
تحدث الزميل العزيز علي عبدالله صالح في افتتاحيته بصحيفة الثورة يوم الجمعة 1/1/2010م عن مبادرة طيبة للسلام والوئام وأطلق خلالها ستة شروط لإيقاف الحرب على المتمردين، وهي بالنص كما يلي:
• الالتزام بوقف إطلاق النار وفتح الطرقات وإزالة الألغام والنزول من المرتفعات وإنهاء التمترس في المواقع وجوانب الطرق.
• الانسحاب من المديريات وعدم التدخل في شئون السلطة المحلية.
• إعادة المنهوبات من المعدات المدنية والعسكرية.
• إطلاق المحتجزين لديها من المدنيين والعسكريين.
• الالتزام بالدستور والنظام والقانون.
• الالتزام بعدم الاعتداء على أراضي المملكة العربية السعودية.
ومن خلال التمعن في هذه الشروط نجد أنها لا تتضمن شرطاً يتحدث عن ضرورة تسليم المتمردين لسلاحهم الثقيل أو المتوسط، وعليهم فقط تسليم العتاد المسروق من الجيش. كما أنها تخلو من شرط تفكيك التنظيم المسلح وإلغاء المراكز التي يدرسون فيها فكرهم العدائي تجاه الآخرين.
بمعنى أن قبول المتمردين بهذه الشروط يبقي عليهم قوة منظمة ومسلحة ومهيمنة وهذا يؤدي إلى اندلاع الحرب من جديد في أية لحظة.
وفي كل مرة كانت تنتهي المواجهات والمتمردون محشورون في نقعة ومدحورون إلى حد ما أما اليوم فهم مسيطرون على صعدة وسفيان وأجزاء من جنوب المملكة العربية السعودية.
هذه الشروط لا تحقق سيادة الدولة التي هي سيادة الشعب ولا تجعل المتمردين مواطنين مثل غيرهم ولا تقدم المتسببين في هذه الحرب للمحاكمة العادلة..
ومن حيث المبدأ فإن الشروط عادة تطرح قبل حدوث الحرب أما بعد نشوبها فلا شيء سوى الاستسلام دون قيد أو شرط.. كما أن المتمردين رفضوا الشروط في بداية الأمر وقبولهم بها اليوم يفضي قانونياً وجنائياً بالضرورة إلى محاكمتهم عن كل الأرواح التي زهقت والدمار الذي حصل بسبب رفضهم للشروط في بداية الأمر.. وعموماً لن يكون السلام هو الناتج الأكيد عن مبادرة الأخ الرئيس وقبول المتمردين بها إذ الأكيد أن ذلك سيزيد من اهتزاز ثقة المواطن والجندي بالدولة كما سيغرس بذرة الشك لدى الأشقاء حول أهداف النظام اليمني من قصة الحوثي برمتها.. خصوصاً مع التصريح المحيِِّر الذي أطلقه الرئيس علي عبدالله صالح بعد يومين من نجاح المنمردين في إدخال المملكة العربية السعودية إلى ساحة المواجهة.. والذي قال فيه: "إن الحرب الحقيقية بدأت منذ يومين"!!
لا أحد يريد استمرار هذه الحرب إلا المرضى النفسيون لكن لا أحد عاقلاً يقبل بهدنة سلم كاذب تعود الحرب من بعدها أعتى وأعنف.. ورغم كل ما سبق هناك شرط مفتوح ضمن الشروط الستة يمكن للدولة حال تفعيله أن تحقق سيادة الشعب وهو الخاص بالقبول بالدستور والقانون وكلاهما لا يجيز وجود تنظيم مسلح خارج إطار الدولة، وإذا كان إيراد هذا الشرط بنية تفعيله لتم الاستغناء عن باقي الشروط، لأنه يحقق الغرض..
توقيت نشر افتتاحية الأخ الرئيس في الثورة يشير إلى أن المبادرة جاءت نزولاً عند رغبة أتباع السيد المسيح عليه السلام في واشنطن الذين يضغطون باتجاه تحويل المعركة ضد الجنوب والقاعدة لحرصهم وفق بعض التقديرات على بقاء جماعة الحوثي كورقة ابتزاز للمملكة العربية السعودية والجمهورية اليمنية وعلى المتمردين أن يهتفوا من اليوم فصاعداً: " الحياة (وليس الموت) لأمريكا"..
وهناك من لا يستبعد قبول طهران بتوسيع حصة واشنطن في العراق مقابل جهود واشنطن لنقل المعركة من شمال اليمن إلى الجنوب ومأرب وأرحب والقاعدة..
لقد انتهى الرئيس أوباما من ترتيب البيت الأبيض وعاودت الولايات المتحدة لعبة خلط الأوراق بدءاً باليمن التي تعتبر نقطة عبور هامة لكافة الإستراتيجيات الصاعدة في العالم وكان الأجدى له ابتكار لعبة جديدة غير القاعدة.. كما كان من الأجدى للدبلوماسية الأمنية اليمنية برئاسة الأستاذ علي الآنسي إقناع الأصدقاء الأمريكان أن احتشادهم الأخير سيصب في صالح القاعدة وليس العكس.




