
حقاً.. فوق كل ذي علم عليم. وإذ اعتبر الناطق الرسمي للحكومة الأستاذ حسن اللوزي وزير الإعلام وهو من يصب المعلومات بكلمات متراصة ومتناسقة ويلقيها بنبرة حماسية ولغة خطابية تصعيدية وصوت جهوري طلق
في أسماع "رسل المعرفة" كما تحلو له تسمية أهل الحرف من الصحفيين المحليين والعرب والأجانب، إذ اعتبر عالماً خبيراً بما يدور في الشأن اليمني هذه الأيام ومقصد المتابعين المهتمين، فقد أتى نائب رئيس الوزراء لشؤون الدفاع والأمن د.رشاد محمد العليمي ليشاطره هذا الموضع إنما من باب "إعطاء القوس باريها" فسرد المعلومات الأمنية الأدق، والأوثق والأصدق، مؤكداً أن "لا ينبئك مثل خبير".
في مؤتمر الخميس الموافق 7 كانون الثاني 10 م لم يقف العليمي رشاد بن محمد بأسلوبه المقنع والمتفاعل مع محاوريه على عتبة "التأتأة والمأمأة" والاجتهادات غير محسوبة العواقب. فمن حسن حظه ونباهته وخبرته أنه يدرك ماذا يقول، وأين يقوله لئلا يخرج عما رُسم من نطاق ومدار تحرك في المعادلة السياسية التي صار من أهم عناصرها، وفقه الله.
من بين ما ورد من تأكيدات على لسان هذا "الموفق"، مقدرة اليمن على مواجهة التحديات بمختلف أشكالها وألوانها منذ زمن غير قريب، ولا حاجة لدخول قوات أجنبية لمساعدة اليمن في مواجهة تحدياته. وهي جملة سيادية سيارة على لسان كل مسؤول ينبري لرفض محاولة المس بسيادة اليمن واستقلاله والتدخل في شؤونه.
إطلاق هذه الجملة وتكرارها نجح في انتزاع تصريحات مسؤولين دوليين كبارا عسكريين ومدنيين بأن بلدنا ذو سيادة لا يجوز التدخل في شؤونه، وألا نية ولا تفكير بالإقدام على مثل هذا المشروع الإحيائي (للمخططات الاستعمارية الإمبريالية الرجعية التآمرية!!!).
أحسن مسؤولو اليمن وأصدقاؤه الغربيون بتصريحاتهم هذه، خاصة قدرة اليمن على مواجهة التحديات.
ولكن انطلاقاً من قاعدة:
فقل لمن يدعي في العلم معرفة عرفت شيئاً وغابت عنك أشياء
وتبديل "معرفةً" ب"مقدرةٍ".
ما هو الشيء الذي لا يقدر عليه اليمن في مقابل ما يقدر عليه؟
نعم.. قادرون على مواجهة التحديات، ولكن هل بإمكانيات شحيحة وموارد لا نحسن استثمارها، قادرون على معالجة الآثار السلبية لهذه التحديات والتعاطي مع الإيجابيات المحفزة؟
اليمن غير عاجز عن مواجهة التحديات -وخلقها أيضاً- لكنه يظل محتاجاً للدعم والعون الخارجي، فكما ورد على لسان العليمي وغيره من ذوي العلم:
"نحن نطالب المجتمع الدولي اليوم، فقط بأن يساعدنا ويدعم قدراتنا الاقتصادية والأمنية والعسكرية". مع رفض سيادي لوجود قوات أجنبية تواجه التحديات. دون انتفاء الاحتياج للمعونة والدعم الأجنبي لمواجهة هذه التحديات.
ومع أن مسؤولين أميركيين يقولون بعدم مقدرة بلادهم على دعم اليمن، فإن كل شيء يمني يحتاج إلى الدعم، وجوقة يمنية كبيرة تردد -مع الاعتذار للفضول- مطلع نشيد الدعم الوطني: "ادعمي أيتها الدنيا ادعميني". لأن:
الحكومة تحتاج إلى دعم، والمعارضة تحتاج إلى دعم.
المسؤول يحتاج إلى دعم، والمواطن يحتاج إلى دعم.
المرأة تحتاج إلى دعم، والشباب يحتاج إلى دعم.
العسكري يحتاج إلى دعم، والإرهابي يحتاج إلى دعم.
الغذاء يحتاج إلى دعم، والجوع يحتاج إلى دعم.
الصحة تحتاج إلى دعم، والمرض يحتاج إلى دعم.
الأمل يحتاج إلى دعم، والإحباط يحتاج إلى دعم.
القرارات والسياسات والتوجيهات والمشاريع تحتاج إلى دعم، والتعويق والعرقلة وعدم التنفيذ يحتاج إلى دعم.
مواجهة التحديات تحتاج إلى دعم، وخلق التحديات يحتاج إلى دعم، والدعم يحتاج إلى دعم.. فأين أنت يا دعم، دعم اليمن؟!!!





