حماس.. والعرب.. وإيران

د.وليد الطبطبائي

هناك اتهاما استباقيا عند حكومات عربية وكثير من وسائل الاعلام لحركة «حماس» بانها هي من استجلب على قطاع غزة العدوان الاسرائيلي الحالي، وانها مسؤولة جزئيا عن نهر الدماء الذي لايزال يسيل هناك، وهذا ليس اتهاما كاذبا فحسب بل هو يخفي تهاون وتراخي بعض الحكومات عن القيام بواجبها في مواجهة اسرائيل، بل ربما اسوأ من ذلك رغبة بعض اجهزة المخابرات العربية في رؤية اسرائيل تسحق

حركة حماس لان هذه المخابرات لديها مشكلة اساسا مع الاسلاميين في اراضيها.

وينبغي التوضيح اولا ان «التهدئة» التي يقال ان حماس خرقتها لم تكن موجودة اساسا، فالهدنة في التصور الاسرائيلي هي ان تمتنع حماس عن أي عمليات مقاومة ضد اسرائيل بينما يحتفظ الاسرائيليون بالحق في ضرب واستهداف قادة وعناصر حماس متى شاؤوا بحجة ان هذا من متطلبات الامن الاسرائيلي، وهذا حدث كثيرا في السنوات الماضية وقد استهدفت واغتالت اسرائيل خمسة على الاقل من قادة المقاومة في ظل «الهدنة» المزعومة وفي ظل امتناع كامل من قبل المقاومة على اطلاق الصواريخ.

اما الكذبة الاخرى التي تردد ضد حماس فهي ان الحركة باتت ادارة للسياسة الاقليمية لإيران، وانها تأتمر بأوامر طهران - و إلى حد ما سورية - على حساب مصالح ودماء الشعب الفلسطيني، وبعض العرب يردد ذلك تبريرا لتخاذله عن دعم المقاومة ولنفض يده من أي مسؤولية للتصدي للعدوان الاسرائيلي.

وصحيح ان إيران تقدم نوعا من الدعم المالي لحركة حماس - وتثير كثيراً من الدعاية السياسية حول ذلك - لكنها لم تستطع قط ان تجعل من الحركة تابعا يدور في فلكها، فقرار حماس مستقل وهو مبني على قراءة الحركة لواقع المواجهة مع الكيان الغاصب، وما يمكن ان يبذل في مواجهته وتحرير الارض، والسؤال هنا: متى قدم العرب دعما من أي نوع لحماس ورفضت هي ان تتلقاه؟ وهل يجوز ان تقاطع معظم الدول العربية حماس وتحاربها سياسيا وامنيا ثم هي تعيب عليها بضعة ملايين من الدولارات تتلقاها من طهران؟ وفي ظل حصار وتجويع وقتل للحركة ولمليوني انسان في قطاع غزة