تقارير ووثائق

الأمم المتحدة في حصاد 2018: اعتماد الاتفاق العالمي للهجرة لمنع المعاناة

الأمم المتحدة في حصاد 2018: اعتماد الاتفاق العالمي للهجرة لمنع المعاناة والفوضى.


في لحظة تاريخية، تبنى رؤساء ومندوبو 164 دولة، في وقت سابق من هذا الشهر، يرافقهم ممثلو المجتمع المدني والقطاع الخاص، إطارا تعاونيا لجعل الهجرة الدولية أكثر أمانا وكرامة لملايين المهاجرين حول العالم، وأكثر نفعا لكل البلدان. خطوة وصفها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بأنها خارطة طريق لمنع المعاناة والفوضى.

وقال السيد غوتيريش، في كلمته الافتتاحية في المؤتمر الدولي للهجرة المنعقد في مراكش، إن الاتفاق يوفر منبرا لعمل إنساني وحاسم ومفيد للطرفين، يستند إلى "فكرتين بسيطتين". "أولا، الهجرة كانت دائما موجودة، ولكن ينبغي أن تدار بطريقة آمنة. وثانيا، من المرجح أن تنجح السياسات الوطنية في ظل التعاون الدولي."

المؤتمر الحكومي الدولي لاعتماد الاتفاق العالمي للهجرة بدأ أعماله اليوم الاثنين في مدينة مراكش المغربية، بحسب موقع أخبار الأمم المتحدة، وبصفة بلاده الدولة المستضيفة، قام وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي المغربي السيد ناصر بوريطة بقرع مطرقته معلنا النبأ السار، مسلطا في الوقت ذاته الضوء على الجهود المختلفة التي بذلتها بلاده لتحقيق هذا الإجماع العالمي حول الهجرة الدولية.

ويعد المغرب أحد أشهر طرق الهجرة المعروفة منذ أمد طويل، بحسب الوزير المغربي الذي أكد أن بلاده تدرك أهمية قضية الهجرة وواقع اعتماد الدول على بعضها البعض. وقال "في حين قد يعتقد البعض أن التعددية تتنافس مع السيادة، فإن التعددية في الواقع هي عمل سيادي".

إلى جانب تغير المناخ، أصبحت الهجرة غير المنظمة قضية ملحة في السنوات الأخيرة. ففي كل عام، يفقد آلاف المهاجرين أرواحهم أو يُفقد أثرهم في طرق محفوفة بالمخاطر، وغالبا ما يقعون ضحايا للمهربين وغيرهم من المجرمين.

ورحب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بالدعم العالمي الساحق للاتفاق العالمي للهجرة، وقال "سواء كانت حركة المهاجرين طوعية أو قسرية. وسواء كانوا قادرين على الحصول على تصريح بالحركة أم لا، يجب أن تحترم الحقوق الإنسانية لجميع البشر وأن يتم الحفاظ على كرامتهم".

ويصادف اعتماد الاتفاق، المعروف أيضا باسم وثيقة مراكش، الاحتفال بالذكرى السبعين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الوثيقة التي لعبت دورا محوريا في نص الاتفاق. وفي هذا السياق، قال السيد غوتيريش "سيكون من المفارقة أن يستبعد المهاجرون من نطاق الإعلان، في اليوم الذي نحتفل فيه بالذكرى السنوية السبعين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان".

وفي حديثه للصحفيين، قال الأمين العام إن "هذه اللحظة بالنسبة لي لحظة مشحونة بالمشاعر عندما رأيت أعضاء المؤتمر بالإجماع يتبنون الاتفاق العالمي بشأن الهجرة الآمنة والمنظمة والنظامية".

وفند كبير الدبلوماسيين الأمميين عددا من الأساطير المحيطة بالهجرة الدولية، مؤكدا أن الاتفاق ليس معاهدة، ولا وثيقة ملزمة قانونيا، بل هو"إطار للتعاون الدولي، متجذر في عملية تفاوض دولية بين الحكومات بحسن نية". وقال أيضا إن الميثاق لا ينص على حق جديد يسمح للناس باختيار إلى أين ومتى يذهبون، مشيرا إلى أنه "يؤكد فقط على ضرورة تمتع المهاجرين بحقوق الإنسان، بصورة مستقلة عن وضعهم".

وتظهر بيانات الأمم المتحدة أن أكثر من 60 ألف مهاجر على مستوى العالم قد ماتوا منذ عام 2000، الأمر الذي اعتبره الأمين العام سببا " للعار الجماعي".

أما بالنسبة للبلدان التي لم تكن جزءا من الاتفاق، فأعرب غوتيريش عن "أمله في أن يروا قيمة الاتفاق لمجتمعاتهم وأن ينضموا إلينا في هذا المشروع المشترك".

أما مسؤولة الهجرة الدولية في الأمم المتحدة السيدة لويز أربور، المكلفة بالإشراف على عملية اعتماد الميثاق ككل، فوصفت اعتماد الاتفاق باللحظة التاريخية والإنجاز العظيم حقا لتعددية الأطراف". وهنّأت الدول الأعضاء على عملها الجاد لحل الخلافات فيما بينها، وفهم تعقيدات جميع المسائل المتعلقة بالتنقل البشري خلال الأشهر الـ18 الماضية".

وقالت أربور، ممثلة الأمم المتحدة الخاصة للهجرة الدولية، إن الاتفاق "سيحدث أثرا إيجابيا هائلا في حياة الملايين من الناس من المهاجرين أنفسهم". ولكنها أوضحت أن هذا يتوقف على تنفيذ مبادرات الاتفاق العالمي.

ونيابة عن المجتمع المدني والشباب في افتتاح المؤتمر، تحدثت الناشطة في مجال حقوق الطفل شيريل بيريرا عن عملها التطوعي لمكافحة الاتجار بالأطفال. وحثت المندوبين على الاستفادة الكاملة من الفرصة التي يوفرها الاتفاق العالمي للهجرة.

"الاتفاق العالمي للهجرة يقدم لكم الآن فرصة تاريخية لتتمكنوا من الوفاء بالتزاماتكم القائمة لحماية الأطفال والاستثمار في الشباب في جميع أنحاء العالم. لكن اعتماده ليس نهاية المطاف. فأنتم بحاجة إلى معالجة الدوافع الأساسية للهجرة القسرية وغير الآمنة، مثل تغير المناخ والاستبعاد السياسي والاجتماعي والكوارث وعدم المساواة، بل وتحتاجون كذلك إلى إنهاء احتجاز المهاجرين للأبد، ومنع الاتجار بالأطفال وحماية الضحايا."

من جانبها، رحبت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل بتبني الاتفاق قائلة إن الوقت قد حان لأن يتعامل المجتمع الدولي مع قضية الهجرة. وحذرت ميركل من أن "النهج الفردي لن يحل المشكلة،" مشددة على أن تعددية الأطراف هي السبيل الوحيد الممكن للتقدم.

وأقرت ميركل بحاجة بلادها إلى عمالة أكثر مهارة من خارج الاتحاد الأوروبي، وبأن ألمانيا لديها اهتمام كبير بالهجرة القانونية. إلّا أن المستشارة الألمانية أعادت التأكيد على أن الدول الأعضاء يجب أن تتعامل مع الهجرة غير الشرعية وتلتزم بوضوح بحماية الحدود لمنع الاتجار بالبشر، على النحو المنصوص عليه في الاتفاق.

وقالت "لا يمكن للدول قبول أن يقرر المهربون من يعبرون إلى البلدان. يجب علينا تسوية مثل هذه الأمور فيما بيننا."

 

من جانبها، رحبت منظمة اليونيسف باعتماد الإعلان العالمي للهجرة، ووصفته بأنه "إنجاز تاريخي بالنسبة للأطفال المهاجرين والدول على حد سواء".

وذكرت أنه ومن خلال تطبيق التدابير المقترحة في الإعلان، تستطيع الدول، وبشكل أفضل، معالجة الأسباب التي تؤدي إلى اقتلاع الأطفال من ديارهم، وتزويد الأطفال المهاجرين بفرص أفضل للحصول على التعليم والخدمات الصحية، وتوفير حماية أقوى لهم من الاستغلال والعنف. ومن خلال الاتفاق، يمكن للدول أن تحقق نتائج أقوى في الحفاظ على وحدة الأسر ومعالجة كراهية الأجانب والتمييز.
وأكدت اليونيسف استعدادها للعمل مع الدول الأعضاء ووكالات الأمم المتحدة والسلطات المحلية والمجتمع المدني، للمساعدة في إشراك الأطفال والشباب في تنفيذ تدابير الاتفاق العالمي على المستويات المحلية والوطنية والعالمية.

زر الذهاب إلى الأعلى