![](https://nashwannews.com/uploads/default-image.jpg)
ترى كيف نقرأ واقعنا؟ وكيف نضع الحلول لمشكلاتنا؟ هل من خلال قراء الواقع نفسه، أم من خلا مقولات جاهزة نبحث في دهاليزها عن الحل المعجزة؟ للإجابة على هذه الأسئلة دعونا ننظر في التالي:
إن أزمتنا السياسية الناجمة عن أحداث المحافظات الجنوبية، لا يمكن معالجتها من خلال مقولات فكرية تبحث عند مستوى السطح، إن المعالجة الموضوعية للمعضلات السياسية لا يمكن أن تتم إلا بطرحها طرحاً قاعدياً،
بمعنى أن الأزمة السياسية ما هي إلا رأس جبل الجليد العائم لجذرها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، فإذا كان لدينا إقتصاد ريعي أو شبه إقطاعي في مجتمع ما، فلا بد أن تكون بنيته الاجتماعية تتمحور حول القبيلة والعشيرة والأسرة الممتدة، وبالتالي فإن نظامه السياسي لا بد أن يكون نتاجاً لتلك البنية الاجتماعية، فيكون ملكيا، بصرف النظر عن المظهر الذي يتمظهر به، فمظهر ليبيا أنها جماهيرية، ومظهر اليمن أنها جمهورية، ومظهر السعودية أنها ملكية، لكن الجوهر في كل الأنظمة الثلاثة واحد وهو جوهر ملكي، يعكس طبيعة البنية الاجتماعية بركيزتها الاقتصادية التي تعود إلى عصر الإقطاع، إلى مرحلة ما قبل وجود الدولة الحديثة.
هذه القراءة لا تشخص لنا واقع الأزمة فقط، وإنما تزودنا برؤية موقعنا التاريخي، ويترتب على هذا الفهم الموضوعي التاريخي حلول موضوعية مستوعبة لواقع المجتمع ولطبيعة المرحلة التاريخية التي يمر بها، والتي يخضع لشروطها، بمعنى أن الحلول هنا أو التغيير هو تجاوز جدلي للحاضر بكل أبعاده الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وهذا التجاوز ليس مسألة قرار يتخذه فرد أو مجموعة أفراد أو حزب، وإنما هو إدارة للازمة بشروطها التاريخية، وهذه الإدارة التي تتصدرها القوى السياسية ينبغي أن تدرك أنها تنبثق عن تفاعل وصراع اجتماعي، وأن هذا الصراع سوف يمر بمراحل، تتحقق عبرها إنجازات جزئية في طريق ومسار التطور العام، ولو كانت المسألة مجرد قرار يتخذه شخص أو حزب أو مجموعة ثوار لكانت اليمن الآن جمهورية، أو ربما اشتراكية، لكنها اليوم ليست كما خطط وقرر لها ثوار السادس والعشرين من سبتمبر والرابع عشر من اكتوبر، فلا هي ما أراد لها السلال أن تكون، ولا هي ما أراد لها فتاح أن تصبح عليه.
دعاة المناطقية لا يجيدون قراءة الواقع، ومن ثم لا يقوون على اجتراح الحلول، هذا ليس تحاملاً عليهم، انظروا كيف يطرحون الحلول، الحل بالنسبة لهم جاهز، سهل وبسيط، لا يستدعي لا تفكيراً ولا تحليلاً ولا توقعاً بالمصير، إنه ببساطة يتمثل في العودة إلى وضعية التشطير، التاريخ والواقع بالنسبة لهم ليس فعل الأحياء وإنما هو فعل الموتى، الموتى أوجدوا دويلة في جنوب اليمن والحل هو في العودة إلى تلك الدويلة، أليس منطق العودة هذا هو منطق السلفية، منطق الأصولية، وهو منطق يغنيها عن البحث والنظر والتفكير في معطيات الواقع بكل تعقيداته، الجواب عند السلفية الدينية كما عند السلفية المناطقية جاهز ويتمثل في الزمان المعاد، إن من يسير إلى الخلف لا يمكنه التقدم إلى الأمام، لا أرى في المناطقيين إلا عناصر تتصف بانسداد وضيق الرؤية، يدفعهم هذا الانسداد إلى البحث عن الحلول في التاريخ بدلاً من البحث عنها في الواقع.
قيادة الجماهير في ظل واقعنا الاجتماعي والثقافي المتخلف ليست دلالة على تفوق ذهني أو عقلي، فمن يقود الجماهير في ظل هذا الواقع هم طائفة من الدجالين الكهنة، وما يحدث في المحافظات الجنوبية وصعدة دليل شاخص لا لبس فيه على هذا، القدرة الذهنية تنم وتدل على طرح المشكل، ومحاولة اجتراح الحلول له، والمشكل يتمثل في الأزمة الراهنة بكل أبعادها، وعلينا أن نحاول أن نبحث عن مخارج لها، في ظل واقعنا المعاش وفي ظل شروط هذا الواقع، لا أن نستورد الحلول من الموتى، لا أدعي هنا بأني أمتلك من الحلول ما لا يملكه غيري، ولكني أفكر وادعو الآخرين إلى التفكير، والمهم من وجهة نظري في هذه المرحلة ألا نخلط بين السلطة والوحدة، بين السائق والعربة، فالعربة سليمة وإن وجد بها بعض الخلل فهو قابل للإصلاح، الخطأ كل الخطأ هو في النظام السياسي الذي يدير الوحدة، في السائق الذي يسوق العربة، والذي سخر ويسخر إمكانياتها لخدمة مشاريعه الشخصية والأسروية على حساب ملاكها الأصليين وهم أبناء الشعب اليمني شماله وجنوبه، وعليه فالحل المنطقي يتمثل في إزاحة وتبديل السائق، أي في تغيير النظام السياسي، لا في تكسير وتفكيك العربة، كي يحصل كل منا على قطعة أو ترس أو مسمار منها، هذه الحلول التفكيكية هي الحلول التي يطرحها رموز الانفصال ودعاة المناطقية.
فعلى ماذا يمكن أن تدل إن لم تدل على خواء وإفلاس في التفكير؟ أعتقد أن هؤلاء أنصاف المتعلمين بحاجة إلى إعادة تأهيل ذهني خرجهم من دائرة السلفية التي جعلت منهم بالأمس دروايش ماركسية وأحالتهم اليوم إلى دراويش مناطقية.
![ياسين سعيد نعمان](https://nashwannews.com/ar/secontna/uploads/2024/05/nashwannews-2024-05-23_18-01-09_765955.jpg)
![خالد سلمان](https://nashwannews.com/ar/secontna/uploads/2024/01/nashwannews-2024-01-20_20-06-57_161308.jpg)
![خليل القاهري](https://nashwannews.com/ar/secontna/uploads/2023/01/nashwannews-2023-01-09_20-27-38_726559.jpg)
![خالد غيلان العلوي](https://nashwannews.com/ar/secontna/uploads/2011/10/2011-10-11-nashwannews-160842-1318380525.jpg)
![عادل الأحمدي](https://nashwannews.com/ar/secontna/uploads/2024/06/nashwannews-2024-06-15_04-28-43_699745.jpg)
![فيصل حواس](https://nashwannews.com/ar/secontna/uploads/2024/07/nashwannews-2024-07-22_18-54-14_315395.jpg)