[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]
آراء

اليمنيون وأهمية استيعاب التحولات

اليمنيون وحدهم، في حال أنهم استوعبوا الأبعاد العميقة للتحولات الخطيرة الجارية في المنطقة، بإمكانهم أكثر من غيرهم، تقويض آفة الفقه السني المتمثل بالحكم في قريش، وآفة الفقه الشيعي المتمثل بالحكم في أهل البيت.

 
اليمنيون ..لو لم يكونوا الحامل الموضوعي للإسلام ماتقدم شبرا من قريش أصلا، وهم بكل عنفوانهم التوحيدي والحضاري من هزموا الامبراطوريتين الفارسية والبيزنطية، كما فتحوا الأمصار كلها شرقا وغربا، حتى غيروا وجه التاريخ تماما وأصابوه بالذهول.

 
لكن بغض النظر عن مآلات تلك التجربة التاريخية الخالدة ، بما لها وبما عليها: اليمنيون داخل اليمن وخارجها؛ صاروا يعلمون جيدا أنهم يدفعون ضريبة الانهيارات الحضارية للإسلام؛ بعد أن دفعوا ضريبة الانهيارات الحضارية لدولهم القديمة التي تصدعت بعد عطاءات مشهودة في سجل الإنسانية وتطورها ، منذ سبأ وحتى حمير التي كانت موحدة بالله قبل أعراب قريش.

 
فيما تلك الانهيارات قد أصابتهم بتغريبة مزدوجة منذ زمن طويل للأسف . ولذلك ينبغي أن يكونوا أبرز المهمومين-اليوم- بتغذية وتفعيل مشاريع تحديث الدول والمجتمعات العربية على ضوء الإصلاحات الدينية والسياسية الناضجة والمدركة للمآزق المتراكمة والهائلة.

 
فالذي حصل ببساطة ، هو أن قريش استغلتهم واستلبتهم داخل اليمن وخارجها؛ وبشقيها الأموي والهاشمي معا.

 
بينما عليهم أن يحددوا مواقف عقلانية، تنحاز للمواطنة و للدولة، بالضد من الحكم باسم القبيلة أو باسم السلالة أيضا، وبالتالي جمع شمل الملل المختلفة في العالم العربي ، في مشروع نهضوي حضاري جوهره الاصلاحات الدينية والسياسة، بدون تفريق بين الجنس والمذهب، وكذا الايمان التام بأن لاطاعة لمن ينتهك الحقوق والحريات.

 
والشاهد أن من سينكر دور اليمانية، لايعرف شيئا في التاريخ: كل قبائل اليمن موجودة، ولها أساس في كل مكان بالعالم العربي؛ وأبناؤها لاعبون ذوو أدوار أساسية في حياة المجتمعات والدول التي أصبحوا جزءاً أصيلا في نسيجها طوال قرون، وتحديدا منذ ماقبل مرحلة الإسلام وليس منذ مابعد مرحلة الإسلام فقط.

 
بينما كان لافتا "أن الانتماء إلى اليمن لم يكن يشكل عائقاً أمام اليمنيين للاندماج في جسم المجتمع العربي الكبير".

 
وفيما كان الصراع بين اليمانية القحطانية ، والقيسية النزارية مثلا، عبارة عن صراع عصبوي دون مشروع أو لصالح الاستغلال السياسي للدين؛ يمكن القول: آن له -وفقا لمختلف تمظهراته المعاصرة بالمحصلة - أن يكون من أجل المواطنة المتساوية، ومن أجل عدم الإستغلال السياسي للدين.

 
بمعنى آخر :" الإسلام الديمقراطي هو تأويل الإسلام ليستوعب الحداثة ومفاهيمها .بينما ليس هناك أي تناقض بين الديمقراطية والاسلام . كما لن ندخل في المستقبل اللائق دون أن ندين الإرهاب بشدة ونعتبره خارجا عن سياق الإسلام نفسه ".

 
ذلك أن سر المأزق الديمقراطي سببه الإستغلال الديني من قبل رجال الدين الذين قاموا بتشويه الديمقراطية؛ أو قبلوا بها على مضض، لكن غايتهم عدم حماية الأقلية من ديكتاتورية الأكثرية ؛ أو عدم حماية الأكثرية من ديكتاتورية الأقلية. ولذلك كان من الطبيعي أن الخطاب السياسي الإسلامي لايخلو من تناقض وتبرير للطغيان أفضى إلى كل هذه الانهيارات الاستبدادية و التطييفية.

 
بالمقابل" فإن عالمنا العربي يبقى غير قابل للفهم وللتشخيص، بدون استيعاب جذوره التاريخية. وهذا بالتأكيد لايعني نزع الدين من حياة الناس، كما يروج الأوغاد والأغبياء، وإنما يعني نزع الكهنوت الديني المعيق لتحرر الناس ، لأن الدين لايمكنه أن يكون مع لامساواة الناس في الحقوق المدنية والسياسية.

 
وفيما التفكير الحر ليس كفرا، فإن مطالب الإنقاذ العربي ليست عنصرية.

 
كذلك هناك من سيختلف معي في الأمر، وهناك من سيفهمني. ولكن بين المنطوق به والمسكوت عنه في إضمارات الصراع أو التحالف اليمني القرشي؛ ثمة آثار كبيرة في نشأة وتكوين الوجدان العربي والإسلامي لاينكرها أحد.

 
أما الفارق الذي يجب استيعابه بين الضفتين، فهو أنه ليست هناك مزاعم وادعاءات يمنية باحتكار الحكم دينيا على الإطلاق.

 
ولعل هذا مايمثل المدخل الاجتماعي و السياسي الحيوي لنقد وإدانة المزاعم والادعاءات القرشية الكابحة لتطور العرب والإسلام أيضا.

زر الذهاب إلى الأعلى