النائب الإصلاحي علي العنسي: سوف أصاب بالفجيعة الكبرى لو سمعت قيادياً في المشترك يتحدث بنغمة الانفصال

قال النائب الإصلاحي في البرلمان علي حسين العنسي إن الإجازة التي اتخذها أعضاء مجلس النواب لأنفسهم رغم الأوضاع المتأزمة في البلاد التي تستدعي حضورهم، جاءت في موعدها المستحق لائحياً، بعد أن أمضى المجلس شهرين في قضية النائب البرطي، دون جدوى، وفشل في اللحظات الأخيرة في سحب الثقة من وزير العدل، وهو ما أدى إلى حالة من الإحباط لدى أعضاء المجلس، قبل أن يقرروا الدخول في إجازة بحسب اللائحة..

وكشف العنسي بأنه كان هناك مقترحان في المجلس بخصوص الأزمة الجنوبية أرجئ مناقشتهما إلى الفترة المقبلة، وشكا من أن هناك من يحاول أن يسلب البرلمان إرادته القانونية والدستورية.

وحول تصريحات بعض رؤساء المكاتب التنفيذية للتجمع اليمني للإصلاح في المحافظات الجنوبية، التي يعتبرها البعض أقرب إلى دعوات الانفصال، أشار إلى أنه كان هناك حدة في بعض الألفاظ، لكنه قال "سوف أصاب بالفجيعة الكبرى لو سمعت أن قيادياً في المشترك أو الإصلاح يتحدث بنغمة الانفصال أو فك الارتباط..

النائب العنسي تطرق -أثناء الحوار بكل وضوح وشفافية- إلى العديد من القضايا والموضوعات الساخنة على الساحة..

حاوره/ محمد الأحمدي

*نبدأ من حيث إجازة مجلس النواب، كيف يذهب أعضاء المجلس للإجازة والبلاد تحترق، يتساءل البعض ألا يكفيهم أنهم مددوا لأنفسهم عامين، فكيف يمنحون أنفسهم إجازة في ظل أوضاع مأزومة تمر بها البلاد؟

** بالنسبة للإجازة كإجازة جاءت في موعدها المستحق لائحياً، فالمجلس ظل قرابة الشهرين كما تعلم في حالة اجتماع ولم ينفض، وأخذ الجهد الأكبر فيه كما يعلم الجميع قضية النائب البرطي، وسحب الثقة من وزير العدل، وللأسف لم تحل قضية البرطي ولا سحبت الثقة من وزير العدل، وقد كانت فترة الشهرين ثقيلة على أعضاء مجلس النواب، واللائحة تقول أنه ينعقد المجلس شهراً يعقبه أسبوعان إجازة، ولو التزمنا بالعمل اللائحي كان أفضل من أن نمدد لشهرين وفي الأخير لم ننجز شيئاً، بل ظهرنا بمظهر محرج للغاية، ولم يكن أمامنا إلا رفع المجلس لأخذ أسبوعين كاملة إجازة.

*لكن الوضع كان يستدعي وجودكم؟

** أنا معك أنه جاء رفع الجلسات أو أخذ الإجازة في موعد غير موفق، وكان الأحرى أن نُدعى ونجتمع لأن ملتقانا الرئيسي هو قبة البرلمان، وحوارنا الرئيسي الذي يمكن أن يديره أعضاء المجلس كان تحت هذه القبة، ولكن لا أخفيك أن حالة من الإحباط سادت أعضاء المجلس في الفترة الأخيرة، وكذلك حالة من الملل أصابهم بسبب عدم تحقيق النتائج المرجوة.

*كان يمكن للأعضاء بأنفسهم أن يتنازلوا عن حقهم في الإجازة في هذا الظرف لصالح البلاد مثلما أجلت الانتخابات ومددوا لأنفسهم لمصلحة البلاد، كما قيل؟

** أنا أوافقك الرأي في هذا، ولا نبرئ أنفسنا من المسؤولية، ونتحمل كأعضاء وهيئة رئاسية فعلاً مسؤولية هذا الأمر، وأيضاً صناع القرار والنظام السياسي يتحمل معنا جزءاً من المسؤولية، لأن مجلس النواب لم يُتحْ له بعدُ أن يستخدم صلاحياته الدستورية والقانونية كاملة، بل لا يزال هناك تدخلات.

*أشرت إلى أنكم استغرقتم مدة شهرين لمناقشة قضية النائب البرطي ووزير العدل، خلال هذه المدة لم يبادر أحد الأعضاء إلى تقديم مبادرة لطرح قضية الأزمة الراهنة؟

** بل تقدمنا، وكان هناك مقترحان مطروحان في المجلس، مقترح بأن تستدعى الحكومة أولاً ونسمع منها ما الذي يدور في المحافظات الجنوبية وما الإجراءات المتخذة وما الإجراءات التي يمكن أن نتخذها نحن، وهناك مقترح آخر يرى بأن تشكل لجاناً تنزل ميدانياً إلى المحافظات الجنوبية وتعد تقريراً عن الأوضاع، ثم نجتمع مع الحكومة لقراءة هذا التقرير ونضع التوصيات، ولكن أصدقك القول بأن ما جرى في قضية سحب الثقة عن وزير العدل وإخفاق المجلس في ذلك في خطواته الأخيرة فضلاً عن ما تعرض له المجلس من انتكاسة واضحة في قضية النائب البرطي، بعد أن حاول المجلس أن يسير بها في مسارها الصحيح وفقاً للدستور والقانون أوجد نوعاً من الإحباط، حتى أصبحت للتندر، عندما يقول لك المواطن العادي البسيط لا تناقش المسألة الفلانية ولا الوضع الفلاني، لأنك أصلاً لم تستطع أن تتجاوز قضية نائب برلماني هو زميل لك في القاعة، ووقفت عاجزاً أمامه، ولم تنجح في سحب الثقة من وزير العدل، وبالتالي لا تستطيع أن تستخدم صلاحياتك الدستورية والقانونية في فرض هيبة الدستور والقانون في مثل هذه القضية، فكيف يمكن أن تكون مفوضاً لحل قضايا شائكة كالقضية الجنوبية أو قضية صعدة أو ما يعتمل في الواقع؟!.

*كنا نظن أن أعضاء الكتل البرلمانية من مختلف الانتماءات تجاوزوا الأطر الحزبية في قضايا معينة للمصلحة العامة، ولتعزيز دور البرلمان، لكن الآن في قضية النائب البرطي ما الأمر؟

** حافظنا على وحدة مجلس النواب في هذه القضية، وأنا أؤكد لك بوضوح وأنا مسؤول عن كلامي بأنه لا يوجد توجه أو توجيه من قيادات في أحزاب اللقاء المشترك، ولم تتدخل مطلقاً في هذه القضية لحساسيتها، ولأن العمل برلماني بحت، وكان العمل كما هو معلوم للجميع أننا لم ندافع عن النائب من باب المدافعة المتعصبة، كما أننا لم ندنه ولم نتهمه، إنما قلنا بأن الإجراءات التي اتخذت إزاءه لم تكن سليمة ولم تكن صحيحة، وإن على الحكومة وعلى القضاء أن يسير بالقضية هذه وفقاً للدستور والقانون، وكان هذا هو جوهرها، وقد كان الالتحام قائماً بين الأعضاء، لكن التدخلات في اللحظات الأخيرة جاءت فعلاً من الحزب الحاكم، وحتى أكون منصفاً فلن أقول لك أن كل أعضاء كتلة المؤتمر وقفوا بالضد، ولكن انقسمت كتلة المؤتمر، فهناك من رأى الاكتفاء بما قد جرى، وأن تحل المسألة بإرادة سياسية وبقرار سياسي أفضل من حلها عن طريق مجلس النواب، وهذه هي الإشكالية وهي أن كتلة المؤتمر تريد أن تتجمل مع الأخ الرئيس لكنها تضر كثيراً بمصالح الرئيس.

*وبالدور المفترض لمجلس النواب أيضاً، أليس كذلك؟

** نعم وبدور مجلس النواب، ولكن غير صحيح أن يقال لنا بأن الرئيس هو الذي لم يأذن بسحب الثقة، وبأن الرئيس سيصدر التوجيهات، لكن أعتقد بأن من يزين له هذه المسائل هو من يرتكب في حق الرئيس المخالفة أكثر مما ترتكبه المعارضة أو مجلس النواب.

*أشرت إلى تقديم مقترحين في المجلس بخصوص أزمة الجنوب؟

** (مقاطعاً).. هذه كانت تتداول بيننا وكانت هيئة الرئاسة ترجح استدعاء الحكومة بأكملها..

*ولماذا توقفتم؟

** أقول لك بأنه طال الوقت على المجلس شهرين متتابعة، لكن النتائج الأخيرة التي أسفرت عنها قضية النائب البرطي وتداعياتها لا شك أنها وضعت هيئة الرئاسة في موقف لا تحسد عليه كما وضعت الأعضاء أيضاً في نفس الموقف، سواءً أمامكم أنتم كصحافة ورأي عام، أو أمام المجتمع وناخبينا، ولا بد أن نعترف فعلاً بأننا أُحرجنا من هذه القضية.

*(مقاطعاً) دعنا في قضية الجنوب؟

** نعم، قضية الجنوب شائكة جداً جداً، وكانت تستدعي منا فعلاً إفراد جلسات لمناقشتها، ولو مغلقة، ليكون الكلام فيها بكل وضوح، وكنا مجهزين أنفسنا كأعضاء ولكن كما قلت لك بأنه طالت الفترة وفضلوا بأن تعقد في الفترة القادمة إن شاء الله.

*لكن البعض يرى أنكم كأعضاء برلمان خصوصاً المعارضة توزعتم في تكتلات قبلية وسياسية من مجلس التضامن الوطني إلى التشاور الوطني إلى غيرها من الملتقيات والتجمعات هنا وهناك وأغفلتم دور المجلس؟

** أعتقد أنه من وجهة نظركم بأن هناك تضارباً، لكن من وجهة نظرنا لا يوجد أي تضارب، فمسألة الملتقيات أو التشاورات أو مجلس التضامن أو غيره يمكن أن تحضرها أنت كمثقف أو صاحب رأي، والحقيقة أننا نستفيد من المنتديات والملتقيات وأصحاب الرأي والخبرة، وكانت ستكون الفائدة أكبر لو أن مجلس النواب يفرض نفسه على الجميع، لكن المجلس للأسف كما أشرت لك سابقاً هناك من يحاول أن يسلبه الإرادة القانونية والدستورية، وهذا هو غاية الخطر، لكن أؤكد لك بأن حضرونا هذه الملتقيات سواء التضامن الوطني أو التشاور أو غيرها فكأنك تحضر ندوة وتسمع الآراء المتعددة وتتفتح لك آفاق جديدة عندما تسمع أفكاراً من هنا وهناك، وأعتقد أنها من باب الإثراء الفكري والثقافي والسياسي لا بأس بها.

*لكن ماذا قدم إلى الآن مجلس التضامن الوطني مثلاً باعتبارك أحد قيادييه؟

** مجلس التضامن الوطني أُسس حديثاً وفي الأشهر الأخيرة بدأ يهتم بالعمل البرلماني من خلال الأعضاء المنضوين تحته، وهو منظمة مجتمع مدني، لا تمتلك القرار حتى نسألها عن سير الأوضاع، ولكن هو في الأخير يقدم الرؤى والدراسات كما تفعل مراكز الأبحاث والدراسات وغيرها.

*(مقاطعاً).. لمن قدم مجلس التضامن، هل قدم شيئاً لمجلس النواب مثلاً؟

** يتقدم مجلس التضامن عبر ممثليه في مجلس النواب بالآراء، ولا يتعارض مجلس التضامن مع توجهات الأحزاب والكتل البرلمانية، وكما تعلم بأن توجهات كتلنا السياسية على مختلف مشاربها هي التي يكون لها في البداية الرأي وإذا ما اتفقت الرؤى فليس معنى ذلك أن مجلس التضامن يحسب على المؤتمر أو على الإصلاح أو على المشترك، وإنما قد تتفق الرؤى كأي فكر تتفق أو تختلف معه.

*هذا كلام عام.. أريد بالفعل مثالاً ماذا قدم مجلس التضامن بخصوص الأزمات الراهنة؟

** أعتقد أنك لو خصصت السؤال في ما يخص البرلمان كان أفضل، وأما في القضايا العامة فنحن نعلم أن مجلس التضامن لديه رؤية في القضية الجنوبية نشرت في الصحف، ولديه رؤية عن قضية صعدة تحدثت عنها الصحف أيضاً، ولديه رؤى عن مختلف قضايا البلاد، يمكنكم الرجوع إليها، ولكن ما يهمنا هو ما يخص العمل البرلماني وهو لا يزال حديثاً.

*طيب.. من خلال لقاءاتكم بممثلي المحافظات الجنوبية والشرقية في البرلمان.. ماذا تلمسون منهم؟

** ألمس منهم شعوراً بالخطر من أن السهام تصوّب نحو الوحدة، ويتجه الحراك للانتقام من كل شيء جميل، وهذه التعبئة الخاطئة للأسف مرفوضة، نحن نتفق مع قضايا الحراك الجنوبي في القضايا التي تكون تحت مظلة الوحدة الوطنية وأن تناقش في الإطار الوطني، لكن أن تكون التعبئة ضد أي شمالي أو تكون التعبئة طائفية مناطقية فلا يتفق معها أحد، وهذا موقف معلن من قبلُ لأحزاب اللقاء المشترك، وأنا أيضاً ألمح بأن إخواننا في كتل المحافظات الجنوبية على مختلف مشاربهم يشعرون بالقلق من انتشار هذه النغمة التي تزعجهم كثيراً، وتظهر أبناء المحافظات الجنوبية الذين دائماً نتفاخر بهم وبأنهم موئل الثقافة والحضارة بصورة غير الصورة المعهودة عنهم، ولذلك كيف لأبناء المحافظات الجنوبية أن يصدقوا بأن كل شمالي يعيش في راحة وبحبوحة، وأنهم فقط من يتعرضون للتنكيل والتهميش، ونحن وإياهم في خندق واحد، يجب علينا أن نتنبه لمثل هذه الدعوات الخطيرة.

*صحيح، لكن في الواقع هناك رؤساء مكاتب تنفيذية للتجمع اليمني للإصلاح في المحافظات الجنوبية لا تختلف مواقفهم وتصريحاتهم عن قادة الحراك الجنوبي الداعين للانفصال، كما يقول البعض؟

** لا، لا أعتقد ذلك..

*(مقاطعاً) هناك تصريحات في قنوات فضائية؟

** ما أعتقده جازماً أنه ربما كانت هناك حدّة في بعض الألفاظ، أتفق معك في ذلك، لكن مسألة الدعوة إلى الانفصال غير ممكنة، لا يمكن لقيادي في المشترك وعلى وجه الخصوص في الإصلاح أن يدعو للانفصال مطلقاً.

*ربما يكون بسبب التأثر بأجواء الحراك مثلاً؟

** لا أعتقد نهائياً، نحن تربيتنا في التجمع اليمني للإصلاح خصوصاً تؤمن بأن المسلم أخو المسلم، فما بالك باليمني الذي هو أصل واحد وشعب واحد وبلد واحد.

*أقصد الموقف من الوحدة وليس المناطقية؟

** نشرت صحيفتكم الموقرة تصريحاً للأخ إنصاف مايو قبل فترة وهو رئيس مكتب تنفيذي للإصلاح في عدن، وواضح جداً قوله بأنه ليست عداوتنا مع الوحدة، وإنما مع من يمارس الفساد في السلطة، وهو الذي أضر بالوحدة، أما الوحدة فليست حتى محل تفكير أو اختلاف.

*لكن ألا ترى أن هناك بعض الشخصيات المحسوبة على اللقاء المشترك، سواء في الاشتراكي أو غيره، بدأت الآن تتأثر بدعوات الانفصال وأن قضية الوحدة مسألة قابلة للأخذ والرد؟

** نحن نحاكم الناس من خلال ما يثبت عنهم من أقوال، وأنا سوف أصاب بالفجيعة الكبرى لو سمعت أن قيادياً في المشترك أو في الإصلاح على وجه الخصوص يتكلم بنغمة أنه يريد فك الارتباط كما يسميها البعض، أو إعادة الانفصال، بل لا أعتقد نهائياً أنه سيكون هذا الكلام مطروحاً في لحظة معينة، لأنه مرفوض أساساً ويتناقض مع تربيتنا التي تربينا عليها ويتناقض مع منهج الإصلاح سواء في الظروف الحالية أو السابقة أو اللاحقة.

*لو انتقلنا إلى نقطة أخرى، وهي ظهور تكتلات جديدة على الساحة، بما في ذلك مثلاً التشاور الوطني للمشترك الذي بدأ يأخذ الآن طابعاً قبلياً، كما يقول البعض، هل تعتقد أننا أمام ظاهرة جديدة تتمثل في بروز تكتلات جديدة خارج سياق التكتلات الحزبية والسياسية الموجودة؟

** هذا بسبب تأخر النظام في تبني حوار صادق، ولعدم الجدية في الحوار مع القوى الوطنية الفاعلة التي كانت تمد ذراعيها وكانت الظروف مهيأة أحسن من هذه الظروف، لا شك ستنشأ هناك دعوات، لكن أي دعوة لتشاور أو حوار أو ملتقى في الإطار الوطني لتدارس المشاكل فأعتقد أنه لا داعي أن نتحسس منها، ولكن نحاكم النتائج فيما بعد، وأنا أقول نتمنى أن تخرج هذه الملتقيات واللقاءات والحوارات بنتائج مثمرة تؤكد على ثوابنا وتعالج مشاكلنا.

*لكن حتى يوم أمس والرئيس يؤكد دعوته للحوار مع الجميع؟

** أنا أخشى ما أخشاه ولا أخفيك أن دعوات النظام دائماً وأبداً هي للاستهلاك الإعلامي ولإحراج الأطراف الأخرى بأنه هو الذي يدعو إلى الحوار، ولكن في الواقع هل يمارسون ثقافة الحوار هل يبتعدون عن ثقافة التخوين، هل يؤمنون بالشراكة الوطنية، هل يؤمنون بالتغيير، هل يعترفون بوجود مشكلة أساساً، أم أن المشكلة كما يقول النظام هي في رؤوس المأزومين فقط؟، أعتقد أنه من السهل جداً أن أدّعي أنني أحاور ولكن ما الذي أقدمه فعلاً لإنجاح الحوار، هذا هو المطلوب، وأنا أقول أن الحوار كثقافة لا يمكن أن يختلف حولها اثنان، ولكن هل النظام فعلاً جاد في إصلاح الأوضاع، عليه أن يتجه إلى القوى الوطنية الفاعلة وإلى كل من يؤمن بسقف الوحدة، ولكن يخشى بعض الناس أن النظام ربما يتجه إلى المتطرفين في الأقوال والأفعال، ولربما ظن أنهم هم مصدر رضا إن رضوا ومصدر سخط أن سخطوا.

*هل تقصد بالمتطرفين السلفيين؟

** لا، لا أقصد السلفيين، وإنما أقصد المعارضة في الخارج.. والسلفيون بملتقياتهم وحواراتهم تصب في الإطار الوطني الذي يدرس ويشخص القضية، وهو مقبول وليس حوله أي إشكال.

*لكن هناك تحسس من قبل الإصلاح إن كنت تتفق معي لجهة دور السلفيين، الذي يحسب دائماً بأنه لصالح النظام؟

** لا داعي أن نتحسس، هي خطوة مفاجئة أن يعقد السلفيون ملتقيات عامة، وهي خطوة جريئة أيضاً يبدأ بها التيار السلفي في اليمن في العمل السياسي، وهو أمر ممتاز، لأنه كلما آمنوا بالعمل السياسي كطريق للحوار فإنها ستذوب كثير من الفوارق وكثير من الاختلافات بين أصحاب الاتجاهات الإسلامية، بدأ السلفيون خطوة جريئة لها ما بعدها وسيكثر فيها التحليلات والكلام، ولكن في مجملها تمثل خطوة متقدمة تشير إلى أن التيار السلفي انتقل إلى العمل السياسي الواضح ولم يعد لديه محرماً أو مجرماً.

* حتى من قبل هذا، يقول السلفيون أنهم يؤمنون بالعمل السياسي ولكن بحسب رؤيتهم هم لما هو مشروع وغير مشروع.. لكن الإشكالية لدى الإصلاحيين تحسسهم من مسألة "ولي الأمر" عند السلفيين، حتى صاروا يلمزونهم بها في وسائل إعلامهم، كما يرى البعض؟

** لا نحاكم بعض الآراء التي تأتي من بعض الكتاب فأنت تعلم أن لكل كاتب رؤيته وإن كان له انتماء، أنت لا تحاكم إلا إذا أُصدر تصريح نحو هذا الملتقى من الجهات الرسمية أو من الدوائر المخولة بإصدار تصريح حول أي موضوع، أما غير ذلك فهو رأي شخصي مثلما هو الآن اللقاء الذي تجرونه معي يندرج في إطار الرأي الشخصي ولست متحدثاً رسمياً بحيث يسأل الإصلاح عن ما سأقوله، لأن الإصلاح لا يمكن أن يكمم فَم أحد، ولكن الإصلاح كقاعدة عامة يقبل بالحوار ويقبل بالاختلاف في الإطار الممدوح وبما لا يؤدي إلى تشرذم وتمزق الأمة.

*عفواً أريد أن أسألك بعد مضي حوالي شهرين من التمديد لمجلس النواب.. هل تشعر بالندم على تأجيل الانتخابات لأنه لم يبدأ حتى الآن حوار الأحزاب الذي كان مبرراً للتأجيل؟

** أنا يمكن أن أجيب عليك بسؤال أطرحه عليك، هل كانت الظروف مهيأة أصلاً لإجراء انتخابات؟! ألم نكن نشعر جميعاً بأنه لو أجريت الانتخابات وقاطع المشترك ولم تجر أي إصلاحات وخاض المؤتمر التجربة منفرداً، ستكون التداعيات أخطر مما تتصور أنت الآن.. قد يقول البعض أنتم الذين استفدتم يا أعضاء مجلس النواب من التمديد لأنفسكم، ونقول بأن هذه جاءت في سياق الأحداث ولم يكن مخططاً لها، ولكن الكل نظر إلى أن هناك مشكلة في البلاد ينبغي تجاوزها.

*أنتم كأعضاء للكتل البرلمانية للأحزاب في مجلس النواب على فوهة المدفع كما يقال بخصوص هذه القضية، لماذا لا تضغطون على أحزابكم للبدء في الحوار؟

** نحن نجتمع مع قيادات اللقاء المشترك، ويعلم الله أننا مثلما نتكلم أمامكم نتكلم أمام قيادات المشترك وربما بلهجة أشد، وهم يبدون لنا كامل استعدادهم للحوار الجاد والبناء والصادق، ويشتكون دائماً من أن النظام هو الذي يسوف ولا يتخذ معهم الإجراءات الصحيحة رغم أنهم يمدون أيديهم لأي حوار وطني صادق، وأتمنى حتى لا نكون متشائمين بأن يستفاد من هذه المشاكل لجمع الناس، وقد أعجبني بهذا الصدد مقولة سمعتها من الأخ القيادي محمد الصبري في المشترك وهو يقول أن البلاد كانت تمر بأزمة وقد انتقلت من الأزمة إلى المخاطر، فلماذا لا نبدأ الآن بالعمل على درء المخاطر وتوحيد الصفوف لذلك.

*ما المطلوب الآن برأيك من كل القوى السياسية في المجتمع؟

** أن نبتعد عن المناكفات، ونتجه إلى حوار وطني صادق، وأن نسمع إلى الناس وأن تنزل القيادات في الحكم والمعارضة إلى الشارع لتسمع ما الذي يجري بحيث يكون التقييم ميدانياً لا أن نترك الشارع في المحافظات الجنوبية أو الشمالية، لأننا لو تركناه سيحل فيه غيرنا، والبديل للأسف ليس البديل المناسب، إذا كنت تؤمن بالحوار وضرورة الإصلاح فإن غيرك يستغل الأزمات والمشكلات ويعبئ للانفصال والكراهية والفتنة.

*شكراً لك يا أستاذ، هل من شيء تريد أن تضيفه؟

** شكراً وأتمنى لصحيفتكم النجاح، وهي تسير بخطى حثيثة وتفرض نفسها في الميدان باحترام القراء لها.