ماتزال اليمن مختطفة من قبل مليشيا وقوات الحوثي والرئيس السابق، فيما الرئيس هادي منشغل في أمور لا داعي لها؛ على شاكلة التعديل الحكومي الذي أجراه اليوم، وتضمن تعيين 3 نواب لرئيس الوزراء، ورئيساً لجهاز الأمن السياسي. أين هي هذه المناصب الحكومية التي تحتاج مسؤولين لها؟!
المنطقي أن تتركز الجهود على استعادة الدولة المختطفة، وليس اثقال جهازها الإداري المثقل والمتداعي بتعينات شكلية لا تقتضيها الحاجة، ولا يفرضها واقع الحال. لعل هادي أراد من خلال تعيين وزير جديد للخارجية أن ينهي الخلاف القائم، منذ أشهر طويلة، بينه وبين رئيس الوزراء. لكنه إذ طوى صفحة رياض ياسين، فتح صفحة خلاف أخرى مع خالد بحاح. وبعد ساعات من صدور التعديل الحكومي، تحدثت وسائل إعلامية عن غضب بحاح، لأن الرئيس هادي اتخذها قرارات التعديل "بشكل منفرد وطغى عليها طابع الارتجال".وبشكل مباشر، انعكس الارتجال في إعلان صلاح الشنفرة رفضه قرار تعينه وزيراً للنقل.
أبرز ما في التعديل هو تعيين حسين محمد عرب وزيراً للداخلية. لعل مبرر إعادة بعث حسين عرب هو القول بحاجة اليمن إلى وزير داخلية صاحب خبرة وفاعلية شخصية وجهوية! لكن مهما كانت فاعلية وقوة وزير الداخلية تبقى مهمته الرئيسية (ضبط الأمن في عدن، وبقية المدن الواقع تحت سيطرة الشرعية) مهمة صعبة، لأن الحرب الجارية تربط هذه المهمة بحيوية وقوة الجالس على كرسي الرجل الأول. وفي الظروف الحالية فاليمن بحاجة إلى قائد، وليس وزير داخلية.
ضعف الرجل الأول في البلاد يحول دون قيام وزير الداخلية بمهامه؛ ذلك أن المشكلة الحالية لليمن تكمن في تداعي الكيان الوطني ومضيه نحو التشظي والتمزق، وما الانفلات الأمني الحاصل إلا انعكاساً مرحلياً للتداعي القائم جراء انقضاض مليشيات الحوثي على الدولة الهشة، ثم تغولها، وبقية المليشيات، على المجتمع اليمني شمالاً وجنوباً. والمعنى من هذا أن مهمة فرض الأمن لا يمكنها أن تتم إلا ضمن جهد جمعي، ومسار حكومي ووطني أوسع هدفه إعادة فرض سلطة الدولة؛ وذلك يحتاج إلى جهود وطاقات أكبر من قدرات وإمكانيات وزارة الداخلية، أو أي وزارة أخرى.
وإذا كان ضعف الرجل الأول في البلاد حال، حتى الآن، دون حسم الحرب الجارية، ودون استعادة دولة اليمنيين وعاصمتهم الوطنية؛ فهو سيحول، بلا شك، دون قيام وزير الداخلية بمهامه، بغض النظر عن هوية وشخص الوزير. والمؤكد أن ضعف الرئيس هادي عطل ويعطل فاعلية الجهات الرسمية والوطنية الأخرى.
في الحروب، ضعف الرجل الأول يلقي بظلاله على مسؤوليه وموظفيه ومقاتليه. وبدرجات متفاوتة، يحول ذلك دون قيام الجميع بواجباتهم والمهام المطلوبة منهم كما ينبغي ويجب. لا يعني هذا إعفاء المسؤولين والموظفين الحكوميين من مسؤولياتهم الوظيفية والوطنية، فمجرد قبولهم العمل مع شخص ضعيف يجعل المسؤولية مضاعفة عليهم.
في الحروب، يصبح كل شيء مرهون بشخصية القائد. ومأساة اليمنيين أنهم يخوضون الحرب الحالية وهم دون قائد.