوليد صعوبات متعددة في المجال الصحي ومستوى الإنتاجية، الأمر الذي لا يمكن للدولة اليمنية تحمّله.

في اليمن تتم صناعة ما يُعرف ب"المكيفات الصحراوية وبرادات المياه"، وذلك في مدينة تريم بحضرموت، ويقول إبراهيم بن علي، أحد تجار هذه المكيفات، لـ"العربي الجديد" إن هذه المكيفات بأحجامها المختلفة تحظى برواج كبير في المناطق الصحراوية. ويؤكد بن علي أن هذه المكيفات ستحظى بإقبال متزايد في حال تم تطويرها لتتناسب مع مختلف المناطق الحارة في اليمن كونها تتمتع بأسعار مناسبة، حيث يبلغ سعر المكيف في المتوسط 150 دولاراً.

زر الذهاب إلى الأعلى