
في زمن يسود فيه شعار لا مساءلة ولا ضبط وتحكم وسيطرة دون شفافية ولا تدفق حر للمعلومات وإدارة كفؤة مستقلة دون حوكمة وفق ضوابط محددة وكذلك لا سوق أوراق مالية دون بوابة أساسية ممثلة بالحوكمة وبالاستقرار الاقتصادي وثبات سعر العملة وتشريعات وأنظمة مرنة وفريق فني وإداري متمكن من إدارة السوق بجدارة.
تلك الآلات بالإضافة إلى لاء الناهية بسبب غياب ثقة القطاع الخاص بالجانب الحكومي التي تجاوزت الـ14 عاما منذ أن بدأت الخطوات الأولى لنوايا إنشاء سوق أوراق مالية كمطلب دولي وكحاجة وضرورة وطنية لأهمية دور سوق البورصة في تعبئة الموارد والمدخرات وتنشيط الاستثمار في كافة القطاعات الاقتصادية المختلفة بالإضافة إلى أن إنشاء هذا السوق كترمومتر للاقتصادا لوطني أحد أهم مطالب انضمام اليمن إلى منظمة التجارة العالمية ومجلس التعاون الخليجي إلى جانب كونه إحدى متطلبات برنامج الإصلاح الاقتصادي وكمؤشر لانعكاسات عملية الإصلاح الاقتصادي التي تم تنفيذها على مدى 14 عاما مضت، أنهكت حال المواطن اليمني وأثقلت كاهله وبددت قوة الاقتصاد.. إلى الفقرات.
يعرف سوق الأوراق المالية بسوق تبادلي منظم يتقابل فيه العرض والطلب تحت سقف واحد وتتوسطهما شركة السمسرة المعنية بتداول الأوراق المالية بالبورصة ويتم التفاعل بين قوى العرض والطلب وفق شروط محددة قانونيا، لا تخرج عن القوانين المنظمة وقواعد اللعبة ونظمها المحددة كما يعد سوق البورصة أداة فاعلة لنقل الاقتصاد القومي من حالة الركود إلى الحيوية الفاعلة اقتصاديا واجتماعيا، من خلاله يستطيع صغار المستثمرين الادخار وشراء الأسهم وعبره يسعى المستثمرون للحصول على سيولة مالية لاستكمال المشاريع المتعثرة ونظرا لأهمية العمل بشفافية الأداء والوضوح فإن السوق لا تقبل أي شركة إلا إذا قدمت مركزها المالي وأصولها ومستوى أدائها والنظم المتبعة والضمانات المقدمة لصغار المساهمين فيها وجلها متطلبات حوكمة الشركات وانتقالها من شركة عائلية أو خاصة إلى شركة مساهمة عامة، حيث تسيل جزءاً من أسهمها أمام صغار المستثمرين وبذلك تتمكن الشركات من تحسين وضعها العملي والتوسع في أداء خدمتها وفق رؤية ورسالة نابعة من إدارة كفؤة وقادرة على القيام بالتغيير الإيجابي في مسار الشركة ونحن في اليمن على مدى الفترة السابقة المصاحبة لفترة الإعداد لسوق الأوراق المالية الذي لم ير النور رغم أن الإمكانيات المالية التي تم تبديدها تصل إلى ما يقارب 170 مليون دولار من قبل أربع جهات حكومية، وزارة التخطيط ووزارة التجارة ووزارة المالية والبنك المركزي، والمعروف أن القطاع الخاص اليمني يتسم بخصوصية التحفظ على رأس المال الحقيقي والبعض يقاوم الانفتاح لأسباب معينة ظلت عقبة كأداء أمام رجال الأعمال المتفاعلين مع قيام السوق الذين وجدوا أنفسهم أمام سياج منيع من القوانين الضريبية ابتداء بقانون الدخل، ثم قانون الأرباح، ثم قانون الضريبة على المبيعات بالإضافة إلى كم من القوانين المعيقة كقانون حوكمة الشركات وقانون السندات والأسهم.
خطوات متعثرة ومصير غامض
بدأت الخطوات الاولى في اتجاه إنشاء سوق أوراق مالية يمنية من قبل الحكومة منذ الفترة 96 إلى98م وتمثلت الخطوة الأولى بتحليل الوضع الحالي ومعرفة مدى توفر مقومات إنشاء السوق وبادرت الحكومة بالتعاون مع صندوق النقد العربي بإعداد دراسة أولية تناولت مستوى العرض والطلب والشركات المساهمة والكتلة النقدية والمدخرات المتوفرة وخرجت الدراسة بنتائج إيجابية وبتوصيات أكدت الدور الهام الذي سيلعبه السوق في تنمية الاقتصاد الوطني، أكان في مجال نقل الفائض من رأس المال إلى الجهات التي تعاني من عجز وأتاحت للشركات مصادر دخل جديدة، جراء إصدار أسهم وسندات للحصول على ما تحتاجه من أموال للتوسع والنمو وكذلك دورها في جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية ودورها في معالجة المديونية الخارجية، بالإضافة إلى دورها في استعادة الأموال المهاجرة كانعكاس لتحسن المناخ الاستثماري الناتج عن ثقة المستثمر المحلي أو الأجنبي بتعاظم قدرة الاقتصاد الوطني واستقراره وبناء على النتائج والتوصيات بدأت الخطوات الثانية والتي قيل إنها تسير في اتجاه إنشاء لجنتين للتحضير لسوق الأوراق المالية خلال أغسطس 2000م، إحدى تلك اللجان فنية والأخرى إشرافية بمشاركة الحكومة وممثلي القطاع الخاص، وتم إنجاز المرحلة الأولى من خطة الإعداد باستقدام شركة C.D.B الاستشارية الكندية في مجال الإعداد لأسواق الأوراق المالية لإعداد وثيقة مشروع قانون الأسهم والسندات في الجمهورية اليمنية، كما أعدت الشركة دراسة جدوى وقدمت خطة عمل لتلك اللجان المشكلة مقابل ملايين الدولارات وفي الوقت الذي أسقطت كل تلك الخطوات مع توقف عمل اللجان عام 2002م واصلت الحكومة حديثها عن إنشاء بورصة صنعاء حتى أصبح الحديث عن إعلان ميلاد أول بورصة مالية يمنية وشيكا خلال العام 2005م ولكن دون سقف زمني الذي ظل مفتوحا حتى عاودت الظاهرة الصوتية حول الكيان المالي الحديث المرتقب بأثر رجعي بداية 2006م كتلبية لمطالب دولية مصحوبة بإعانات مالية وفنية مما دفع حكومة باجمال لاتخاذ إجراءات ووضع حدود زمنية لا تزيد عن عام وفي ذات الشأن شكلت لجنة أخرى برئاسة وزير المالية السابق، الدكتور العسلي والتي قدمت تقريرها خلال النصف الأول من عام 2006م إلى مجلس الوزراء لتكشف عبر محاور التقرير حقيقة الظاهرة الصوتية والتي كشفت عدم وجود البنية الأساسية لإنشاء السوق وغياب شبه كامل للأطر القانونية والتنظيمية والمؤسسية التي يمكن أن تساهم في سرعة إنشائه، منها عدم تهيئة القطاع الخاص هيكليا للدخول في السوق باعتبار القطاع الخاص قطاعاً عائلياً منغلقاً بنسبة 95% بالإضافة إلى عدم استيعابه للدور المحوري في رسم السياسات الاقتصادية والمالية وعادت الحكومة إلى الصفر، حيث بدأت مرة أخرى بالاتجاه نحو البوابة الحقيقية للدخول إلى أسواق الأوراق المالية من حوكمة الشركات وسعت إلى توقيع مذكرة تعاون مع معهد حوكمة دبي، بهدف تطوير معايير حوكمة الشركات في اليمن وتزويد الجانب اليمني باستشارات الحوكمة المتعلقة بالأسس التنظيمية والقانونية، كما تم توقيع مذكرة مع الأردن لتقديم الدعم الفني في الجانب المالي بالإضافة إلى إعادة تدريب عدد من الكوادر التي سبق لوزارة المالية أن أرسلتها للتدريب في بورصة القاهرة وبورصة نيويورك وبانتهاء العام 2006م اختفى ذلك الإعداد مرة أخرى.
حقائق غامضة واقتصاد هش
تتبعا لتلك الخطوات المتعثرة التي لا مصير لها بعد صيحة الإرياني الأخيرة التي أكد فيها نتائج إدارة عجلة الاقتصاد الوطني من تحت الطاولة وتمسك البنك المركزي اليمني بآلية أذون الخزانة، كسياسة مالية أصلت التخلف المالي الذي تصل خسائره سنويا إلى نصف مليار ريال، بل تخفي حقائق الأمور ما هو أفدح من أي أرقام محتملة، خصوصا في ظل التناقضات الرسمية حول ارتفاع نسبة التضخم وانخفاضها والآثار الخارجية الناجمة عن تداعيات الأزمة المالية العالمية التي عصفت بالعالم أجمع وأدت إلى إفلاس كبار شركات العالم المتقدم.. وفي اليمن الذي يعد اقتصاده الوطني من أشد الاقتصاديات حساسية للصدمات الخارجية والداخلية سعى القائمون على السياسة الاقتصادية إلى التقليل من حجم الآثار الخارجية للأزمة وعزوا ذلك إلى عدم امتلاك اليمن بورصة مالية، متناسين أن اليمن تعتمد على سد احتياجاتها الغذائية وغيرها من مصادر خارجية وبنسبة ارتباط 95%، متجاهلين علاقة الإيرادات العامة بالنفقات العامة المختلة أصلا لعدم الوضوح في الكم الإجمالي أو الكيف الإنفاقي، فكان للأزمة المالية العالمية الأثر البالغ المباشر وغير المباشر، خصوصا وأن اليمن تعتمد على صادرات غير مستقرة ومرتبطة بآلية السوق -العرض والطلب- فبعيد الأزمة تهاوت أسعار النفط لتفقد أكثرمن 100 دولار للبرميل الواحد، والجدير بالذكر أن المواد الخام يشكل نسبة 90% من حجم الصادرات اليمنية التي وصلت قيمتها الإجمالية عام 2008م إلى 7 مليارات دولار يضاف إلى ذلك تراجع حجم المساعدات الدولية إلى النصف وتراجع عائدات القطاع السياحي، كل ذلك كان له أثر لا زال غامضا على الموقف العام للموازنة وعلى الاقتصاد الوطني، كغموض الخسائر المالية التي تبخرت من الاحتياطات المالية الخارجية التي تم استثمارها في بنوك 15 دولة، فتلك الأصول المالية التي قيل عنها إنها مأمونة من مخاطر الأزمة المالية، من قبل البنك المركزي الذي أكدت قيادته بعيد الأزمة أن المحفظة المالية للبنك في الخارج لم تتأثر ولم تعان من أي خسائر، وإن كانت سلة العملات في الخارج لم تتأثر فإن انخفاض عوائدها الاستثمارية وتآكل القيمة الشرائية لها آثارا أخرى لا زالت في علم الغيب.
تحذيرات الإرياني وتأكيدات البنك
في محاولة للتقليل من أهمية تحذيرات الدكتور/ عبدالكريم الإرياني التي أطلقها مؤخرا سعى البنك المركزي إلى الإعلان عن انخفاض نسبة التضخم إلى ما دون 3% وعلى سبيل المقارنة بالنسبة التي أعلنتها الحكومة اليمنية أواخر مارس الماضي ارتفعت نسبة التضخم إلى 10% ومن المفارقات أن يسيطر البنك على 7% من نسبة التضخم في البلاد خلال ثلاثة أشهر في الوقت الذي فشل في الحد والسيطرة على نسبة التضخم منذ 15 عاما مضت، بل إن التضخم ظل إرثا اقتصاديا ثقيلاً يرتفع ثم ينخفض منذ بداية ثمانينات القرن الماضي كنتيجة لانخفاض الناتج المحلي الإجمالي الذي يعاني كثيرا من الاختلالات الهيكلية والقطاعية، حيث يعتمد بنسبة 30% على القطاع النفطي غير المستقر وتراجع دور القطاع الزراعي وعجز القطاعات غير النفطية الأخرى عن تحقيق أهدافها لمعوقات ذاتية في بنيتها الداخليلة وبالتحديد قطاع التأمين والسياحة والصناعات التحويلية والقطاع السمكي وغيرها. وإن كانت الأرقام الصادرة عن الجهات الرسمية مؤخرا أكدت تراجع كمية الصادرات النفطية اليمنية إلى 5.9 ملايين برميل مقارنة بـ10.4 ملايين برميل خلال النصف الأول من العام الحالي والماضي وكذلك خسارة اليمن 744 مليون دولار من عائدات النفط في نفس الفترة، فإن صيحة الإرياني التي كشف من خلالها "أن الاحتياطات المالية لا تكفي للنصف الثاني من العام الحالي لسد الاحتياجات الأساسية" قد لا تقل أهمية في حالة تحققها في قادم الأيام عن صيحة جوليان هكسيلي 48م التي من خلالها دعا إلى تجسير الهوة بين الطلب والعرض وإلا فعلى الحضارة الفناء، في ظل إدارة السياسة العالمية بالتحوير والمداراة وآلية أذون الخزانة التي تعتمد على فتح المزاد العلني تارة وضخ العملاات الصعبة إلى السوق تارة أخرى للحفاظ على استقرار السوق وكل المجريات تتم خلف ستار بينما سوق الأوراق المالية يساهم في إحداث حراك اقتصادي واستثماري غير محدود.
د/ رياض.. القوانين غير مواتية
عدم توفر البيئة الاقتصادية والإدارية الملائمة لقيام سوق الأوراق المالية في اليمن، ابتداء من القطاع الخاص الذي يعاني من اختلالات هيكلية وتحديات ذاتية، منها ما يتعلق بالجانب الثقافي القائم على التحفظ على رأس المال بسرية تامة وصولا إلى أن بعض الأقارب لا يعلمون الكم الإجمالي لرأس مال المستثمر المحلي وتمتد حالة الانغلاق إلى مقاومة الشراكة مع صغار المستثمرين خصوصا وأن 95% من شركات القطاع الخاص المحلي شركات ومؤسسات مغلقة وترفض فكرة طرح أسهم للاكتتاب العام أو تحويل نسبة معينة كمؤشر للتحول إلى شركات عامة يضاف إلى ذلك فشل الشراكة الحكومية مع القطاع الخاص في ضبط أداء السوق والحد من الاختلالات وفشل الجهات الحكومية في إقناع شركات القطاع الخاص في تأسيس حوكمتها وإعادة تأهيلها للدخول في سوق الأوراق المالية وخلال زيارتنا لوزارة التجارة علمنا من عدد من المسئولين أن حوكمة الشركات أحد أهم أهداف الوزارة ولا يمكن فتح الشركات المغلقة دون حوكمة وفي الوزارة التقينا الدكتورة أعياد رياض مدير عام الشركات بالوزارة والتي أكدت لنا أن هناك وعياً لدى أصحاب الشركات الشباب منهم وبالتعاون مع نادي رجال الأعمال نفذت عدة دورات في مجال التعريف بأهمية حوكمة الشركات وأشارت إلى أن فصل الملكية عن الإدارة بحاجة إلى تعديلات قانونية تشمل قانون الضرائب والجمارك والشركات وأكدت رياض أن بعض القوانين لم تعد من قبل الوزارة ولم تشمل تلك القوانين كل ما يجب أن يسهل عملية التحول من الواقع الحالي وتمنت أن يتم إشراك المختصين في إعداد القوانين حتى يتم تلافي القصور واعتبرت رياض تعديل القوانين التي تعاني القصور لمواكبة المنظومة التشريعية لدول الخليج ولتحفيز الشركات العائلية على تبني نظام الحوكمة من شأنه أن يساعد الشركات على الكشف عن بياناتها بشفافية واختتمت تصريحها بالتأكيد على وجود عدة شركات ومؤسسات مؤهلة وقادرة على الدخول في سوق الأوراق المالية وغالبيتها حكومية.
تجار/ من سيحمي صغار المستثمرين؟
وفي سياق جولتنا في السوق المحلي لمعرفة مدى معرفة المستثمر المحلي خصوصا الذين استثماراتهم ترتبط بآلية السوق العالمي عرضا وطلبا، ارتفاعا وانخفاضا بصورة مستمرة ويومية، كالذهب الذي يمر بحالة عدم استقرار منذ أكتوبر الماضي وفي أكثر من محل للذهب لاحظنا وجود أجهزة خاصة بمتغيرات سوق الذهب العالمية وخلال جولتنا التقينا الأخ/ طه عبدالله الراعي مالك عدة محلات لبيع المجوهرات وشرائها والذي أفاد بأن سعر الذهب يتغير من لحظة لأخرى حسب مؤشرات الأونصة التي تحدد سعر البيع وسعر الشراء بين فينة وأخرى وأضاف نراقب الأونصة باستمرار لمراقبة تقلبات السوق ونحصل على المعلومات من القناة العادية للأونصة C.M.B.C العربية أو من الإنترنت في مجال الاقتصاد وهناك عدة مواقع نعتمد عليها في مجال البيع والشراء وأشاد الراعي أن البيع والشراء لا يخضع لعملية العرض والطلب في السوق اليمني بل في السوق العالمي، مشيرا إلى أن السوق اليمني يزداد فيه الطلب في عدة مواسم فقط، بينما تتعرض الأسعار للاهتزاز في عدة مواسم وأحيانا طوال العام، وفي ذات السياق أكد لنا أحد رجال الأعمال الذي تحفظ على اسمه عدم ثقته بقدرة الحكومة والاقتصاد اليمني على حماية رأسمال المستثمرين المحليين في حالة إنشاء البورصة، متسائلا بالقول إذا لم تستطع الحكومة حماية احتياطاتها المالية في البنوك الأوروبية والغربية والتي فقدت مليار دولار كيف ستحمي حقوق كبار المستثمرين وصغارهم، مشككا في قدرة الحكومة على حماية صغار المستثمرين حتى وإن وجد قانون خاص لحماية صغار المستثمرين من المضاربات والأعمال التي قد تخل بأداء السوق.
بورصة صنعاء.. لوحة تذكارية
المحرج جدا للوضع المالي في اليمن غياب سوق أوراق مالية كدولة وحيدة في المنطقة العربية والخليج، بعد أن أعلنت سوريا مؤخرا عن قيام سوقها المالي ابتداء بخمس شركات لتبقى اليمن وجارتها الإفريقية الصومال الدولتين الوحيدتين اللتين لم تتكيفا مع متطلبات عولمة الاقتصاد، ومع اختلاف العوامل والاتجاه نحو السوق فإن اليمن قد فشلت على مدى 14 عاما في إعلان قيام السوق كبديل لأذون الخزانة أو كمساند لها، وبخطوات غير مدروسة حددت الحكومة اليمنية عام 2000م لافتتاح بورصة صنعاء ثم تراجعت ليختفي مفهوم البورصة من سوق الإعلام الرسمي ليتحول إلى ظاهرة صوتية تعود شهوراً وتغيب دهوراً وكلما غابت أو عادت يغيب مصير الأموال التي أهدرت سيما وأن عودتها تبدأ بدراسة واقع السوق اليمنية وملاءمتها مع متطلبات إنشاء السوق، أي تحليل الواقع الحالي لتحديد الخطوات المستقبلية، وبعد غياب سعت الحكومة ممثلة بوزارة المالية إلى توقيع اتفاق مع مؤسسة الخدمات المالية في نيويورك لإدارة مشروع السوق وخصصت اعتمادات مالية لإنجاز المشروع ثم غاب الحديث عن البورصة حتى نهاية فبراير الماضي، حيث عادت مرة أخرى حين زار رئيس المؤسسة الأمريكية اليمن.. والجدير بالذكر أن كل الخطوات الأولى التي قطعتها وزارة المالية والتخطيط والتجارة والبنك المركزي لم تعد مجدية، فكل الإجراءات السابقة واللاحقة لم تحدد نظام التداول المفترض ونظام التسوية والمقاصة وخدمات المعلومات والحفظ والإيداع وغير ذلك من الأنظمة واللوائح الضرورية لإنشاء سوق أوراق مالية، رغم أن اليمن قطعت خطوات عدة في إعداد مشاريع القوانين وإعداد خارطة التحكم وتصور نموذج لإدارة البورصة ظلت محور خلاف بين شركاء العملية الاقتصادية، ففي حين يرى القطاع الخاص أحقيته في إدارة البورصة ترى الحكومة ضرورة المشاركة في الإدارة أو إدارتها خلال مرحلة معينة ثم تسليم الإدارة للقطاع الخاص، ولا يزال مصير مشروع بورصة صنعاء لوحة تذكارية وهمية بجانب مبنى مكون من خمسة أدوار يقع بجانب وزارة المالية وكان قبل ثلاثة أشهر ما تسمى بوحدة السوق والبورصة مجرد غرفة قد تحولت لصالح إدارة الدين الخارجي لتبقى اللوحة وللعلم أن الطريق إلى البورصة لا زال صعبا والوصول إليه نهاية 2009م ليس سوى ضرب من الخيال، خصوصا وأن السوق في شقة لا ملامح لها وكما قيل لنا أن هناك من منع القائمين على إعداد البورصة من الإدلاء بأي تصريحات صحفية.





