
زيارة وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط ورئيس جهاز المخابرات العامة اللواء عمر سليمان إلى اليمن بغية نقل رسالة خطية من الرئيس محمد حسني مبارك إلى نظيره اليمني الرئيس علي عبد الله صالح جددت ذكر العلاقات التاريخية الرابطة بين اليمن ومصر.
والغريب أن قراء تاريخ هذه العلاقات يبدؤونها بدعم مصر للثورات اليمنية (سبتمبر وأكتوبر)، فيحصرونها في زاوية (التثوير)، متناسين الدور الأهم والأسبق وهو (التنوير). بل يعتبرون الجيش التعليمي والمعرفي والعلمي ملحقاً بالجيش المصري بينما كان الدور العلمي والحضاري أسبق من الدور العسكري -وأجدى- بعقود، فكان الانتقال "من التنوير إلى التثوير".
في كل الأحوال يشكر لمصر دورها التاريخي في المسرح السياسي القومي عامة والمسرح السياسي اليمني خاصة، والذي يتجدد اليوم برسالة خطية من الرئيس مبارك و"شروحات شفهية" من وزير خارجيته ورئيس مخابراته. ولعل أهم الشروحات الشفهية وردت في تصريحات الوزير المصري وهو تأكيد دعم مصر لوحدة اليمن وأمنه واستقراره والوقوف بكافة القوى والإمكانيات المصرية إلى جانب الشعب اليمني والحكومة اليمنية "لتجاوز الظروف التي يعيشانها سريعاً".
وذلك تحدياً لكل تمرد داخلي وتصدياً لأي تدخل خارجي أعلن الوزير المصري رفضه ثلاثاً أو كما يقول الأشقاء المصريون ب"التلاتة"!
مصر تعتز بتاريخها وحضارتها، ولا تتهاون قيد شعرة بحق أي مركز من مراكز الصلات التاريخية المشتركة بينها وبين أي بلد، وترفض المس الخارجي بأي منطقة لها -وحتى حيث كان فيما مضى- حضور وتواجد. لهذا لا يستغرب المعنيون بالشأن اليمني سر اندفاع الدعم المصري المعلن خطياً وشفاهةً لأمن واستقرار اليمن الواحد. لاسيما واليمن واحد، برأس واحد وقيادة واحدة في منأى عن صراعات متعددي الرؤوس في متعدد الأشطر كما كان الوضع في الماضي الذي التبس فيه الأمر على بعض الأشقاء ثم تخبطوا في تحديد الموقف من القيادات اليمنية.
علاوة على ذلك فإن القيادة التاريخية للمنطقة العربية تسير وفق تنسيق مشترك بين أطرافها الرئيسية وتحديداً جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية، (حيث وصل المسؤولان المصريان إليها مساء الرابع من تشرين الأول - أكتوبر 09م) الحاضران التاريخيان في أحداث اليمن منذ قرون، وذلك يؤكد أن تأمين استقرار اليمن كعضو رئيسي من أعضاء منظومة الأمن القومي العربي المشترك، مهمة قومية يشارك فيها كل العرب دون استثناء، دون أن يلغي خصوصية اليمن واستقلاله، وظروفه الداخلية المختلفة.
غادر المسؤولان المصريان صنعاء بعدما نقلا وجهة نظر مصر، ويصل اليوم الثلاثاء 6 تشرين الأول 09م أمين عام الجامعة العربية عمرو موسى لينقل وجهة نظر العرب، والقرار بيد اليمن وحده، وهو إلى تنفيذه ماضٍ للتخلص من بقايا براثن الماضي.





