عداء إسرائيل للعرب لا ينفي وجود أعداء آخرين أيضا

"كل شخص يأخذ ألعابي ويدمر مملكتي الصغيرة وأحلامي الوردية هو عدوي ! " هذه إجابة كل طفل عن سؤال من هو عدوك؟! فهو يعتبر ذلك الشخص شرير ووحش مدمر وعدوه الوحيد الذي يهدد حياته وأحلامه الوردية. وفي المقابل يعتبر من يلاطفه ويعطيه قطعة من الحلويات أو من يأخذه إلى مدينة الألعاب صديقا وفيا. فيحبه ويتمنى كل الخير له ولا يهمه من يكون هذا أو كيف هذا الشخص من الداخل. المهم أمنيته تتحقق لا يهتم بنوايا هذا الفرد إن كانت خبيثة أو طيبة.

حالة الطفل هذه تنطبق على حال العرب في الأمس، اليوم وربما في الغد. ويبدو أننا رغم كل تجارب الاحتلال القاسية التي عشناها إلا إننا لازلنا لا نستطيع تحديد هوية عدونا! ولازلنا في حيرة من أمرنا ولا نستطيع الجواب إذا سُئلنا من هو عدونا! ولازلنا لا نستطيع تفريق الخيط الأبيض من الخيط الأسود. نعم إن إسرائيل التي تقتل وتشرد وتدمر وتبني المستوطنات وترتكب المجازر بحق الفلسطينيين الأبرياء وتهدد العرب وإسرائيل التي حولت أحلام أطفالنا إلى كوابيس لا تفارقهم إنها عدو وإن أوهمتنا بغير ذلك فكل هذه الجرائم مكشوفة وترتكب علنا وعلى أرض عربية وفي مكان محدد وإنها تمثل بالضبط ذلك الشرير الذي يريد تدمير عالم ذلك الطفل بكل وحشية.

ولكن هذا لا ينفي وجود عدو آخر أيضا لا يريد الكثير منا الاعتراف به كعدو رغم انه يكشر عن أنيابه بين الحين والآخر. ولا يريد تصوره بشكل يختلف عن الصورة النمطية التي كوّنها له في ذاكرته وهي صورة وهمية بطبيعة الحال ولا تمت لواقع السياسة والعلاقات الدولية بصلة، هذا العدو هو"الدولة الفارسية". فإذا نظرنا إلى الأحواز وما جرى ويجري عليها فسوف نجد نفس جرائم إسرائيل ترتكب هناك لا بل أبشع منها، فمثلما تذبح إسرائيل وتدمر وتضطهد وتجوع وتحاصر وتسرق ثروات الشعب العربي في فلسطين ترتكب إيران الدولة الفارسية الجرائم نفسها في الأحواز وإن بناء المستوطنات في الأحواز أضعاف ما تبنيه إسرائيل من المستوطنات على أرض فلسطين لا بل إن هذه الدولة المحتلة تمنع أكثر من ثمانية ملايين عربي من التعلم بلغتهم وهذا ما لم ترتكبه دولة محتلة أخرى. فكما تحتل إسرائيل أراض عربية، تحتل الدولة الفارسية أراض عربية كذلك. لا بل إن الدولة الفارسية تطبق أبشع صور الاحتلال وأكثرها تطاولا على حقوق الآخرين، حيث في البداية احتلت الأحواز العربية ثم الجزر الإماراتية الثلاث ثم عملت على تغيير تسمية الخليج العربي وأخيرا وليس آخرا الادعاء بمملكة البحرين الشقيقة كمحافظة إيرانية. هذا غير اليد الآثمة التي تمتد شيئا فشيئا في الوطن العربي لتزرع الفتن في هذا القطر العربي أو ذاك.

لكن رغم هذا مازال البعض منا لا يريد أن يصدق أن إيران تلعب نفس الدور الذي تلعبه إسرائيل ضدنا. يا ترى لماذا هذا الانحياز للدولة الفارسية أو هذا التساهل معها رغم التشابه الكبير في ما بينها وبين الإحتلال الصهيوني؟ لماذا نكن كل الحب لهذه الدولة المحتلة رغم عدائها الواضح لنا؟ هل ضعفنا وصل إلى مرحلة الجري وراء محتل لكي يسعفنا من محتل آخر؟ أم لأن هذه الدولة المحتلة تدعي أنها تؤمن بنفس ديانتنا ( ظاهريا) ؟ أم أن الإسلام قد أجاز أو فرق ما بين احتلال مسلم وآخر كافر؟

في النهاية أعتقد أنه علينا أن لا نكون كالطفل الذي لا يستطيع التفريق مابين العدو والصديق لمجرد حلمه في امتلاك قطعة الحلويات! وعلينا أن نتصدى لكل الإحتلالات بأنفسنا وأن لا ننتظر من يحمل هم قضايانا عنا ، فلا يوجد مناصر إلا من له مصالح في أرضنا وحتى هذا المناصر لا ينصرنا بغير "الشعارات" والدولة الفارسية هي ذلك المناصر صاحب " الشعارات الوهمية ". وعلينا أيضا أن نعلم أنه لا فرق بين احتلال وآخر، فالدولة التي تحتل بلاد الآخرين لا تملك دينا لأنها لو ملكت لما اغتصبت أرضا ليست أرضها.

كاتبة أحوازية

[email protected]