[esi views ttl="1"]
رئيسية

افواه جوعى ومليارات لشراء الاسلحة.. ماذا جنى الرئيس من زيارته لموسكو؟

شاكر أحمد خالد

احتلت صفقات السلاح الروسي، والديون اليمنية المستحقة لروسيا، بالاضافة إلى قضايا التعاون العسكري والاقتصادي وفي مجالات القرصنة ومكافحة الارهاب حيزا واسعا في المباحثات التي اجراها رئيس الجمهورية مع المسؤولين الروس في موسكو.

وترددت الانباء حول الرغبة اليمنية المتزايدة لشراء المزيد من الاسلحة الروسية قبيل الزيارة الرئاسية بفترة، اذ غالبا ما تثير الزيارات المتبادلة بين الجانبين حديث مماثل بسبب ان اليمن تعد اهم الاسواق الرئيسية للسلاح الروسي.

ورغم مواراة المصادر الرسمية مثل هذه المعلومات بالتكذيب والنفي المعتاد، الا انها عادت لتؤكد ذلك، فيما كشفت وسائل الاعلام الروسية عن ما يشبه "مقايضات" بين حاجة اليمن للسلاح مقابل الاعفاء من الديون وتحديث الجيش مقابل تقديم التسهيلات العسكرية والاقتصادية لروسيا تحت لافتة التعاون الاقتصادي ومكافحة القرصنة البحرية.

وبخلاف تصريحات سابقة، قالت وسائل الاعلام الرسمية أن من أهم النتائج التي تمخضت عنها زيارة رئيس الجمهورية لروسيا "عقد صفقة أسلحة وتجهيزات عسكرية روسية من مختلف التشكيلات البرية والبحرية والجوية لتعزيز القدرة الدفاعية لليمن في مجال مكافحة الإرهاب والقرصنة البحرية."

موضحة ان الصفقة التي تبلغ قيمتها حوالي مليار دولار أمريكي تشمل عددا من طائرات الميج 29 المحدثة وطائرات الهيلوكبتر المقاتلة، بالإضافة إلى دبابات (تي 80) الحديثة و(تي 72) المطورة ومدرعات (بي تي آر 80 ) الحديثة وزوارق بحرية وأجهزة اتصال حديثة وناقلات جند وغيرها من المعدات والتجهيزات العسكرية الحديثة.

وتعتبر قيمة الصفقة المعلنة رسميا والمقدرة بحوالي مليار دولار أكبر بكثير من توقعات بعض المصادر الاعلامية الروسية نفسها والتي كانت قد اشارت إلى ان البلدين قد يبرمان اتفاقا بقيمة 250 مليون دولار لبيع اليمن مئة آلية مصفحة و300 شاحنة وخمسين مدفع هاون بذخيرته.

لكن صحيفة كومرسانت الاقتصادية اعتبرت هذا الرقم اقل بكثير من توقعات روسيا التي كانت تأمل في ان تحصل على جزء كبير من برنامج تحديث الجيش اليمني والبالغة قيمته اربعة مليارات دولار.

وقالت الصحيفة انه قبل اسبوعين من زيارة صالح، زار مسؤولون يمنيون موسكو لشراء عدد كبير من المعدات العسكرية الا ان المحادثات فشلت بسبب طلب اليمن بالغاء دين بقيمة 1,2 مليار دولار.

وردا على اسئلة حول تمويل الصفقة، قال الرئيس ان اليمن لديها مبالغ كافية لتغطية ثمن الاسلحة. مضيفا "اذا ساعدنا الروس في العثور على مزيد من النفط والغاز والمعادن فسيكون ذلك افضل وبعد ذلك سنشتري العديد من الطائرات بكل تاكيد."

وقال ايضا لصحيفة "فريميا نوفوستي" "لقد امتلكنا طائرات ميغ-29 لفترة طويلة، وهي مقاتلات جيدة، ويكفي أن نقول اننا نعتزم شراء مزيد منها، ولن اقول كم سنشتري ولكن سنشتري طائرات ميغ-29 وميغ-35."

وتحت عنوان "رئيس اليمن يستبدل الديون بالأسلحة" كتبت صحيفة "كوميرسانت" تقول ان الرئيس اليمني جاء إلى موسكو بخطة شاملة لتعزيز التعاون بين البلدين ، تقضي بشطب الدين اليمني لروسيا بمقدار لا يقل عن 2.5 مليار دولار.

وفيما اشارت إلى مقابل هذه التطلعات والتي تقضي بمنح موسكو الحق بتطبيق البرنامج الواسع النطاق الخاص بتحديث الجيش اليمني بما قيمته 4 مليارات دولار. بالاضافة إلى ضمان مشاركة المؤسسات الروسية في تحقيق مشاريع مدنية كبرى داخل اليمن. غير ان الصحيفة، اوضحت ان المشكلة تكمن في ان اليمن تحاول المراهنة على نيل تسهيلات كبيرة فيما يتعلق بشراء الاسلحة في الوقت الذي لا تجد موسكو نفسها مستعدة لها، بشكل كامل في ظروف الازمة الاقتصادية.

********( موسكو تذرعت بتأخير الزيارة)

مؤكدة ان الرئيس على عبد الله صالح كان منذ فترة يبدى رغبته في زيارة روسيا، لكن موسكو كانت طيلة السنة المنصرمة تؤخر الزيارة بحجة وجود جدول اعمال المكثف لدى القيادة الروسية. وفي واقع الامر وبحسب معلومات الصحيفة فان ثمة عامل أخر كان يحول دون الزيارة هو عدم وجود اتفاقات جادة في مجال التعاون العسكري التقني.

ومضت الصحيفة قائلة ان العسكريون الروس يعطون "اهمية بالغة لليمن، التي تحتل موقعا استراتيجيا هاما في الجزيرة العربية يسمح لها بالسيطرة على احد اكثر المسارات البحرية حيوية الذي يربط اوروبا بآسيا، عن طريق قناة السويس، فيما تعول القوة البحرية الروسية على استعادة قاعدة بحرية لها في جزيرة سقطرة اليمنية ، الامر الذي يتيح لها امكانية السيطرة على قسم من المحيط الهندي ، بما في ذلك حركة ناقلات البترول الكبرى القادمة من الخليج العربي."

ومع استحسان العسكريين الروس الاسراع في ابرام العقود في هذا المجال خصوصا بأن هناك دول اخرى تحاول التمسك بسوق الاسلحة اليمنية. غير ان المصادر الروسية توقعت عدم تكلل المباحثات بالنجاح التام. معتبرة ان شطب قيمة 1.2 مليار دولار من الدين اليمني يعد تنازلا لا معنى للحديث بعده في موضوع اية تسهيلات اخرى لليمن.

وذكر الناطق باسم وزارة الخارجية الروسية في حديث مع مراسل صحيفة "كوميرسانت" بان روسيا كانت قد شطبت القسم الاكبر من الدين اليمني بمقدار 6.6 مليار دولار بعد وقوع الازمة العالمية السابقة، ولم تحصل على شيء مقابل ذلك.

وبدوره أكد البروفيسور اناتولي يغورين رئيس مركز "الحوار الروسي العربي" في تصريحات لصحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" أن اليمن نجح في إنماء قدراته خلال الأعوام القليلة الماضية. وبالتالي، قال ان لليمن مصلحة في الحصول على الدعم السياسي والعسكري والاقتصادي من روسيا في حين أن لدى روسيا مصلحة في استخدام الموانئ اليمنية. ورأى أن المساعدة التي يمكن أن تقدمها روسيا إلى اليمن يمكن أن تحقق لروسيا فوائد سياسية وتساعدها على استعادة هيبتها في العالم العربي.

وربطت عدة وسائل اعلامية بين اجندة الزيارة وما اعتبرته تطلعات روسيا الاخيرة في عدة مناطق بالعالم. واذ قالت ان سفن حربية روسية تسير دوريات في خليج عدن منذ نهاية العام الماضي في اطار جهود دولية لحماية الممر الملاحي قبالة ساحل الصومال من هجمات القراصنة.

ابرزت تصريحات رئيس الجمهورية على هامش مباحثاته مع نظيره الروسي دميتري مدفيديف في الكرملين والتي اكد فيها استعداد اليمن لتقديم المعونة إلى السفن الحربية الروسية العاملة في مكافحة القراصنة وتوفير جميع التسهيلات اللازمة لها في منطقة خليج عدن والقرن الافريقي.
موضحة ان الرئيس صالح ابلغ نظيره الروسي ان اليمن يرغب في بحث كيفية مواصلة توفير كل التسهيلات اللازمة التي تحتاجها السفن الروسية للمساعدة في مكافحة القرصنة بالمنطقة. مضيفا أن مكافحة القرصنة تمثل أهمية كبرى لليمن.

******** ( السلاح مقابل التسهيلات العسكرية)
وتكهن خبراء عسكريون روس ومسؤولون كبار بأن اليمن قد يكون ضمن عدة دول في المنطقة ستستضيف قواعد روسية في المحيط الهندي والبحر المتوسط. وقال محللون ان وجود السفن الحربية الروسية في المنطقة جزء من محاولات الكرملين لاستخدام قوته العسكرية من أجل الاضطلاع بدور أكبر في السياسة العالمية.

واثار التواجد العسكري المكثف في المياه الاقليمية مؤخرا بحجة مكافحة القرصنة وسط دعوات يمنية رسمية سابقة حول انشاء مركز اقليمي للمتابعة، وامكانية توطين اللاجئين في جزيرة سقطرى وغيرها تساؤلات قلقة حول مصير السيادة اليمنية.

واضفت التحركات اليمنية مع الاطراف الدولية الكبرى وبالذات روسيا طابع الغموض، الامر الذي فسره بعض مراقبون بمحاولة يمنية لكسر حاجز الثقة المهزوزة بين صنعاء بين صنعاء وواشنطن خصوصا بعد التطلعات الاخيرة التي ابداها "الدب الروسي" لمعاودة منافسة نفوذ أمريكا.

وفي اكتوبر الماضي، أعلن سيرغي ميرونوف رئيس مجلس الفدرالية الروسي في مؤتمر صحفي بصنعاء انه لا يستبعد استعادة تواجد الاسطول البحري الروسي في اليمن مستقبلا. واضاف قائلا ان هذه المسألة بحاجة إلى حلول تدريجية، آخذا بالحسبان اتجاهات جديدة في سياسة روسيا الخارجية والدفاعية وزيادة عدد رحلات يقوم به الاسطول الروسي في المحيط العالمي.

وقال سيرغي ميرونوف مجيبا عن سؤال حول احتمال استعادة القاعدة البحرية الروسية في جزيرة سقطرة، انه من المحتمل النظر في الاستعانة بالموانئ اليمنية لا بهدف زيارات السفن العسكرية الروسية فقط فحسب بل والاهداف الاكثر استراتيجية.

ونقلت وكالة أنباء ايتار تاس الروسية عن مسؤول عسكري روسي لم تكشف عن اسمه في 19 يناير الماضي قوله ان موسكو اتخذت بالفعل "قرارا سياسيا" بانشاء قواعد بحرية في ليبيا وسوريا واليمن في غضون بضع سنوات.

وبالاضافة إلى صدور نفي روسي على لسان مساعد القائد العام للأسطول البحري الحربي الروسي لشؤون الإعلام العقيد البحري إيغور ديغالو لذلك حين قال ان الأنباء التي أوردتها وسائل إعلام روسية بخصوص إنشاء قواعد بحرية روسية في اليمن وسوريا وليبيا "ليست معلومات روسية ولا تمت للواقع بصلة."

قال وزير الخارجية الدكتور أبو بكر القربى ان اليمن لم يتسلم من موسكو أي طلب بخصوص اقامة قواعد عسكرية على أرضه. مضيفا "ان كل ما طلبته روسيا هو تقديم تسهيلات وخدمات تموينية لسفنها وبوارجها وهذا الطلب مازال تحت الدراسة."

وتعليقا على الزيارة الرئاسية إلى موسكو، نقل عن السفير اليمني في روسيا القول ان اليمن لها مصلحة في معاودة التعاون العسكري الفني مع روسيا. واضاف "لدينا كل الاستعداد والمسوغات لذلك، علما بأن 90 بالمائة من التقنية العسكرية الموجودة في تسلح الجيش اليمني هي من إنتاج الاتحاد السوفيتي السابق، وجميع الطائرات اليمنية هي من إنتاج سوفيتي.. وتسعى القيادة اليمنية إلى أن تصبح القوات المسلحة اليمنية حديثة وقادرة على الدفاع عن سيادة البلاد ووحدة أراضيها، وليس لدى اليمن أية مشكلة بشأن الأراضي مع الدول المجاورة والمهم بالنسبة لنا هو الاستقرار السياسي والاقتصادي داخل اليمن."

وفي اطار استعادة المصادر الروسية لنماذج مختلفة من علاقات التعاون بين البلدين، ذكرت ان اليمن تحول في الاعوام الاخيرة إلى زبون دائم لشراء مختلف اصناف الاسلحة، وان صنعاء انفقت منذ عام 1998 مبلغ ملياري دولار، وان حصة السلاح الروسي منها تعادل النصف.

واوضحت ان روسيا زودت اليمن بالمقاتلات المتطورة ميج – 29 س م ت والمروحيات مي – 17 والعربات القتالية للمشاة ب م ب – 2 وغير ذلك من المعدات العسكرية، وان العقود حول توريد المقاتلات والمروحيات تضمنت مواصلة المشتريات.

كما اشارت إلى انه منذ عدة اعوام قدمت روسيا إلى الرئيس علي عبد الله صالح المروحية مي – 171 من طراز VIP . وقالت انه "في مارس/آذار عام 2007 جرت مكالمة هاتفية بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس علي عبدالله صالح طلب فيها الاخير تقديم ارساليات عاجلة من المعدات الحربية إلى اليمن بأسعار تسهيلية بسبب العمليات القتالية الجارية في محافظة صعدة."

[email protected]
كاتب رأي

زر الذهاب إلى الأعلى