[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]
اهتمامات

وفاءُ الكِلاب

محمد بالفخر يكتب عن وفاءُ الكِلاب


يُحكَى أن حاكما في الأزمنة الغابرة لديه مجموعة من الكلاب يجوعها فعندما يخطئ أحد وزرائه يلقي به إلى حضيرة الكلاب الجائعة حتى تأكله ويكون عبرة لغيره وفي احد الأيام أخطأ أحد وزرائه المخلصين له ومن المقربين اليه  والذي سبق له ان خدمه بإخلاص منقطع النظير على مدى عشر سنوات كاملة لكن تلك الخدمة المتفانية المقدرة بعشر سنوات لم تجدي نفعا عند الحاكم المستبد امام هذا الخطأ العابر فقال له سأرميك للكلاب لتأكلك فقال له يا سيدي انا خدمتك عشر سنوات ولم اقصر أو اخطئ يوما فقال له لا مناص من العقوبة فقال له إذاً ارجوك  أن تمهلني عشرة أيام فقط أُرتّب اموري فيها وبعد ذلك نفذ عقوبتك ،

وافق الحاكم على هذا الطلب فأمهله العشرة الأيام فذهب فورا إلى مربّي ومدرب الكلاب وقال له دعني أقوم بوظيفتك لمدة عشرة أيام واذهب أنت لأهلك فهم مشتاقون لرؤيتك ولا تخبر أحدا بذلك،
 فتفرغ الوزير عشرة أيام كاملة للكلاب يطعمها ويسقيها ويُغسّلها ويداعبها فألفته الكلاب وأحبته، وبعد مضي العشرة أيام استدعاه الحاكم لينفّذ فيه العقوبة ويتلذذ بمنظر الكلاب الجائعة وهي تنهش جسده وتمزق احشاءه فقاده نحو الزريبة فلما أدخله على الكلاب فاذا بالكلاب تحوم حوله وتجلس عند رجله وتتودد له وهو يربت عليها برفق فصعق الحاكم من هول المفاجأة فناداه ماذا فعلت بالكلاب؟
فقال له خدمتهم لمدة عشرة أيام فلم ينسوا خدمتي وخدمتك عشر سنوات كاملة فنسيت خدمتي.
 الحرُّ من راعى وداد لحظة.
نستذكر من تلك القصة والمقدمة الطويلة الكثير من القصص والحكايات التي تعرّض لها كثير من المخلصين في أعمالهم لدى ارباب المال والشركات الذين سرعان ما ينسون تضحيات فلان من الناس من موظفيهم وفي أوقات صعبة بل وبعضهم نمّى تجارة صاحب العمل بجهوده وتفانيه ثم أتى من بعده بنيه وورثته فلم يقدروا لذلك الرجل أدني درجات الحقوق التي تصون كرامته، وإذا تحدثت عن كثير من هكذا قصص فسيطول الحديث فيها لأنها بالآلاف وخاصة ممن عصرتهم سنين الاغتراب القسري عن وطن ضاق بهم الحال فيه وتمثلوا التوجيه الرباني (هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه واليه النشور) لكنهم  صُدِموا بحدود سايكس وبيكو  التي عثّرت المشي عليهم.
ومن تلك المقدمة إذا أردنا اسقاطها على واقعنا السياسي وهو الأساس من سردها فسيكون الاستشهاد أيضا بكثير من النماذج والقصص لكثير من المخلصين في أكثر من موقع سياسي وفي أكثر من زمن وفي أكثر من وزارة خدمية كانوا نماذج للتفاني والإخلاص وفجأة يتم ابعادهم بسبب تافه أو بدون سبب ويمكّن للأوغاد واللصوص من مواقعهم،
التذكير بمثل هذه القصص هي عبرة لمن يعتبر ولعل من لم يُقدّرُ له اليوم ان يقع بمثلها أن يعلم أن الحياة لا تبقى على حال وكل شيء إلى زوال.

عناوين ذات صلة
زر الذهاب إلى الأعلى