
لم يكن الوصول إلى الأستاذ غانم سهل المنال، بسبب ثكنات الحراسة العسكرية المشددة على بوابات مبنى الحزب الحاكم وإجراءات التأكد من هويات الزائرين وطلب الإذن بالدخول... إلخ، لكن للأمانة ليس أصعب من الوصول إلى قيادات "مشتركية" ربما جعلت من نفسها ذا أهمية أكثر من "المهاتما غاندي" أو "جيفارا" أو "نيلسون مانديلا"..
وأشكر رئيس دائرة المؤتمر السياسية الأستاذ غانم لتفضله بالموافقة على إجراء هذا الحوار، ولنائبه الدكتور مجيب الآنسي، الذي تمنيت أن أصطحب معي له نسخة من صحيفة "الغد" ليتعرف عليها، وللإخوة "حماة الوطن" المرابطين عند بوابتي اللجنة الدائمة للمؤتمر الشعبي العام الرئيسية والداخلية، لأنهم أذنوا لي بالدخول فور توجيهات عليا.. إلى الحوار:
*نبدأ من حيث المؤتمرات الفرعية للسلطة المحلية في المحافظات، المعارضة تعتبرها هروباً من استحقاقات الحوار الوطني، ما رأيك بهذا الطرح؟
** هذا الطرح ليس له علاقة بالحراك السياسي وليس له علاقة بالتقدير لعقد هذه المؤتمرات وبما ستؤول إليه هذه المؤتمرات، هذا مجرد طرح سياسي لمجرد التخفيف من عذاب النفس إزاء التخلف عن المشاركة الكبيرة للجماهير في هذه المؤتمرات الفرعية للسلطة المحلية التي عقدت في جميع المحافظات، وكان هناك التفاف شعبي كبير حول هذه المؤتمرات الفرعية، وهي مؤتمرات تهدف إلى التمهيد لعقد المؤتمر العام للمجالس المحلية لهذا العام والتي سينتج عنها الانتقال إلى نظام الحكم المحلي واسع الصلاحيات الذي من المفترض أن يكون هو الشكل المستقبلي لعلاقات السلطة المركزية بالسلطة المحلية، وهي قضية جوهرية يفترض أن تكون من قضايا الحوار بين القوى السياسية، ولكن طالما أن الإخوان في بعض أحزاب المعارضة لم يشاركوا في هذه المؤتمرات يبدو أن شعوراً بالذنب قادهم إلى اعتبارها خروجاً عن الاستحقاقات المرتقبة للحوار الوطني.
*أنت أشرت إلى أن هذه المؤتمرات ستقود إلى حكم محلي واسع الصلاحيات، وهناك إشكالية في هذه القضية، هل هو واسع أم كامل الصلاحيات؟
** دعني أقول لك ليس المهم في التسميات، سواء كان واسع الصلاحيات أو كامل الصلاحيات.
*مقاطعاً.. هناك فرق؟
** المهم هو مضمون الصلاحيات والإمكانيات التي ستمنح للحكم المحلي في قانون الحكم المحلي في ضوء التعديلات الدستورية، أنا لا أعتبر أن هناك فرقاً بين عبارة واسع الصلاحيات أو عبارة كامل الصلاحيات، لأن الاعتماد هو على مضمون هذه الصلاحيات في القانون الذي سيطبق.
أنا أعرف أن كثيراً من الناس يشغلون أنفسهم وتشغلهم هذه الفروق بين الصلاحيات، ما هو؟، كامل الصلاحيات أو واسع الصلاحيات؟، دعني أقول لك بأن المهم هو حكم محلي، ثم توسّعه أو تكمّله، هذا راجع لمضمون الصلاحيات التي ستمنح بالقانون، وما يمنح بالقانون هو مبني على واقع وليس على وهم.
*لكن الدكتور الإرياني مستشار الرئيس فرق في هذه المسألة وقال أنه يجب أن نستخدم المصطلح الأكثر وضوحاً وهو كامل الصلاحيات؟
** وهناك آخرون يستخدمون عبارة واسع الصلاحيات..
*وهذه مسألة ترجع إلى ما سيحدده القانون برأيك؟
** بالضبط.
*الآن مضى قرابة أربعة أشهر على اتفاق تأجيل الانتخابات من أجل الدخول في حوار بين الأحزاب، لماذا لم يبدأ الحوار إلى الآن؟
** أظن أنها لم تمر فترة أربعة أشهر كما قلت، الفترة الحقيقية بدأت من 27 إبريل 2009، ولو حسبنا هذه المدة فهي حوالي شهر ونصف تقريباً أو أقل من ذلك، المسألة الثانية أن هذا الحوار الموقع عليه بين المؤتمر الشعبي العام والأحزاب الممثلة في مجلس النواب سوف يبدأ كما هو متفق عليه في وقت قريب، لا أستطيع أن أقول لك الآن تاريخاً محدداً، ولكن من آخر اتصال بين الدكتور عبد الكريم الإرياني والأستاذ عبد الوهاب الآنسي تم الاتفاق على أن يبدأ الحوار بعد أن ينتهي الأستاذ عبد الوهاب الآنسي من التشاور مع زملائه في قيادة الأحزاب الممثلة في البرلمان، وأتوقع شخصياً أن يبدأ هذا قريباً.
*لماذا برأيك تنكر المعارضة وجود أي اتصالات بينها وبينكم بخصوص البدء في الحوار؟
** لست أدري.
*من بيده ملف الحوار مع أحزاب المعارضة في المؤتمر الشعبي؟
** الدكتور عبد الكريم الإرياني.
*هل لديكم رؤية واضحة للحوار وآليات واضحة أيضاً؟
** طبعاً لدينا آلية، ونحن مستعدون استعداداً كاملاً للبدء بهذا الحوار ولدينا مقترح بجدول زمني لهذا الحوار يتضمن جميع القضايا التي تم الاتفاق على طرحها في الحوار.
*البعض يقول أن دعوتكم للحوار هي للاستهلاك الإعلامي وإحراج خصومكم في المعارضة أمام الرأي العام من خلال هذه الدعوة المفرغة، لكن لا شيء على أرض الواقع؟
** الدعوة إلى الحوار صدرت عن فخامة الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية، ولا أعتقد أن هناك من يتهم الأخ الرئيس بأنه يستهلك الوقت..
*لكن في الواقع أن المعارضة تقول أنه حتى دعوات الرئيس أو توجيهاته أحياناً لا تؤخذ على محمل الجد حتى عند الحزب الحاكم نفسه؟
** هذا كلام غير دقيق.
*من خلال جولات الحوار السابقة مع القوى السياسية في البلاد التي كان لكم حظ فيها حسبما أعرف، هل تجدون فرقاً من حيث الأهمية في الحوارات السابقة والحوار في المرحلة الراهنة؟
** بالنسبة لنا في المؤتمر الشعبي العام لا نجد فرقاً في هذه المسألة سوى أن هذا الحوار الأخير تم بناء عليه تأجيل الانتخابات، هذا هو الفرق الوحيد، أما بالنسبة لنا فإن موقفنا كان جاداً سواء في الحوارات السابقة وإن شاء الله سيكون جاداً في الحوار القادم.
*الأوضاع الراهنة الآن أكثر صعوبة من السابق، كالقضية الجنوبية وحرب صعدة وتداعيات الأزمة المالية العالمية، كل هذا ألا يلقي بظلاله على أهمية الحوار من عدمه؟
** هذا بدون شك يلقي بظلاله، ولكن ليس هو الأصعب في تاريخ اليمن، سبق وأن مررنا بظروف أصعب من هذه بكثير واستطعنا بفضل الله وبفضل وقوف شعبنا مع قيادته السياسية أن نتجاوز تلك الصعوبات، وأنا متأكد أننا سوف نتجاوز هذه الصعوبات القائمة.
*المعارضة وأقصد المشترك تحديداً يتهم الحزب الحاكم بالتنصل عن الاتفاقات السابقة وأن المؤتمر أساء استخدام الحوار؟
** هذا كذب..
*فقط تقول بأن هذا كذب؟
**يسكت..
*طيب، لماذا لم يتم الالتزام بنتائج الحوارات السابقة؟
** اسألهم..
*ما موقفكم في المؤتمر من مبادرة رابطة أبناء اليمن التي أطلقت مؤخراً؟
** أولاً نحن نقدر تقديراً عالياً حزب رابطة أبناء اليمن بقيادة الأستاذ عبد الرحمن الجفري، وأستطيع أن أؤكد بأن هذا الحزب يحظى بتقدير متزايد من قبل المؤتمر الشعبي العام، وخاصة من بعد انعقاد مؤتمره العام الأخير، أما في ما يتعلق بالمبادرة التي أعلنها حزب الرابطة فهي محل بحث ودراسة من قبل المؤتمر الشعبي العام ويمكن أن نعلن عن موقفنا أو نقوله مباشرة للإخوة في حزب الرابطة.
*من حيث الفكرة، فكرة الفيدرالية وتقسيم اليمن إلى أقاليم، أنت شخصياً هل ترى أنها مناسبة للتطبيق في اليمن؟
** الدعوة إلى إقامة نظام فيدرالي في اليمن حالياً غير مقبولة.
*لماذا؟
** هذا رأي شخصي.
*لماذا غير مقبولة؟
** لأنها غير واقعية.
*هل تقصد أنها قد تؤدي إلى التشطير أو تعمق التشطير؟
** لا، لن تعمق التشطير، ولا أقول أنها ستؤدي إلى التشطير، لكن أقول أنها غير واقعية.
*تعني لا يمكن تطبيقها؟
**مقاطعاً.. لا تقل على لساني ما لم أقله.
*أنا أسأل فقط..
** يضحك..
*المؤتمر يمارس عملية إقصاء لشركائه السياسيين، هكذا يتهمكم البعض، لماذا هذا الإقصاء؟
** هذا كذب.
*تقصد أنه لا يمارس هذه السياسة؟
** مقاطعاً.. لا لا كذب، هذا الكلام كذب، أن المؤتمر يقصي شركاءه السياسيين هذا كذب.
*في الواقع تقول المعارضة أن قضية صعدة مثلاً تقوم الحرب بقرار من الحاكم وتنتهي بقرار...؟
** وهل هذا عيب؟
*هذه قضايا وطنية تهم كل القوى السياسية؟
** مقاطعاً.. هل هذا غلط، أن نوقف الحرب بقرار؟!.
*إنه قرار فردي؟
** لا، مش قرار فردي، بل قرار الدولة، كيف قرار فردي؟ هذا قرار الجمهورية اليمنية.
*فلماذا بين الفينة والأخرى تعود الحرب مجدداً، يستدلون من هذا على أن قرار وقف الحرب فردي؟!
** لا، ليس قراراً فردياً، وإنما قرار الدولة، ويجب أن تفهم أننا عندما نقول الدولة فلا نقصد المؤتمر الشعبي العام، بل نقصد الجمهورية اليمنية، ولكن بعض الذين يفهمون ويغالطون الصحفيين ويغالطون الناس يقولون لك أن هذا قرار فردي.
*هل من شيء تود أن تضيفه؟
** لا شيء، شكراً..
*شكراً لك..




