تقارير ووثائق

فارس الشيباني.. قصة الشاب الذي اكتشف الكنز - البن اليمني وباعه بأعلى سعر للعالم

فارس الشيباني.. قصة الشاب الذي اكتشف الكنز - البن اليمني وباعه بأعلى سعر للعالم


كتب: صفية مهدي

"النفط والغاز"، هما المجال الذي تخصص فيه الشاب اليمني المولود في بريطانيا فارس الشيباني ، ولأجله عاد لينقب عن مشروع في اليمن، لكنه وبينما كان يُقلب صفحات التاريخ، اكتشف الكنز اليمني ( البن )، ليؤسس أكبر مشروع لإنتاجه وتصديره وتسويقه إلى العالم.

ولد فارس في إحدى مناطق شمال بريطانيا، من أصل يمني، وفيها قضى معظم سنوات حياته لكنه حافظ على ارتباطه الجذري باليمن ثقافياً ولغوياً وتاريخياً، وكان يقوم بزيارة شبه سنوية، كما كشف في حديثه لموقع "منتصي 30 ″ التابع لإذاعة هولندا، عن مشروعه الخاص بإحياء البن اليمني عالمياً.

هندسة كيميائية وموظفاً في شل

في الجامعة، درس الشيباني، الهندسة الكيميائية، ويقول: "كانت خطتي أن أستخدم ما تعلمته في الجامعة لأؤسس وأنشئ مشروع نفط أو غاز في اليمن يقدم منفعة تجارية واقتصادية وإنسانية واجتماعية للبلد".

في سبيل الهدف نفسه، التحق أيضاً بجامعة كامبريدج، وحصل على الماجستير في إدارة الأعمال إلى جانب الهندسة الكيميائية، وعقب تخرجه حصل على وظيفة في شركة شل النفطية، وفيها عمل لخمس سنوات.

في هولندا

بدأ فارس عمله كمهندس ومصمم معامل ضخمة لمعالجة وتنقية الغاز، وهي أول وظيفة له مع شل في هولندا، وبعدها انتقل إلى فرع لندن ليعمل بدراسة وإنشاء مشاريع نفطية تُنفذ في أفريقيا، أما الوظيفة الثالثة فكانت بتجارة الغاز والبترول.

مشروع نفطي يقود إلى الكنز

"كنا على وشك تأسيس مشروع في اليمن، ولكن تفجرت الحرب وتفجرت معها كل أحلامنا، ومع الحرب انتهت فكرة تأسيس المشروع لأنه من المستحيل عمل مشروع نفطي تكلفته 3 أو 4 أو 5 مليون دولار في ظل حرب، وفي ظل عدم وجود حكومة وعدم أمن واستقرار". يقول فارس.

في تلك الأثناء، بدأ البحث لتقديم نفس الفكرة أو روح الفكرة، وهي تقديم منفعة اقتصادية واجتماعية لليمن، في البداية كان النفط ومشروع النفط، ولما لم يكن، اتجه فارس للبديل "بحثت وقرأت تاريخ اليمن وتجارة السلع اليمنية واقتصاد اليمن فوجدت أن البن لعب دوراً أساسياً في تأسيس اليمن وفي شهرة اليمن وفي تجارة السلع اليمنية".

يواصل اليمني المولود في بريطانيا حديثه لـ"منصتي 30″ أنه اكتشف أن اليمن كان المصدر الوحيد للبن للعالم كله، واليوم أصبح البن اليمني يمثل 01% من البن العالمي، حيث تدهور بشكل غير طبيعي واعتبرتُها أعجوبة، كيف كان 100% والآن 01%".

مشروع البن اليمني إلى العالم

بدأ فارس تجربته، مع المشروع الذي اشتهر من خلاله في السنوات الأخيرة ابتداءً من العام 2016، بفكرة حل مشكلة غياب البن اليمني ليقدم منفعة تجارية واقتصادية لليمن كبلد ولأهله كمجتمع.

يقول "قدمت استقالتي لشركة شل رغم محاولاتهم إغرائي بمرتبات خيالية"، ويستدرك في السياق "أقول هذا ليس من باب الفخر أو التباهي ولكن من باب النصيحة لمن أراد أن يحقق أو ينشئ مشروعاً أو يحقق أي شيء في حياته فعليه أن يضحى أو على الأقل يكون مستعداً أن يضحى لأنه لا نجاح دون تضحية، هذه قاعدة".

تابع فارس الشيباني بحثه ودراسته في مجال البن، حيث أخذ دبلوماً من أحد المعاهد المتخصصة في عالم البن وسافر إلى أشهر البلدان المنتجة.

ويقول إنه "بعد الدراسة العميقة وسفريات لا نهاية لها أخذت شهادة التبوغ العالمية، وأصبحت ثالث يمني يحصل على هذه الشهادة، ورحلت بعدها من بلد إلى بلد لاستكشاف ما هي أسرار نجاح البلدان المنتجة للبن المتخصص الفاخر كالحبشة وكينيا وبنما".

فيما تلى ذلك، سافر فارس إلى اليمن ودشن الدراسة العملية للمشروع "بدأت بالمزارعين، أول سرية كانت حو إلى 5 آلاف كيلومتر، في شتى مناطق إنتاج البن اليمني".

التحديات الثلاثة

يقول فارس إنه خلص من دراسة مشروعه في إنتاج البن، إلى وجود ثلاثة عوائق في المجتمع المنتج للبن، الأول عدم المعرفة لمعالجة البن بالطريقة الصحيحة، وثانيها غياب وسيلة التسويق، والثالث أن عوائد القات كانت تفوق عوائد البن فكان المزارع الذي يريد أن يدخل في زراعة البن يعتبرها تضحية اقتصادية بعوائد القات على حساب البن.

على إثر ذلك، واجه فارس المشاكل بالحلول، بدءاً من تأسيس ما يقول عنه "أفضل وأكبر مركز لاستلام وتجفيف ومعالجة البن المتخصص في الشرق الأوسط في صنعاء"، وبدأ المركز بمهام توعوية في المناطق التي يعمل فيها.

حل المشكلة الأخرى "أسسنا شركة تسويق في الداخل والخارج، تستخدم شتى وسائل التسويق الحديثة"، بالإضافة إلى تأسيس شركة تسويقية في لندن ومن ثم "بدأنا بشكل استراتيجي ومركز في تسويق البن اليمني" باسم "بُن فاخر"، ويضيف "بدأنا ننافس كاسم سمعة أفضل أنواع البن العالمي وبدأ يسمع عنا العالم".

مشروع تصدير البن اليمني شراكة مع المزارعين
مشروع تصدير البن اليمني شراكة مع المزارعين (منصتي 30(

المزارع شريكاً

إلى ذلك، فإن حل المشكلة الثالثة (عوائد القات تفوق عوائد البن)، فكان من خلال زيارة مزارعين وتقديم "أفضل أسعار تاريخ سوق البن اليمني"، إضافة إلى ذلك، قدم مركز المشروع الذي أسسه الشيباني فكرة الشراكة، "نحن لا ننظر للمزارع كمنتج؛ بل كشريك نأخذ منه البن ونقدم له سعراً مقدماً، وعندما نبيعه نشارك ونعطى بعض الفوائد للمزارع" يقول فارس.

في سبيل ذلك، يقوم المركز بتسويق كل دفعة باسم المزارع لسببين؛ الأول حسب فارس "اختلاف جودة المنتج على مستوى المزرعة لعدة أسباب منها التربة وصحتها والفصيلة المعينة للشجرة وموقع المزرعة"، أما السبب الثاني فهو كما يقول الشيباني "نشارك بعض عوائد بيع المنتج للمزارع نفسه".

يقول فارس إنه "بهذه الآلية (المشاركة) استطعنا أن نقدم أسعاراً للمزارع اليمني لم تقدم تاريخياً، 3 أو 4 أضعاف سعر السوق المحلي في ذاك اليوم"، ويضيف "ونطمح أن نطور من المزارع كي يستطيع في المستقبل التواصل مع المشتري مباشرة ويشرح له بنفسه ما هو المنتج وكيف زرعه وحافظ عليه وبهذا نطمح لدعم وتطوير المزارع اليمني".

بدأ المشروع، بـ30 مزارعاً في أول المواسم (2222)، وفي الموسم التالي وصل إلى 800 مزارع، ويطمح في الموسم القادم بالوصول إلى حوالي 2000 إلى 2500 مزارع.

مركز تصدير البن اليمني إلى العالم
مركز تصدير البن اليمني إلى العالم (منصتي30)

أكبر مشروع للبن

يتحدث فارس الشيباني لـ"منصتي 30″، أيضاً عن تقييمه للمشروع، ويقول "أعتبره نموذجاً لبقية شباب وشابات اليمن، أن لا ينظروا للخارج، لا ينظروا لأحد غير أنفسهم، غير اليمن واليمنيين لحل مشاكلنا ولإخراج أنفسنا كبلد وكمجتمع من الورطة التي نحن فيها، اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً، نحلها بأنفسنا بأيدي يمنية بضمائر يمنية وبعقول يمنية وبحلول يمنية".

ويواصل "أسسنا أكبر مشروع للبن المتخصص في الشرق الأوسط في اليمن، نعمل مع مئات المزارعين، ونطمح للعمل مع آلاف". كما "أصبحنا أكبر مصدرين للبن المتخصص في اليمن، نشتغل على معايير عالمية وأصبحنا نموذجاً ليس فقط للمصدرين اليمنيين ولكن لجميع مصدري البن الفاخر أو البن المخصص في العالم".

مشروع "البن اليمني" بمواصفات وجودة عالمية أصبح يمتلك مكتباً للتوزيع والتسويق في لندن، وكذلك "أسسنا محمصة قبل أشهر، تعتبر أول شركة يمنية تؤسس محمصة في البن المتخصص"، كما "أسسنا كذلك مكاتب تسويق في الصين وفي معظم بلدان الشرق الأوسط". يقول فارس.

إعادة الاعتبار للبن اليمني

أما بالنسبة لردود الفعل، يقول فارس "صراحةً سمعة البن اليمني كانت في الأرض، بأنه بن مضروب مغشوش وقديم وغير معالج بالطريقة الصحيحة وكان المجتمع العالمي المتخصص في البن قد فقد الثقة في اليمن بأنها قادرة على إنتاج بن فاخر بجودة وخاضع للمعالجة المطلوبة في معايير البن المتخصص، لكن ذلك تغير، عند تقديم أول شركة تقدم لهم بن بكامل الشفافية والمصداقية ومن أفضل مناطق إنتاج البن اليمني تفاجؤوا واندهشوا؛ وفعلاَ اعترفوا بأنه أفضل منتج تذوقوه في حياتهم على الإطلاق، وكان تقييم بننا فوق 90 ويعتبر نخبة النخبة ويمثل 1% من بن العالم".

كما يقول "حققنا أعلى سعر للبن اليمني في تاريخ البن اليمني ، فبعنا بعض الدفعات نخبة النخبة، بعضها بمئات الدولارات للكيلو الواحد وكذلك إحدى الدفعات بعناها لمقهى في فرنسا ومطعم في لندن وهما شهيران ببيع الكوب الواحد بـ20 دولاراً، حيث أغلى سعر لكوب قهوة في بريطانيا وباريس وهو بن يمني".

زر الذهاب إلى الأعلى