ليست استراتيجية حرب..!
تحدثت إلى صديق سعودي عزيز فيما يخص مستجدات وضع العمالة اليمنية في السعودية ، فقال: أرى أن هذه ليست استراتجية حرب، فقلت : إنها لا تصلح أن تكون استراتيجية مع اليمن حتى في وقت السلام ..!
تطرقت إلى موضوع العمالة اليمنية في السعودية ،منذ سنين، وكنت ممن يتوخى عودة الأمور إلى ما كانت عليه قبل عام 1990، بإزالة الكفالة التي فرضت على اليمنين حينها بسبب ملابسات غزو الكويت الشقيق من قبل العراق .. وكنت ممن يقدر أن اتفاقية إبرام الحدود مع المملكة في عام 2000، سيعيد الأمور إلى ما كانت عليه قبل غزو الكويت، غير أن ذلك لم يتم، وعندما كنت أسأل بعض الذين كانوا قريبين من المباحاثات في ذلك الزمن، يفيدون بأن الجانب السعودي لم يكن ممانعا من عودة الأمور إلى ما كانت عليه، لكن الأمر كان يلزمه متابعة من الجانب اليمني حينها..لعل المتابعة لم تكن كما ينبغي..
بتدخل من فخامة الرئيس هادي، وافق خادم الحرمين الشريفين، في بداية الحرب، مشكورا، على منح بطاقة زائر لحوالي نصف مليون يمني كانوا يقيمون بشكل غير نظامي،في السعودية، ومنح أكثرهم إقامات نظامية..
شكل الرئيس هادي مؤخرا لجنة للتواصل مع الجانب السعودي فيما يخص معالجة وضع العمالة اليمنية، ولست أعلم ما الذي أحرزته اللجنة لحد الان..
ما دفعني للتساؤل الآن هو مشهد طلاب يمنيين، قيل إنهم متفوقون، بُثت صورهم وهم يغادرون بصفة نهائية، ويودعون زملائهم السعوديين في إحدى مدارس المملكة، وكان المشهد مؤثرا جدا..وقيل إن السبب أن والدهم لم يعد قادرًا على دفع تكاليف الإقامة وفقا للشروط الجديدة، ولا بد أن مثل ذلك المشهد ليس فرديا..
ذكرني مشهد الوداع المؤثر، بمشهد وداعي لزملائي الأعزاء الطلاب السعوديين عام 1987، بعد تخرجي من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن.. كان الوداع حينذاك طوعيا، وكان السلام وقتها يعم اليمن ..
وأتذكر موقفا آخر عند ما خلصنا من امتحان القبول للإلحتاق بالجامعة، قال لي السيد فارس الحربي مدير العلاقات في الجامعة : أنتم أهلنا ولكم وضع خاص..في الحقيقة تم قبولي في جامعتين حينها، كلية الهندسة جامعة الملك سعود، وجامعة الملك فهد للبترول والمعادن..!
وإذا أخذنا ما يجري الآن بعين الإعتبار، فالسعودية واليمن أقرب إلى بعضهما في هذه اللحظة التاريخية من أي وقت مضى..ولعل مواجهة الحقائق على نحو غير مسبوق في اللحظة الراهنة، تحتم أن نهيء كل ما يجب لنكون أقرب إلى بعض في المستقبل أيضا..
أرجح أن بعض السياسات فيما يخص العمالة وضعت في وقت سابق، وتطبق الان إداريا وفنيا، على الأرجح دون مراجعة، في ضوء التطورات والمستجدات، وخاصة ما يجري في اليمن، ولعل الملك الجليل وولي عهده المتميز، اللذين نقدرهما كثيرا، ونثق في حكمتهما إلى أبعد حد، بعيدين عن الإجراءات الإدارية والفنية التي تنفذ سياسات سابقة، كتبت عنها قبل خمس سنوات.