رويترز: الواقع يفرض نفسه في أول أيام اليمن بعد صالح

بدأ اليمن يوم الاربعاء عصرا جديدا بدون الرئيس السابق علي عبد الله صالح وذلك بعدما أعطت انتخابات الرئاسة نائبه الذي خاضها بلا منافس تفويضا لبدء اصلاحات في بلد يكافح انهيار الاقتصاد وجناحا للقاعدة وتمردا في الشمال وحركة انفصالية في الجنوب.

ودفعت الانتخابات التي جرت يوم الثلاثاء وأثنت عليها واشنطن عبد ربه منصور هادي إلى رئاسة البلاد وذلك تمشيا مع اتفاق وقع في نوفمبر تشرين الثاني لانهاء احتجاجات استمرت شهورا على حكم صالح الذي امتد لنحو 33 عاما.

وبعد يوم من الاحتفالات في صنعاء بالاطاحة أخيرا بصالح عاد اليمنيون إلى أعمالهم يوم الاربعاء مع بدء تكشف الواقع.

وقالت ناشطة يمنية تدعى يسرا أحمد (22 عاما) "قال لي أصدقائي أمس ان هذه بداية عصر جديد ونهاية للفساد. واليوم يبدو وكأن شيئا لم يكن.. بل ولم يتحدث أحد معي بشأن ما حدث. لا يشعر أحد بالحماس لسماع نتيجة الانتخابات لانهم يعرفون الفائز بالفعل."

وعلى الرغم من أن فوز هادي بالرئاسة أمر مسلم به من شأن الاقبال الكبير أن يمنحه الشرعية التي يحتاجها لتنفيذ التغييرات الواردة في اتفاق نقل السلطة الذي توسطت فيه دول الخليج ومنها وضع دستور جديد واعادة هيكلة القوات المسلحة والاعداد لانتخابات تعددية خلال عامين.

ومن المتوقع أن تعلن لجنة الانتخابات نتائج أولية في وقت لاحق يوم الاربعاء. وقدر مسؤول يوم الثلاثاء نسبة الاقبال على التصويت بأنها تصل إلى 80 في المئة.

وقال الصيدلي أحمد الشرفي (45 عاما) في صنعاء "هادي هو الامل الوحيد الان لهذا البلد. لا يوجد في اليمن من يتمتع بمثل هذا الدعم السياسي الواسع من الفصائل المتنافسة الكثيرة."

لكن المتمردين الحوثيين في الشمال والانفصاليين في الجنوب حيث شابت أعمال عنف التصويت وقتل فيها تسعة أشخاص على الاقل يشككون في شرعية الزعيم الجديد. ومازال أفراد من الدائرة المقربة من صالح يشغلون مناصب مهمة.

وقال سكان ومسؤولون محليون ان قوات الامن اطلقت النار على محتجين يلقون الحجارة خلال تجمع مناهض للانتخابات في محافظة لحج في الجنوب واقتحم مسلحون مراكز اقتراع وسرقوا صناديق انتخاب وأضرموا النيران فيها في الشارع.

ودعا جنوبيون يطالبون بالانفصال عن الشمال إلى مقاطعة الانتخابات.

وقال عبد الله محمد الذي يسكن في مدينة عدن الساحلية الجنوبية حيث أجبر العنف مراكز الاقتراع على غلق أبوابها مبكرا "كل ما يمكننا فعله هو الانتظار لنرى ما ستجلبه الايام المقبلة بعد أن يتولى الرئيس الجديد مقاليد السلطة."

وقالت وزارة الخارجية الأمريكية في بيان بعد الانتخابات "هذه خطوة مهمة أخرى إلى الامام في عملية انتقالهم (اليمنيين) للديمقراطية وتواصل العمل المهم للاصلاح السياسي والدستوري."

وتقول واشنطن انها تريد قيادة يمنية موحدة كشريك في حربها على تنظيم القاعدة.

وانضم صالح الذي يعالج في الولايات المتحدة من جروح أصيب بها في محاولة اغتيال تعرض لها في يونيو حزيران إلى زعماء تونس ومصر وليبيا الذين أطاحت بهم احتجاجات الربيع العربي.

وربما غاب الرئيس السابق لليمن عن الصورة لكن أفرادا من الدائرة المقربة منه مازالوا في مناصب مهمة خاصة ابنه أحمد قائد الحرس الجمهوري ويحي ابن شقيقه قائد قوات الامن المركزي. ويخوض الاثنان صراعا مع الزعيم القبلي صادق الاحمر واللواء المنشق علي محسن.

وقال مسؤول يمني كبير ان صالح في كاليفورنيا ويعتزم العودة لليمن قبل نهاية الاسبوع لحضور مراسم تنصيب هادي والتي يتوقع أن تجرى في وقت لاحق من هذا الاسبوع.

وسيتعين على هادي توحيد الجيش والحوار مع الانفصاليين الجنوبيين والمتمردين في الشمال الذين رأوا في الانتفاضة فرصة لتعزيز أهدافهم.

وهنأ زعيم في الحركة الانفصالية في الجنوب الجنوبيين على "انتصارهم" بمقاطعة الانتخابات وقال ان فصائل الحركة ستجتمع قريبا للتشاور لاتخاذ قرار بشأن المشاركة في حوار وطني نصت عليه المبادرة الخليجية.

وقال عميد ناصر النوبة "لن يختلف الوضع الجديد الذي ستسفر عنه الانتخابات عن الوضع السابق لان النظام مازال كما هو."

ويطالب جنوبيون يتهمون الشمال بالاستيلاء على مواردهم والتمييز ضدهم بالغاء الوحدة مع الشمال الذي خاضوا معه حربا اهلية في 1994 بعد وحدة سياسية رسمية في 1990 .

وقال المهندس المدني نجيب العوداني (37 عاما) في صنعاء "المشكلة هي غياب الثقة. لديهم أفكار خاطئة عنا. لا يمكنهم التفريق بين شعب الشمال ونظام علي عبد الله صالح ونخشى أن يكون كل ما يريدونه هو تمزيق البلد إلى شطرين من جديد."

وأقام الحوثيون في شمال غرب اليمن من الناحية الفعلية دولة خاصة بهم داخل الدولة على الحدود مع السعودية.

ودعا الحوثيون أيضا إلى مقاطعة الانتخابات التي وصفوها بأنها مؤامرة دبرتها دول مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة.

ويواجه هادي أيضا أزمة انسانية في بلد يعيش 42 في المئة من سكانه على أقل من دولارين في اليوم وتشح فيه موارد المياه وامدادات الوقود والكهرباء.

وقال سعيد الاميري (34 عاما) "الشيء الوحيد الذي تغير هو أن الكهرباء عادت.. هذا هو الاختلاف الوحيد. أعتقد أن الناس تشعر بأنها تعرضت للخداع. كان هناك حديث واسع عن التغيير والمشاركة الكبيرة والان ماذا حدث.. الادلاء بالصوت لا يشبع."

(شارك في التغطية محمد مخشف في عدن ومحمد الغباري في صنعاء وايزابيل كولز وسامي عابودي واليسون وليامز)

من جوزيف لوجان ومحمد مخشف