[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]
اقتصاد

اليمن يستثمر طاقة الشمس في استخراج المياه

دفعت الحرب وتفاقم أزمات المياه والوقود وانقطاع الكهرباء، اليمنيين للجوء إلى الطاقة الشمسية بهدف الحصول على المياه والإنارة، عبر مشروعات أهلية لا تدعمها أي من السلطات.
وفي منطقة حبان بمحافظة شبوة (جنوب شرق اليمن) عانى الأهالي من انقطاع الكهرباء بسبب الحرب وتوقف محطة الكهرباء التي تغذي المحافظة بالتيار، وأدى انعدام الوقود إلى توقف ضخ مياه الشرب من البئر الرئيسية إلى المنازل.
وقد عاشت المنطقة، التي يقطنها حو إلى 5 آلاف نسمة، أوقاتاً صعبة ومعاناة للحصول على مياه الشرب، قبل أن تتمكن أخيراً من ضخ المياه باستخدام الطاقة البديلة، حيث دشنت المنطقة، الخميس الماضي، مشروعا لضخ مياه الشرب من الآبار يعمل بالطاقة الشمسية، بتمويل خاص من الأهالي وبعد معاناة وانتظار دام أشهرا.
وقالت مصادر محلية ل "العربي الجديد": إن المشروع هو مشروع أهلي في محافظة شبوه ويهدف لضخ مياه الشرب بنظام الطاقة الشمسية، ويستفيد منه حو إلى خمسة آلاف نسمة. وبلغت تكلفة المشروع نحو 77 مليون دولار، بتمويل خالص من أبناء المنطقة.
وهذه ليست المرة الأولى التي يُنشئ فيها الأهالي بمناطق جنوب شرق اليمن مثل تلك المشروعات، حيث تشهد محافظتا حضرموت وشبوة تسابقا في استخدام الطاقة المتجددة لضخ المياه من الآبار الجوفية، وبمبادرات أهلية.

وافتتح في 22 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، مضخة مياه شرب بالطاقة الشمسية، في مديرية حورة ووادي العين بمحافظة حضرموت، وبتمويل من مؤسسة محلية تنموية.
وقالت لجنة الأهالي المشرفة على المشروع، إن نحو ألفي نسمة يستفيدون من المضخة التي تبلغ قدرتها 37 كيلو وات وبكمية ضخ 400 متر مكعب في اليوم، يتم ضخها إلى ارتفاع يقترب من 137 متراً.
وتغرق معظم المدن اليمنية في الظلام منذ أبريل/نيسان الماضي، حيث توقف التيار الكهربائي، بسبب تعرض خطوط نقل الطاقة في محافظة مأرب شمال شرق اليمن، لأضرار بالغة نتيجة المعارك الدائرة بين المقاومة الشعبية ومليشيا الحوثي في المحافظة.
وأدى توقف الكهرباء وانعدام الوقود إلى توقف مؤسسات المياه المحلية عن ضخ المياه إلى المنازل، فيما يعاني اليمنيون للحصول على المياه من مصادر بديلة منها الآبار.
وشكلت الألواح الشمسية خيارا رئيسيا للسكان بهدف توليد الكهرباء، قبل أن تُستخدم أيضا في تشغيل الآبار الجوفية الخاصة للحصول على مياه الشرب وللزراعة.
وفي ظل تمزق البلاد بين المليشيا والجماعات المسلحة، وبسبب عدم وجود مؤسسات حكومية تقدم الخدمات، يلجأ السكان إلى إطلاق مبادرات محلية وتنفيذ مشروعات خدمية بتمويل ذاتي.

وبدأت تجربة اليمن لتشغيل الآبار الجوفية بالطاقة الشمسية في 18 أبريل/نيسان الماضي، حيث تم افتتاح مشروع مياه يعمل بالطاقة الشمسية في وادي عَمِد وبمديرية عَمد محافظة حضرموت (شرق اليمن).
واعتبرت اللجنة الأهلية بالمنطقة أن محطة مشروع مياه وادي عمد وحبب هي أول محطة مياه تعمل بالطاقة الشمسية على مستوى اليمن. وقالت اللجنة إن المشروع نُفذ بتمويل أحد المحسنين بالمنطقة عبر اللجنة الأهلية للمشروع، ويستفيد منه حو إلى عشرة آلاف شخص يعمل أغلبهم في تربية المواشي والنحل والزراعة.
ويتكون المشروع من بئرين يتم ضخ المياه منهما بواسطة مضختين تعملان بالطاقة الشمسة بقدرة إجمالية 60 كيلو وات تعمل بمحطة ألواح شمسية بقدرة 88 كيلو وات، وبكمية ضخ 360 مترا مكعبا من المياه في اليوم يتم ضخها إلى ارتفاع 270 مترا.
وأكد مدير مديرية عَمِد سرور بن شملان ان المشروع وضع حداً لمعاناة السكان في الحصول على مياه الشرب، مشيراً إلى ان مشاريع ضخ المياه بالطاقة الشمسية تساعد في التقليل من استخدام وقود الديزل بنسبة 20%، فضلا عن كونها صديقة للبيئة.
ولا تقتصر مشاريع تشغيل الآبار الجوفية بالطاقة الشمسية على محافظات جنوب شرق اليمن، ففي محافظة صعدة، شمال اليمن والمعقل الرئيس لجماعة الحوثيين، لجأ أحد المزارعين إلى تنفيذ أول مشروع بالمحافظة لضخ المياه الجوفية بالطاقة الشمسية.
وقال المزارع صالح مفرح الوادعي من أهالي مديرية الصفراء بصعدة، إنه لجأ لاستخدام الطاقة الشمسية بعد أن وصل إلى درجة اليأس التام من توفير المشتقات النفطية وخاصة مادة الديزل، مشيراً إلى أن قدرة إنتاج الماء عبر الطاقة الشمسية في اليوم الواحد تبلغ 360 برميلا وتنخفض إلى 50% في حالة الأجواء المغيمة على المنطقة.

واعتبر مدير التسويق في شركة الوادي للطاقة الشمسية، سالم العطيشي، أن التنافس والتسابق بين مديريات محافظات جنوب شرق اليمن على الطاقة البديلة، يرجع إلى إعجابهم الكبير بهذه المشاريع المُبتكرة في ضخ مياه الشرب عن طريق الطاقة الشمسية؛ وهو ما يعتبر حلا مثاليا لتفادي تكاليف مولدات الديزل ومشاكل انقطاع الكهرباء وعدم توفر الوقود.
وقال العطيشي: "يعاني السكان والعاملون القطاع الزراعي من مشاكل عديدة، مثل ارتفاع أسعار الديزل والأزمات المتكررة في الوقود والكهرباء، وقد سببت هذه الأزمات الكثير من الخسائر في القطاع الزراعي وغيرها من القطاعات التي تعتمد على الوقود في تشغيلها".
وأشار إلى أن الحلول التي تعتمد على الطاقة الشمسية مثل مضخات المياه، برزت كحل مثالي لهذه الأزمات الخانقة، حيث تعمل على توفير مياه الشرب للسكان، كما يمكن للمزارع الاستغناء نهائياً عن الديزل، وهذا يعني ري الأرض - مهما كانت مساحتها - بالمجان لأكثر من خمسة عشر عاماً بعد أن يسترد تكلفة تركيب المضخة خلال فترة سنتين فقط".
وأوضح، أن حلول الطاقة الخضراء، بالإضافة إلى تخفيف معاناة المستفيدين، تعمل على إحداث تنمية اقتصادية واجتماعية مُستدامة في اليمن عن طريق توفير الطاقة الشمسية للمشاريع الزراعية والصناعية والتجارية.
وتواجه اليمن أزمة خانقة بالديزل فاقمت من حدتها الحرب الدائرة منذ مارس الماضي الجاري، الأمر الذي انعكس سلباً على نشاط المزارعين.
وتؤكد وزارة الزراعة اليمنية إن مضخات المياه الجوفية المستخدمة في الأغراض الزراعية، تستهلك نحو 30% من الديزل المدعوم سنوياً في اليمن، وأن قيمة الكميات المستهلكة من الديزل في قطاع الزراعة تصل إلى نحو 93.6 مليار ريال (436 مليون دولار).
وأوضح تقرير صادر عن وزارة الزراعة، منتصف العام الماضي، أن 75 ألف مضخة تستخدم لضخ المياه الجوفية في اليمن في مجال الزراعة، تستهلك ما يقرب من 1.2 مليار لتر من الديزل.

 

زر الذهاب إلى الأعلى