صباحبة ثقافية تونسية يمنية أقيمت الثلاثاء في صنعاء

صباحبة ثقافية تونسية يمنية أقيمت الثلاثاء في صنعاء

أقيمت بصنعاء صباحية ثقافية تونسية-يمنية يوم الثلاثاء 7 أفريل 2009 بمركز الدراسات والبحوث اليمني كان محورها العلاقات الثقافية بين اليمن السعيد وتونس الخضراء تحت عنوان:

تونس و اليمن، وجدان مشترك

وقد حضر التظاهرة سفراء الدول الشقيقة والصديقة وأعضاء السلك الدبلوماسي ورجالات الفكر والأدب والثقافة والإعلام اليمنيين و مجموعة من أفراد الجالية التونسية المقيمة باليمن.

وفيما يلي مقتطفات من كلمة السفير التونسي

.. يسعدني أن أتقدم بجزيل الشكر إلى الدكتور عبد العزيز المقالح الذي نكن له أسمى عبارات التقدير والاحترام ونعتبره من أجل رجالات الثقافة في اليمن وفي الوطن العربي، والذي يولي اهتماما كبيرا بتعزيز التبادل الثقافي بين اليمن السعيد وتونس الخضراء.

وسيتخلل هذه التظاهرة عرض شريط وثائقي بعنوان "صنعاء - بعيون تونسية" من إنتاج فريق تلفزي تونسي ويمني، ضمن سلسلة "مدائن الشرق". وقد تم اختيار صنعاء نظرا لعراقتها وطابعها المعماري الفريد والمميز ولما تزخر به من موروث ثقافي وحضاري عربي وإسلامي.

ولا يسعني إلا أن أذكر بما يشهده التاريخ من عمق العلاقات بين تونس واليمن منذ القدم، إذ تشير بعض الدراسات إلى الأصول اليمنية لبعض قبائل البربر في بلدان المغرب العربي التي هاجرت قبل الفتوحات الإسلامية، كما يسجل مشاركة أهل اليمن الحاسمة ضمن الجيوش الإسلامية التي فتحت إفريقية وهجرة قبائل بني هلال اليمنية إلى شمال إفريقية واستقرارها بتونس. وقد اندمج المهاجرون اليمنيون في النسيج الاجتماعي لبلاد المغرب العربي وساهموا في إثراء الحياة الثقافية، وهو ما يؤكده تشابه العادات والتقاليد وشواهد اللغة والمعمار واللباس والأكل بين الشعبين الشقيقين. وأثبتت الدراسات أن أكثر من مائتي مصطلح لغوي لا تستعمل، في وقتنا الحاضر، إلا في تونس وفي اليمن. كما يتقاسم التونسيون واليمنيون عدة مظاهر اجتماعية وعمرانية وخاصة الألقاب العائلية الحضرمية )حوالي 47 عائلة)، وكذلك أسماء بعض المناطق من ذلك مدينة أريانة التونسية ومدينة سوسة التي كانت تسمى حضرموت.

ويدوّن التاريخ الحديث رحلات الشيخ التونسي المناضل عبد العزيز الثعالبي) 1876-1944( إلى اليمن خلال الفترة من 1924 إلى 1936، وهو من رواد التنوير في أوائل القرن العشرين ومؤسس الحزب الحر الدستوري التونسي في عهد الاستعمار الفرنسي. وقد وصف اليمن بالأرض السعيدة وأهلها بالكرماء. كما قام بمساعي لدى المسؤولين اليمنيين، وفي مقدمتهم الإمام يحيى وسلطان لحج عبد الكريم بن فضل وعدد من شيوخ القبائل اليمنية، لإقناعهم بعقد مؤتمر قومي عام للنظر في سبل توحيد اليمن وتخليصه من الهيمنة الأجنبية.

كما تروي كتب التاريخ الإسلامي أنّ نسب حسان بن النعمان الغساني مؤسس مدينة تونس - درّة البحر الأبيض المتوسط، المتألقة والساطعة تحت وهج الشمس، بيوتها ناصعة البياض، ملهمة الشعراء والمبدعين- يعود إلى اليمن.

... وتذكر المصادر أن حسان بن النعمان كان فارساً شجاعا، وكان رجل دولة وإدارة ، و استطاع أن يستميل البربر الذين هم السكان الأصليين في تلك المنطقة من بلاد المغرب ضد الروم. وفتحت على يديه الكثير من الحصون والقلاع البيزنطية وتهاوت رايات الكُفر في إفريقيا، ودخل البربر أفواجا في دين الإسلام وانضموا للجيوش الإسلامية، وكان لهم دور مؤثر في امتداد الفتح الإسلامي إلى الضفة الشمالية للبحر المتوسط.

ويقول الدكتور عبد العزيز سالم عن حسان بن النعمان : " فبنى تونس على بعد 12 ميًلا شرق قرطاجنة. وحولها إلى قاعدة بحرية تقلع منها الأساطيل ، وأنشأ بها دارًا لصناعة الأسطول. كما شيد بها مسجدًا جامعًا، ودارا للإمارة وثكنات للجند. وقدّر لهذه المدينة و "المحرس" البحري أن تكون أعظم ثغر في إفريقيا بعد ذلك بثلاثين عامًا على يدي عبد الله بن الحبحاب، فقد نمت واتسع عمرانها وأقيم فيها أعظم جامع بالمغرب الأدنى وهو جامع الزيتونة " .

ويقال أن عددا كبيرا من القبائل اليمنية انضمت إلى جيش القائد حسان بن النعمان الغساني وأن عددًا غير قليل من بطونها وأفخاذها مكثوا واستقروا في تونس وصاهروا البربر، وانصهروا معهم وصاروا جزء لا يتجزأ من نسيج حياتهم الاجتماعية.

وكان التاريخ بما يحمله من إضاءات على الوجدان المشترك بين الشعبين التونسي واليمني خير حافز لدعم وتعزيز الحاضر من خلال التناصر والمساندة المتبادلة والتطلع إلى الارتقاء بالعلاقات بين البلدين إلى المستوى المنشود، فالجمهورية التونسية من أوائل الدول التي اعترفت بقيام الجمهورية اليمنية. كما شهد المرحوم الشاذلي زوكار، الأديب والشاعر وأول سفير تونسي باليمن فجر الوحدة اليمنية التي توجت تضحيات المناضلين ورجالات الثورة ووضعت حدا للانقسام المصطنع بين أبناء الشعب اليمني الواحد، وحضر كذلك رفع أول برميل نفط يمني.

وتعزز هذا التمشي في ظل القيادتين الرشيدتين لسيادة الرئيس زين العابدين بن علي وأخيه فخامة الرئيس علي عبد الله صالح اللذان يرتبطان بعلاقات وثيقة واحترام متبادل، تحدوهما إرادة راسخة من أجل مزيد دفع علاقات الأخوة والتعاون وتطويرها بما يخدم مصلحة الشعبين الشقيقين.

وتشهد العلاقات التونسية اليمنية خلال هذه الفترة نقلة نوعية على جميع المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وفي هذا الخصوص بث التلفزيون اليمني عددا من الأفلام الروائية والوثائقية خلال الفترة الأخيرة، وستبث خلال الفترة المقبلة مسلسلان تونسيان. ومن المنتظر أن تشارك نخبة من الفنانين التشكيليين التونسيين في ملتقى صنعاء الدولي للفنون التشكيلية خلال شهر ماي المقبل . كما نعتزم تنظيم أسبوع للسينما التونسية بصنعاء ونتطلع لمشاركة يمنية في معرض تونس الدولي للكتاب في نهاية هذا الشهر وكذلك في مهرجان قرطاج، إضافة إلى مشاركات متبادلة بين البلدين في العديد من الفعاليات العلمية والثقافية ومن بينها إقامة أمسيات لشعراء تونسيين بصنعاء. ونقترح كذلك على الدكتور المقالح تنظيم ندوة عن كتاب "الرحلة اليمنية" للشيخ عبد العزيز الثعالبي وندوة أخرى بمناسبة مئوية الشاعر التونسي والعربي الكبير أبو القاسم الشابي.

...ونريد أن تكون هذه الصباحية الثقافية لبنة إضافية في التفاعل والتكامل الثقافي المستمر بين تونس واليمن لمزيد التعريف بتونس لدى الشعب اليمني الشقيق.

_______

نشوان