السفير عبدالملك سعيد.. ذكريات الأخ والصديق والزميل الذي افتقدته
السفير اليمني أحمد حسن بن حسن القائم بالاعمال بالاصالة في بريتوريا جنوب افريقيا يكتب في نشوان نيوز عن رحيل السفير عبدالملك سعيد عبده في ذمة الله.. ذكريات الأخ والصديق والزميل الذي افتقدته
مؤخرا حملت لنا الاقدار نبأً حزيناً ومؤسفاً لنا ولكافة منتسبي وزارة الخارجية اليمنية وهو وفاة الاخ والصديق وزميل الطفولة والدراسة بما فيها الدراسة الجامعية سعادة السفير المغفور له عبدالملك سعيد عبده صالح ، كنا معا و تزاملنا في الابتدائية والاعدادية في تعز والصف الاخير من الثانوية العامة . يومها ، لقد كنا نشفق علي الفقيد لقيامه بذلك المجهود اليومي وهو لم يكن الوحيد من الطلبة الذين يحضرون إلى المدرسة مشيا على الاقدام من خلف جبل القاهرة من القرية هناك المسماة المغربة وجبل صبر بل اخرين بعدد اصابع اليد منهم طالب اخر كان يسبقنا بعام هو محمد مهيوب الصبري الذي عمل في بنك الاسكان فيما بعد .
وقد عوقبنا بنفس العقاب في العام الدراسي 65/1966م ولعام واحد فقد تم افتتاح مدرسة الكويت الاعدادية ، والتي ضمت اول وثاني اعدادي وكنا في ثاني اعدادي في طريق صاله وكان الطلوع اليها من تلاميذ المدينة عند الباب الكبير بالسيارة باربع بقش والنزول مشيا على الاقدام ، ماعدا الاخ محفوظ على محمد سعيد كانت هناك سيارة تقوم برحلة الذهاب والاياب له وللمدرسين المصريين .
وبخروج القوات المصرية من اليمن في عام 1967م خرج معهم المدرسون المصريون ، فسافر إلى صنعاء وانا إلى عدن ، وقد انخرط في المقاومة الشعبية بقيادة المناضل عمر الجاوي في حرب حصار السبعين لصنعاء في 1967م . لنعود مرة اخرى إلى تعز في ثانويتها مدرسة الثورة الثانوية العظيمة التي تخرج منها كوادر مؤهلة وباعداد كبيرة شغلت مناصب في كافة مرافق الدولة لنتزامل مرة اخرى في ثالث ثانوي للعام الدراسي 69/1970م في القسم الادبي ، ونشكل الدفعة الخامسة للثانوية العامة بعد الثورة السبتمبرية المباركة مع زملاء اخرين كثر منهم السفير عبد الملك عبد الله الارياني والسفير ياسين احمد مقبل وسلطان العتواني ومحمد سعيد ظافر ومحمد محمد ناجي باشا ود. احمد شجاع الدين ود. ابراهيم الصلوي ود. عبد الرحمن بنى غازي واحمد شرف الحكيمي واسماعيل باسلامه وعلي العنسي وعبد الرحمن العريقي وعبد الرحمن المضواحي ...الخ ، عدد طلبة هذه الدفعة الادبي بما فيهم طلبة المنازل 20 طالبا من الحديدة و 64 طالبا من صنعاء منهم الاخ رشاد العليمي والكاتب عبد الكريم الرازحي وحسن الدوله و 96 طالبا من تعز و4 طالبات منازل اثنتان يمنيات واثنتان بنات مدرسين .
لنصل إلى القاهرة ونتزامل مرة اخرى في جامعة القاهرة في العام الدراسي 71/1972م هو في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية قسم سياسة وانا في كلية التجارة قسم محاسبة ، لنتخرج منها في عام 1975م ونتوظف في الخارجية وكانت دفعتنا للالتحاق بوزارة الخارجية هي : المرحومون عبد الملك سعيد عبده صالح و عبد الملك عبد الغني وعبد الرحيم طارش وعبد الرحمن الجبري والاخوة احمد على كلز واحمد على الحمدي وحسين الضلعي وشرف الشرفي وبالاضافة لي.
وكانت هذه الدفعة اخر دفعة تحصل على درجة سكرتير ثالث تشجيعا للخريجين للالتحاق بالخارجية ، والدفعات التي تلتها وحتي الان تبدأ بملحق دبلوماسي ، وكان الفقيد مديرا لمكتب وزير الخارجية عبد الله الاصنج خلفا للزميل السفير محمد جميل محرم والذي سافر إلى باريس للدراسة العليا ، وكنت مديرا للشئون المالية، حتي يأتي عام 1977م ليتم اول تعيين لنا بالخارج ويتم تعينه في الدوحة تحت قيادة السفير القدير يحي عبد الرحمن الارياني وانا في بغداد تحت قيادة السفير القدير الاخر غالب على جميل طيب الله ثراهما.
وكان ذلك الوقت عهد السفراء الكبار العظام شمالا وجنوبا من امثالهم : هذان السفيران واخرون منهم عاصروا الخارجية في العهدين الملكي والجمهوري مثل احمد المعلمي وعبده عثمان محمد ومحمد الحيفي وحسن الحيفي ومحمد شكري زيوار....الخ واخرين لاحقا في العهد الجمهوري مثل الاستاذان السفيران محسن العيني ود.حسن مكي وكلاهما تقلدا منصب رئيس الوزراء أو وزير خارجية اما جنوبا لا ننسي السفراء محمد هادي عوض وعبد الله الاشطل وعبد الحافظ قائد ...الخ عهد السفراء العظماء كما اسلفنا ، ولحسن الصدف فقد كان اول تعيين للفقيد في الدوحة موظفا واخر تعيين له فيها كسفيرا لليمن ابتداء بالدوحه 1977 وانتهي عمله بالدوحه 2010.
وتمر اشهر واذا بالانقلاب الناصري ضد صالح الذي لم يمض على تربعه لكرسي الحكم الا اشهر ايضا في 1978م ، ولحسن حظ الفقيد كان بالخارج للعمل بالسفارة بالدوحة والا كان مصيره مصير اخوانه الناصريون بقيادة الشهيد عيسي محمد سيف القدسي وبحكم انه ناصريا ومن قواعده القديمة والمؤسسة له وعدم معرفة ذلك للعام يعود الا انه لم يكن يحب البهرجة والظهور واللواق الذي لا لزوم له وهوعادة مزمنة عند بعض الحزبيون بمختلف مشاربهم .
طالب النظام بصنعاء بتسليمه الا انه استطاع الهروب من مقر عمله بالدوحة إلى بغداد ليؤمن له اللجؤ السياسي والملاذ الامن الاستاذ قاسم سلام سعيد عضو القيادة القومية لحزب البعث الاشتراكي في حينه صاحب الشعار القومي المعروف ( امة واحدة عربية واحدة ذات رسالة خالدة ) ومنافسه في حينه حركة القوميين العرب والتي كانت على تقارب مع الرئيس ناصر عكس البعث الذي على تنافر تام معه . وكلاهما منافس للاخر في النفس القومي في ذلك الوقت والذي قد اندثر الان بسبب الاوضاع العربية المتردية .
وتمضي ستة اشهر ويقوم كل من الاستاذان عبد الله الاصنج كوزير للخارجية والسفير يحي عبد الرحمن الارياني السفير في قطر في حينه ، حيث كتب الاخير للاول بالتوسط للعفو عن الفقيد وعودته لمقر عمله وعلى ما يبدو انه افتقد إلى عمل الفقيد المميز بالرغم من اختلاف توجهما السياسي ، وقد استحسن الوزير الاصنج ذلك بحكم انه كان مديرا لمكتبه ويعرف قدراته وكفاءته وهو ما تم .
ومثلما كان هذا الجميل في جبين الفقيد بدوره قام برد هذا الجميل وباكبر منه في وقت لاحق . فقد كان الفقيد سفيرا في بغداد واذا بالولايات المتحدة تقوم بغزوها للعراق 2003 م وتصل إلى مشارف بغداد المدينة التي غنت له السيدة ام كلثوم بغداد يا قلعة الاسود ياكعبة المجد والخلود ، وكلاهما الفقيد ود. سلام كانا في بغداد فقام الفقيد بتجهيز سيارتي السفارة ورفع علمهما والهروب من بغداد إلى سوريا ومن ثم الاردن مصطحبا معه د. قاسم سلام ومقتنياته . فكما انقذ د. سلام رقبة الفقيد في الدوحة من صالح في 1978 ، انقذ الفقيد رقبة د. قاسم من الأمريكان وحلفائه العراقيين في 2003 . وخاصة وانه كان قد كتب في حينه ان بعث العراق كان منسقا مع الناصريين في انقلابهم ولهذا الاعتقالات قد كانت طالتهم حتي ان الاستاذ احمد محمد حيدر وكيل وزارة الخارجية قد اعتقل ولم يمكث الا ليلة حيث افرج عنه بواسطة وزيره الاستاذ عبد الله الاصنج والذي هو ايضا بعثيا وعاد حيدر لمباشرة عمله بحجة ان اعتقاله كان خطاء بسبب تشابه اسمه مع احمد حيدر الاخر البعثي ومع ان كلاهما بعثيان .
الا ان هذا الهروب لم يعجب صالح بحجة ان الفقيد لم يستأذن للسفر والعودة ولكن الغضب كان من اجل انه اصطحب د. قاسم وكان يريده اى صالح صيدا للأمريكان مع سفيره الفقيد الذي كان لديه ثأر معه من الانقلاب الناصري، متناسيا انه اصبح لا توجد اتصالات مع بغداد لكن مجرد عذر مثلما كان عذر تصويت اليمن في اول قرار بشأن غزو العراق للكويت ان السفير الاشطل لم يتمكن التواصل مع صالح الذي هو خارج العاصمة لاخذ التوجيهات بالتصويت بنعم أو لا وكان التحفظ . عذر اقبح من اخيه أو بالمثل العامي التهامي الاخر تشتي عذر والا حمار . وكان هذا القرار الخاطيء - وما اكثرها في عهده - ابو الكوارث على اليمن حتي الان .
وهنا استشهد بهذا الخصوص ما كتبه السفير القدير على محسن حميد - مدير مكتب الجامعة العربية في كل من الهند ولندن سابقا الذي كان قد سبقنا بدفعات – عن الفقيد للدلالة عن ان صالح كان يريد التخلص من الفقيد ( ان سفير الجزائر في العراق السيد مصطفي بوطورة الذي كان يتابع شئون العراق من عمان سالني هل تعرف السفير عبد الملك سعيد فرديت انه زميل عزيز ثم فاجاني بقوله لماذا تريد الحكومة اليمنية ان يقتل ؟ فسالته ان يوضح قال طلب عبد الملك ان يمترس مهامه من عمان كبقية السفراء لان حياة السفراء في بغداد كانت مهددة ولكن حكومتكم اصرت على ان يبقي في بغداد وهذا ما دفعه لمغادرة العراق بدون موافقة الوزارة في الغالب ).
وكان الفقيد السفير الوحيد في بغداد اثناء الغزو الأمريكي الذي فرضه عليه صالح ان يكون هناك حتي يعتبره من قبل المفقودين مستقبلا من جهة ومن جهة اخرى للمزايدة والابتزاز مع صدام على ان سفيره هو الوحيد المتواجد في بغداد للمؤازرة والمناصرة هناك. ولكن القدر ومعزته لم يقرر له الموت وبعد حين الا على فراش المستشفي وليس في بغداد كما كان يريد صالح .
وعدنا معا من الخارج بعد اول تعيين في 1981 ليعمل في الادارة السياسية مع الاخ السفير القدير احمد محمد الارياني لفترة ليعين بعدها وكيلا لوزارة الخارجية في اوائل عام 1983 م بدلا عن الاخ السفير المخضرم غالب على جميل الذي كان نائبا لوزارة الخارجية وكنت مديرا لمكتبه . ويقوم المرحوم احمد الارياني بتعينه مديرا لمكتبه . وكان يكتب معظم البيانات الصادرة عن الخارجية في حينه أو الخطابات التي سوف تشارك بها اليمن في الاجتماعات والمؤتمرات الدولية .
وتوالت التعينات له فيما بعد في المغرب ويحصل من هناك على شهادة الماجستير والقاهرة التي صادف ان يكون فيها الرجل الثاني ورئيسه كسفير الاخ السفير عبد الجليل غيلان اثناء حرب 1994م ويصبح قائما بالاعمال بالنيابة اى رئيس البعثة . وكسفير عامل في كل من بغداد والدوحه فيما بعد.
بالرغم من غضب صالح عليه فكان د. عبد الكريم الارياني بعد توليه وزارة الخارحية كان نصيرا له ، فقد كان ايضا احد المعجبين بكفاءة الفقيد ، الذي كان قد زكاه وقدماه له الاستاذين يحي عبد الرحمن الارياني واحمد محمد الارياني اللذان كان الفقيد قد عمل معهما في الفترة السابقة ، وعرفا عمله الدؤوب والمتمكن منه باقتدار. بالاضافة مع صديقه الشهيد يحي المتوكل الشفيع والحامي له بل ان الاخير من كان قد اقرضه له المبلغ لشراء الارضية لسكنه الجديد في حده واسر لي بذلك ، فسكنه القديم القريب لي في بداية شارع الجزائر جاء له جار وبني عمارة امامه جعل بيته من دون ضؤ أو تهوية اوشمس لذا قرر التوجه إلى حده وبناء منزله الحالي بمساعدة المتوكل لشراء الارضية ويتم السعي منهما له اى د. الارياني والمتوكل . ويتم تعينه سفيرا في الدوحه بحكم انه اصبح متعاونا مع المؤتمر الشعبي العام بعد خروجه من الناصري وبحكم علاقته الجديدة مع الشهيد يحي المتوكل والذي سعي له بنيل درجة سفير المستحقة قبل زملاء دفعته المستحقون ايضا لان صالح ومكتبه كان مزاجيا ويمنح عطاياه لمن هم في جيبه ، وليس مؤسسي وقانوني كما يجب بهذا الصدد .
وقد تزاملنا لبعض الوقت في نيويورك في عام 1983 م كان هو للمشاركة في دورة الجمعية العامة للامم المتحدة وانا كنت قي مهمة اخري في الوفد للتدريب وكان مثالا للموظف المنضبط في المشاركة الفعالة خلافا لبعض زملائه . وكنت عائدا من هولندا لانتهاء فترة العمل هناك واجتمعت معه في مكتبه في يوليو 1994 م وقال لي لقد كنا مستبشرين بالوحدة كيمنيين مضطهدين محرومين من المواطنة المتساوية الا ان قرار البيض الخاطيء بالانفصال الان اعطي لصالح ما كان يتمناه وهو بدلا ما كان هذا النظام يقوم بلطمنا سوف يقوم بدعسنا مستقبلا . وهو ما كان .
بالرغم من خلافه الشديد مع صالح والثأر الذي بينهما من خلال الانقلاب الناصري والذي قيل في حينه ان الفقيد قد عين - لو كان كتب للانقلاب النجاح - وكيلا لوزارة الخارجية. الا ان وقوفه المشرف بالسفارة بالقاهرة كان مع الوحدة وليس مع صالح من منطلق مبادئة الوطنية والقومية . وها انا التقي معه مجددا بالقاهرة وبالسفارة قبل اشهر وكأنه الوداع الاخير بيننا وكان ذلك اللقاء مع صهره الاخ اللواء منصور عبد الجليل اطال الله في عمره .
ولكن في قرب نهاية فترة عمله بالدوحه كسفير ، توترت العلاقات بين صالح والقيادة القطرية وتم استدعائه للتشاور ، ويعني التشاور ان اليمن مستاءة واستدعت سفيرها ، ولكن الفقيد بحكم خبرته وحنكته الدبلوماسية عندما سئل عن ذلك - وهو يغادر الدوحه - وهل ان استدعائه كان لنفس الغرض الانف الذكر . فنفي واشاد بعلاقات البلدين وهنا كانت القاصمة لمسيرة حياته العملية ، فقرر صالح حينها احالته إلى التقاعد في 2010 م فورا مع ان وقت تقاعده لم يحن بعد .
وكان الفصل الاخير للفقيد مع صالح. وبعد ذلك كان قد قابل وزير الخارجية د. ابو بكر القربي اكثر من مرة بالوزارة ، ويمرالفقيد إلى مكتبي بها من اجل قرار التقاعد الظالم الا ان د. القربي لا يستطيع ان يعمل اى شىء مخالفا لقرار رئيسه صالح لان القرار قد اتخذ من فوق بالرغم من معرفته بكفاءة وقدرة الفقيد .
وللاسف بعد وفاته برزت كتابات من البعض ، يدعون ان الفقيد رفيقهم ، وبدأوا بالاشادة بمناقب شخصيته الفريدة بعد وفاته ، خاصة من رفيقه كما يدعي الذي تربع على عرش وزارة الخارجية ولم يلتفت له وانما التفت إلى اقاربه وعندما كان يحتاج لهم في حياته وخاصة من رفاقه الحزبيين الذين يتبؤاون مناصب عليا في الوقت الراهن ، كانوا متجاهلون ذلك تماما مثل الاول ،وتركوه في البلاد يعاني مع انه كان بامكانه الاستفادة منه لخدمة اليمن لما يمتلكه من خبرة طويلة وقدرة وكفاءة في العمل الدبلوماسي وقد سبقني اخرين من الزملاء وانتقد ذلك وانا بدوري اضم صوتي لهم .
وربما يعود ذلك انه لم يعد رفيقا في الحزب الناصري وتركه له في وقت مبكر عندما شعر ان الحزب لم يعد كما كان عند تأسيسه من قبل رفقائه الشهداء في 1978م ووكأن هذا نوعا من العقاب عليه ولكن مع الاستدراك بعد وفاته بالاشادة بالرفيق الفقيد . لدرجة ان البعض كتب ان اختيار الوزير الاصنج للفقيد كمدير لمكتبه قد اختاره من دون غيره لانه متميز جدا بالرغم من انه لايزال سكرتيرا ثالثا في بداية السلم الوظيفي بعد التخرج .
والحقيقة ان الاختيار كان لانه ناصريا وفي ذلك الوقت بداء الرئيس الحمدي بتنصيب كوادر الحزب الناصري في كافة مرافق الدولة منها مكتب رئاسة الدولة والذي سمي فيما بعد مكتب رئاسة الجمهورية وكذا الخارجية والاعلام...الخ لان من كان قبله السكرتير الثالث محمد جميل محرم وبعده السكرتير الثالث عبد الرحمن سعيد الشرعبي وهو ناصري وكلهم متميزون وسكرتيري ثالث . لكن من كان ناصريا في ذلك الوقت فقد كان محظوظا لينال ما يتمناه . بالاضافة إلى ندرة الخريجين في ذلك الوقت .
وكانت مرافق الدولة الحساسة تتطلب موافقة الامن الوطني في عهد التشطير والذي كان لا يعطي الموافقة بالعمل فيها اذا كان حزبيا ومن دخلوا بحكم الوساطة يظلون تحت المراقبة والاستدعاء من حين إلى اخر . ولذا في تلك الفترة الناصريون قد رفع عنهم القلم وكانوا مرضيون عنهم إلى جاء الانقلاب الناصري على صالح وتم تشتيتهم من جديد لينالوا مانال رفقائهم من بقية الاحزاب الاخري وبالذات القومية واليسارية ويصبحوا مثل البقية حتي جاءت الوحدة المباركة لتنقذ الجميع وتسمح بالاحزاب والتعددية الحزبية .
الفقيد الله يرحمه ، كان غزير المعرفة ، واسع الثقافة ، قارئ جدا من الطراز الاول ، كاتب ومحاضر مرموق . فكاتباته كانت مرجعا لموظفي الخارجية وغيرهم في كل من مجلة ابحاث سياسية التابعة للوزارة والتي كان احد مؤسيسها أو مجلة الدبلوماسي التابعة لجمعية موظفيها أو غيرها .
ومن خلال تبؤه لمراكز قيادية بالوزارة مثل رئيس الدائرة الاعلامية ، فقد استفاد الكثير من موظفي الوزارة من خبراته الدبلوماسية المتراكمة . وكان نزيها لم يعرف طريق الفساد . وبهذا الصدد نستشهد بما قال عنه الزميل السفير على محسن حميد ( وفي سفارتيه في بعداد والدوحه لم يغادر اثاث بيت السفير معه إلى صنعاء كما كان حال بعض السفراء .....ان امير قطر عرض عليه البقاء في الدوحه معززا مكرما بعد انتهاء فترة عمله كسفير فيها ولكنه اعتذر وشكر وفضل العودة للعيش في وطنه .....)
وكانت تجمعنا مقايل سواء في منزله اوعند بعض الاصدقاء ولكن الابرز كان هو مقيل الشيخ الجليل عبد السلام شمسان طيب الله ثراه الذي كان احد المقايل لنخبة المجتمع اليمني بكل اطيافه وكان الفقيد يحتل فيه مركزا مرموقا من خلال مداخلاته القيمة للمواضيع المطروحة للنقاش التي كانت محل اعجاب واحترام وتقدير من رواد ذلك المقيل أو المقايل الاخرى التي يكون حاضرا فيها لانها تعبر عن مخزون ثقافي عالي ومنطق في الطرح والاقناع .
رحم الله الفقيد بواسع رحمته والهم اهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان
وانا لله وانا اليه راجعون
* السفير أحمد حسن بن حسن
*القائم بالاعمال بالاصالة في بريتوريا جنوب افريقيا