منظمة يمنية تحدد نقاط التعثر في تنفيذ المبادرة الخليجية

أعلن توجه "نحو يمن آمن للأجيال القادمة" أنه في إطار رصد ومتابعة تنفيذ المبادرة الخليجية والآلية التنفيذية والقرار الأممي 2014، يصدر مدونة ملاحظاته الثانية عن مدى التزام الأطراف المعنية بتنفيذ المبادرة وآليتها خلال الفترة (من 10 ديسمبر حتى 28 ديسمبر 2011م)، منتهجاً في ذلك تتبع البنود المنصوص عليها ومواعيدها الزمنية المحددة في كلا نصي:

- المبادرة الموقع عليها في الحادي والعشرين والثاني والعشرين من مايو بصنعاء.

- الآلية التنفيذية الموقع عليها في الثالث والعشرين من نوفمبر بالرياض.

أولاً: الضمانات المتعهد بها في المبادرة

لاحظ التوجه أن المبادرة قد نصت على التئام مجلس النواب بكافة كتله البرلمانية لإقرار قانون الضمانات في اليوم التاسع والعشرين من نفاذ المبادرة (أي في 21 ديسمبر)، إلا أن المجلس حتى ذلك التاريخ لم يلتئم بالنصاب القانوني في ذات الموعد المحدد بسبب تغيب بعض أعضائه من مختلف الكتل البرلمانية بما فيها المؤتمر وحلفائه مع كتل المشترك وشركائه.

وحسب الخارطة البرلمانية الجديدة: مؤتمر 186، مشترك 54، مستقلون 61 تبين غياب معظم الأعضاء من مختلف الكتل البرلمانية.

ويعني عدم حضور معظم كتل الطرفين تهاوناً بما نصت عليه الآلية في المادة 9:

"9. سيتخذ الطرفان الخطوات اللازمة لضمان اعتماد مجلس النواب للتشريعات والقوانين الأخرى اللازمة للتنفيذ الكامل للالتزامات المتعلقة بالضمانات المتعهد بها في مبادرة مجلس التعاون الخليجي وفي هذه الآلية".

ثانياً: برنامج الحكومة والبرلمان

نصت الآلية التنفيذية في المادة 11 على أن:

"11. يؤدي أعضاء حكومة الوفاق الوطني اليمين الدستورية أمام نائب الرئيس وفي غضون عشرة أيام تقوم الحكومة بتقديم برنامجها لمجلس النواب لمنحها الثقة خلال خمسة أيام".

وقد أعلنت الحكومة في التاسع عشر من ديسمبر عن إنجازها البرنامج، غير أن الشق الآخر المتعلق بإقرار البرنامج وهو منح البرلمان ثقته للحكومة بعد المناقشة لم يتحقق وفق ما هو منصوص زمنياً بسبب غياب غالبية أعضاء الكتل البرلمانية، علماً بأن تم توزيع نسخ من البرنامج على الأعضاء الحاضرين يوم الأربعاء الموافق 21 ديسمبر.. فامتد إلى اليوم الخامس عشر من أداء الحكومة لليمين الدستورية أمام نائب الرئيس في العاشر من ديسمبر. ما يعني ذلك التسبب في إخلال واضح بالمواعيد المحددة في الآلية.

هذا وضمّنت الحكومة في نص برنامج عملها المقدم للبرلمان في تاريخ الرابع والعشرين من ديسمبر جملة مهام حددتها الآلية بأنها سابقة لتقديم البرنامج. وتلقت الحكومة في الثامن والعشرين من ديسمبر (بعد 5 أيام من تقديم البرنامج) توصيات برلمانية بتنفيذ المبادرة وملاحظات على البرنامج، ثم منح البرلمان الحكومة الثقة في جلسة تغيب عنها عدد كبير من أعضاء مختلف الكتل البرلمانية الممثلة للأطراف الموقعة على المبادرة والآلية.

مع ملاحظة أن القائمة الحكومية ما تزال منقوصة لاعتذار أحد أعضائها المكلفين عن عدم الاشتراك ضمن هذا التشكيل.

ثالثاً: لجنتا تفسير المبادرة، والاتصال مع الشباب

ثبت في مدونة ملاحظات التوجه منذ توقيع آلية المبادرة انقضاء:

مدة شهر على تولي نائب الرئيس، وثلاثة أسابيع منذ تكليف رئيس حكومة الوفاق الوطني..

دون أن تشكل لجنة التفسير للمبادرة حسبما نصت الآلية التنفيذية في المادة 25:

"25. في غضون 15 يوماً من دخول مبادرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية وآلية تنفيذها حيز التنفيذ، ينشئ نائب الرئيس ورئيس وزراء حكومة الوفاق الوطني المكلف لجنة التفسير لتكون مرجعية للطرفين لحل أي خلاف في تفسير المبادرة الخليجية والآلية".

وضماناً لإنفاذ المبادرة ومضامينها الأساسية بما يلبي تطلعات وخيارات الشعب اليمني في التغيير والاستقرار والسلام، أوصت الآلية التنفيذية في المادة 15-خ الحكومة بتشكيل لجنة اتصال مع حركات الشباب:

"15-خ. عند تشكيل حكومة الوفاق الوطني وتولي نائب الرئيس، تشكل الحكومة لجنة اتصال تتولى وبشكل فعال التواصل مع حركات الشباب في الساحات من مختلف الأطراف وباقي أنحاء اليمن لنشر وشرح تفاصيل هذا الاتفاق وإطلاق نقاش مفتوح حول مستقبل البلاد والذي سيتواصل من خلال مؤتمر الحوار الوطني الشامل وإشراك الشباب في تقرير مستقبل الحياة السياسية".

إلا أن صيحات رفض المبادرة تصاعدت في صفوف الشباب، مما يثبت تغاضياً عن أداء هذه المهمة في زمن قياسي مطلوب، لئلا تتاح أدنى فرصة لعرقلة التنفيذ، فيزداد التباعد بين رعاة المبادرة والمستفيدين منها في اليمن. ولا سيما وقد حث القرار 2014 في بنده السابع على:

"7. يحث كافة المجموعات المعارضة على الالتزام بأن تضطلع بدور كامل وبناء في التوصل إلى اتفاق بشأن تسوية سياسية قائمة على مبادرة مجلس التعاون الخليجي وفي تنفيذ هذه التسوية، ويطالب كافة المجموعات المعارضة بنبذ العنف والكف عن استخدام القوة وسيلة لبلوغ أهداف سياسية؛"

وطالب في بنده الثامن "بالامتناع عن الاستفزاز".

وما الأحداث المؤسفة التي شهدتها العاصمة صنعاء يوم السبت الموافق الرابع والعشرين من ديسمبر (الموافق أيضا ًتقديم الحكومة لبرنامجها إلى البرلمان) إثر تسيير "مسيرة الحياة" من محافظة تعز إلى العاصمة، إلا نتاج التأخير عن تشكيل اللجنتين قبل تقديم برنامج الحكومة. وتستدعي تداعيات الأحداث الأخيرة التي حدثت يوم تقديم الحكومة لبرنامجها استذكار ما أدانه القرار الأممي 2014 في بنده الثاني:

2. يدين بشدة انتهاكات حقوق الإنسان المتواصلة التي ترتكبها السلطات اليمنية، من قبيل الاستعمال المفرط للقوة ضد المتظاهرين المسالمين، إضافة إلى أعمال العنف واستخدام القوة وانتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها الأطراف الفاعلة الأخرى، ويشدد على أنه ينبغي محاسبة كل المسئولين عن ارتكاب أعمال العنف وانتهاك حقوق الإنسان. والاعتداء عليها؛

رابعاً: لجنة الشؤون العسكرية وتحقيق الاستقرار

لوحظ ابتداء هذه اللجنة لأعمالها في العاصمة صنعاء ومحافظة تعز، ولمّا تزل الأحداث مشتعلة بمحافظة أبين حيث "بقايا القاعدة"، والأجواء ما زالت متوترة في بعض مدن محافظة صعدة.

وإذ أزيلت بعض المتاريس ونقاط التفتيش من الشوارع الرئيسية بصنعاء إلا أنها بقيت في الشوارع الفرعية مصحوبة بنقاط التفتيش، وكذا وجود ملحوظ لبعض المسلحين من صغار السن في بعض الشوارع الفرعية ومناطق التماس.. وهو ما يلقي الضوء مجدداً على عدم الالتزام بالقرار 2014 الذي طالب البند الثامن منه:

8. يطالب كذلك بأن تقوم كافة المجموعات المسلحة بإزالة جميع الأسلحة من مناطق التظاهر السلمي، والامتناع عن ارتكاب أعمال العنف والاستفزاز وعن تجنيد الأطفال، ويحث كافة الأطراف على عدم استهداف البنى التحتية الحيوية؛

أما محافظة تعز التي بدأ فيها عمل اللجنة، فيفيد شهود عيان -من مصادر التوجه هناك- بأن المظاهر المسلحة انتقلت من الشوارع الرئيسية إلى الشوارع الفرعية وتكدس المسلحون والأسلحة ببعض المقار والمنازل بالشوارع الخلفية.

كما لم تستجب بعض الأطراف المعنية لدعوة اللجنة العسكرية إلى سحب المسلحين من المدن الرئيسية ابتداءً من تاريخ 20 ديسمبر 2011م.. وهنا يكمن اختبار مدى جدية الأطراف في الالتزام بمسئولياتهم المحددة.

خامساً: لجنة الانتخابات، ومرشح الانتخابات الرئاسية

نصت المادة 20-ب من الآلية، بناء على توافق الأطراف السياسية، على أن:

"20-ب. تجرى الانتخابات الرئاسية المبكرة لمنصب الرئيس في ظل إدارة اللجنة العليا للانتخابات والاستفتاء الحالية وتحت إشرافها باستخدام سجل الناخبين الحالي وذلك بصورة استثنائية، ويحق لأي مواطن ذكراً كان أم أنثى بلغ السن القانونية للانتخاب ويمكنه إثبات ذلك استناداً إلى وثيقة رسمية، من قبيل شهادة الميلاد أو بطاقة الهوية الوطنية، حق الانتخاب استناداً إلى هذه الوثيقة".

وباشرت اللجنة أعمالها في هذا الصدد بمخاطبة مجلسي النواب والشورى بشأن إعلان اللجنة عن فتح باب الترشيح لمنصب الرئيس واستقبال طلبات الترشيح، وأقر مراجعة ما اتفق عليه في الآلية التنفيذية بشأن اعتماد الفريق الركن عبدربه منصور هادي مرشحاً توافقياً عن طرفي الاتفاق الموقعين على الآلية. وفي هذا الصدد أكد طرف اللقاء المشترك وشركائه على لسان ناطقه الرسمي في منتصف ديسمبر الحالي، على اعتبار نائب الرئيس مرشحاً توافقياً.

سادساً: إطلاق سراح محتجزين

نصت المادة 13 الفقرة ث، في الآلية ضمن مهام حكومة الوفاق الوطني المباشرة بعد تشكيلها على:

"13-ث. إصدار تعليمات قانونية وإدارية محددة إلى النيابة العامة ودوائر الشرطة والسجون والأمن للتصرف وفقاً للقانون والمعايير الدولية، وإطلاق سراح الذين احتجزوا بصفة غير قانونية".

وتابع التوجه إعلان وزير داخلية حكومة الوفاق اتخاذ قرار الإفراج عن عدد من المعتقلين بخلفية حركة الاحتجاج منذ فبراير 2011م، الأمر الذي أشاع ارتياحاً لدى بعض الأوساط، رغم تجاوز اتخاذ قرارات بشأن الفقرات الثلاث السابقة من المادة 13 المتعلقة بمهام الحكومة.

سابعاً: التوصيات

يتوجه التوجه بدعوته لكافة الأطراف الموقعة على الآلية التنفيذية إلى المسارعة في الوفاء بمسئولياتهم تجاه الشعب "الذي عانى كثيرا ًوصبر طويلاً"، على أن يشرع كلٌ بمهمته المحددة منفرداً أو مشتركاً مع شركاء اللحظة الفاصلة بدءً من:

- الالتزام ببنود المبادرة والآلية التنفيذية والقرار الأممي كافة.

- تشكيل "لجنة التفسير للمبادرة والآلية" لمعالجة ما ينجم عن سوء فهم وخلط يبدد المقاصد الخيرة في المبادرة.

- تشكيل "لجنة اتصال مع الشباب لنشر الاتفاق وشرح تفاصيله" لإدماجهم في العملية السياسية على نحو يوسع آفاق الشراكة في الحوار الوطني حول بناء مستقبل البلد ويوفر للأجيال القادمة مناخ العيش الآمن المشترك.. لاسيما والآلية التنفيذية تنص على تشكيل هذه اللجنة ضمن أولويات المضي نحو مؤتمر الحوار الوطني، أي سابقة لنشوء هذه الهيئة.

- التزام الأطراف المعنية كافة بشكل جاد بالمسئوليات الملقاة على عاتقها بإنهاء مظاهر التسلح والمتاريس من كافة المناطق حتى تتمكن اللجنة العسكرية من تحقيق الاستقرار والانتقال إلى باقي المهام المناطة بها وفق الآلية. وكذا احترام دعواتها التزاماً بالنظام والقانون الذي ينشد سيادتهما جميع المواطنين واجتيازاً لاختبار جدية الأطراف بتنفيذ مهامهم.

- ويكرر التوجه توصيته بعدم استمرار -أياً كان- في الإخلال بالمواعيد الزمنية المحددة والواضحة كما نصت عليها الآلية.

ثامناً: رسالة التوجه إلى دولتي نائب الرئيس ورئيس الحكومة

هذا ويرفع التوجه الرسالة المرفقة إلى دولتي نائب رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء بشأن تشكيل لجنتي التفسير والاتصال مع حركات الشباب" تنفيذا لأهم بنود آلية المبادرة ولما فيه مصلحة الجميع، ونصها فيما يلي:

بسم الله الرحمن الرحيم

الفريق الركن عبدربه منصور هادي - نائب رئيس الجمهورية

الأستاذ محمد سالم باسندوة - رئيس مجلس الوزراء حفظكما الله

يطيب لتوجه "نحو يمن آمن للأجيال القادمة" الذي تبنى مشروع الرقابة الشعبية على تنفيذ المبادرة الخليجية والقرار الأممي 2014، أن يرفع أسمى أمانيه لكما بدوام التوفيق في مهامكما الجليلة لخدمة هذا الوطن ومواطنيه جميعاً، واضعاً بين أيديكم مدونة ملاحظات التوجه على مدى الالتزام بتنفيذ المبادرة بآليتها التنفيذية والقرار 2014، اللذين صاغا وجه المرحلة بعدما وضعت الأحداث، التي مر بها الوطن، أساساً لشراكة محلية وإقليمية ودولية من أجل إنقاذ البلد من الانزلاق نحو المجهول.

كما يسترعي عنايتكما إلى ما نصت عليه الآلية التنفيذية من مهام مشتركة بين نائب الرئيس وحكومة الوفاق، ومهام تختص بها الحكومة، بعد نفاذ المبادرة بتولي نائب الرئيس فتكليف رئيس الحكومة ثم تشكيل الحكومة في نص المادة:

"25- في غضون 15 يوما من دخول مبادرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية وآلية تنفيذها حيز التنفيذ، ينشئ نائب الرئيس ورئيس وزراء حكومة الوفاق الوطني المكلف لجنة التفسير لتكون مرجعية للطرفين لحل أي خلاف في تفسير المبادرة الخليجية والآلية".

وكذلك نص المادة:

"15- خ. عند تشكيل حكومة الوفاق الوطني وتولي نائب الرئيس، تشكل الحكومة لجنة اتصال تتولى وبشكل فعال التواصل مع حركات الشباب في الساحات من مختلف الأطراف وباقي أنحاء اليمن لنشر وشرح تفاصيل هذا الاتفاق وإطلاق نقاش مفتوح حول مستقبل البلاد والذي سيتواصل من خلال مؤتمر الحوار الوطني الشامل وإشراك الشباب في تقرير مستقبل الحياة السياسية".

وانطلاقاً من نصي هاتين المادتين وروحهما، والمسئولية الوطنية الملقاة على عاتقكما في هذه المرحلة الحرجة والحساسة من تاريخ الوطن، نأمل إعلانكما في أسرع وقت بتشكيل "لجنة التفسير"، وأن تشكل الحكومة "لجنة الاتصال مع حركات الشباب".

وهما لجنتان لا تقل أهميتهما عن "لجنة الشؤون العسكرية وتحقيق الاستقرار" التي نتمنى تكليل أعمالها بالنجاح، إذ أن مهمة اللجنتين تتركز في إزالة ما يمكن وصفه "بالمتاريس النفسية والسياسية" الأشد أثراً وتشويهاً من المتاريس المادية التي شوهت بعض مناطق العاصمة والمدن الرئيسية وما تزال في بعض الشوارع الفرعية ومناطق التماس.

وليس بخافٍ على دولتيكما، وقد تبوأتما مركز القرار السياسي وتصدرتما جبهة الإنقاذ، جدوى تشكيل اللجنتين إذ سيحولان دون الخوض في اجتهادات غير منسجمة مع ما تتطلبه المرحلة من وفاق وطني يكفل التنفيذ المنضبط لباقي بنود المبادرة والقرار 2014، الذي يجتاز بالجميع اختبار الجدية والوفاء بالمسئولية.

كما قد يتفادى تشكيلهما تكرار حوادث مؤسفة كالتي شهدتها البلاد عند وصول "مسيرة الحياة" من محافظة تعز إلى العاصمة صنعاء، وكادت تشق الصف الوطني مجدداً، بل ووضعت الأطراف كافة موضع تراشق ونقد على تجاوز المسئوليات الواجب الوفاء بها تجاه الشعب الذي عانى كثيراً وصبر طويلاً فاستحق الوفاق في سبيل استقرار وطنه وسلام حياته وسعادة أجياله القادمة.

وعليه فإن التوجه يحثكما على إيلاء مسألة تشكيل اللجنتين المذكورتين فائق اهتمامكم بما يضمن تحقيق أهداف الوفاق الوطني والاستقرار والسلام والتغيير.

وتفضلوا بقبول بالغ التقدير ووافر الاحترام

مروان علي نعمان، سقاف عمر السقاف، لطفي فؤاد نعمان، محمد عبدالرحمن عثمان

*ملحوظة: وللتواصل مع التوجه وتنبيهه لما يغفل عن ملاحظته:

[email protected]