هيثم.. وثلاثة مشايخ من حبيش!

عبدالرزاق الحطامي

يبلغ هيثم أحمد مصلح الفلاحي حالياً 17 عاماً هي عمر أبيه قتيلاً. في الطريق إلى أبين، رفقة زملاء من حبيش إب، كنت أسمعهم يتذكرون: عزموه وقطعوه في أحد المنازل بصنعاء". لا أحد كان يفصح عن اسم القتيل، ف17 عاماً، كفيلة بنسيان المنطقة لأحد قتلاها في ظروف غامضة.

لا أظن حبيشاً كانت ستتذكر، لولا قتيل جديد لها في أبين، وكنت على سفر إلى هناك، تلبية لدعوة الزميل عادل الأحمدي، الذي أراد (كما يقول) أن يطلعني على حجم الوجع الحبيشي، وهو يتداعى في عدن وأبين، إثر مقتل تاجر طماط من أبناء منطقتهم على يد أفراد أمن. وقد رأيت إلى الوجع أن مصيبة حبيش في مثقفيها.

لا شيء عند بوابة منزل الضابط النبيل محمد الشبيبي كان ليدلني على أن الفتى الذي استقبلنا خارج الباب، هو ابن الرجل الذي "عزموه.. وقطعوه في أحد المنازل بصنعاء" قبل 17 عاماً، وهناك حصلنا على مزيد من التفاصيل، حول قضية، تبدأ مأساتها الحقيقية بعد انتهاء خنجر الاغتيال، من مهمته الغادرة.

قتل أحمد مصلح الفلاحي، والد هيثم، الذي كان حينها جنيناً في بطن أمه، وتذكرته حبيش وهي تحتشد على جثة قتيل جديد، من أبنائها.

لدى حبيش مشائخ وقتلى كثر، "الحامدي الذي قتل العام الماضي في حراج 45، حبيشي أيضاً"، وتقول الرواية المتفق عليها أن دم القتيل ذهب هدراً، وتعرض لمزايدات وتواطؤ من قبل ثلاثة مشائخ، من منطقة القتيل، أجبروا والد القتيل، وكان شيخاً خرفاً على التنازل عن دم ابنه، مقابل ثمن بخس وشوية بنادق عدال. أزيد من ذلك سلموا القتلة عريضة التنازل، التي تنفسوا بها الهواء الطلق.

في ديوان واسع وعالٍ في فندق صلاح الدين بعدن أعترف أمام حشد غفير من حبيش النائب البرلماني علي أبو حليقة ببصيرة أرض وبنادق مدخرة لديه على ذمة دم الفلاحي القتيل، بعد أن تمت تسوية القضية بصلح عرفي، لم يحضره هيثم، الباحث الآن عن خيوط الجريمة الغامضة التي تمت عقب مقتل أبيه غدراً بعد عزمه على غداء من قبل أفراد ينتمون لإحدى القبائل.

هيثم اكتشف عديد خيوط، عرَّاها الزمن بالتقادم وهو الآن يدرك أين يشير بسبابة الاتهام. أما لماذا ادخر الشيخ البرلماني بنادق العدال وبصيرة الأرض التي صرفتها لأسرته الدولة، كل هذا الوقت، ومن باع دم أبيه بذلك الثمن البخس، ولماذا نست وتناست حبيش والده الضحية (كل هذا الوقت) فأسئلة.... ربما دوَّت رصاصاً، بالتقادم أيضاً.

صحفي يمني-المصدر