أيها الفاسدون.. للتوبة شروط

عندما أتحدث عن الفساد مع مواطن أو موظف أو مثقف، نخرج برأي واحد متفق علية هو أن الفساد لا يختلف علية اثنين وهو السبب الرئيسي الذي فاقم الأزمات وعمق الاختلالات الموجودة في البلاد، بحيث يزداد الفاسدين غنا فاحشا، ويتجرع المواطنين فقرا مدقعا.

(ترليون و566 ملياراً و884 مليوناً و279 إلفاً و286 ريال، 1,566,884,279,286) فساد السنة الأخيرة بحسب تقرير منظمة "صحفيون لمناهضة الفساد" يكشف مدى ما وصل إليه الفساد باليمن ويكشف ليس عن عدم وجود أرادة سياسية لمحاربة الفساد بل لتبنيه كنهج سلطة قائمة على تقاسم المصالح والمناصب.

وبكون الفساد هو الآفة الأولى التي أنتجت مشاكل اليمن وجعل إمكانيات الدولة محدودة فأن أي حلول لتلك المشاكل لن تكون إلا بمثابة مهدءات لفترة قصيرة. فليس أمام السلطة في البلاد سوى الاعتدال أو الاعتزال وبما أن السلطة ترفض الاعتزال مهددة بالخراب والدمار فأن استمرارها أيضا سيكون خرابا ودمار، وما نراه اليوم إلا بدابة لهذا الدمار أما الحديث عن اعتدالها ففيه شيء من الاستخفاف بعقول الناس فالنوايا واضحة للجميع ولو كانت هناك أرادة سياسية للاعتدال والإصلاح الحقيقي لبادرة السلطة بما يلي:

1- الاعتراف بالأخطاء التي مارسوها في السابق بما فيها عدم تفعيل النظام والقانون وعدم تفعيل مؤسسات الدولة

بما فيها مجلسي النواب والشورى واستقلال القضاء ومشاركة أطياف وشرائح المجتمع في صنع القرار وتقسيم الثروة بعدالة.

2 - الاعتذار للشعب اليمني على ما ارتكبوه في حق الوطن والمواطنين وعلى القرارات الخاطئة التي كانت سببا في تجويع وتجريع الشعب وكانت سببا في الحروب والمواجهات بين أبناء القوات المسلحة وبين فئات من مختلف أطياف الشعب.

3- الشروع في الإصلاح الجاد والمسؤول من خلال حوار جاد وبناء لا يستثنى منه أحد يشخص الأمراض الذي تعاني منه اليمن ويقرر الحلول ويبدأ بتنفيذها مقدمين كل التنازلات لما فيه مصلحة الوطن والمواطنين وإشراك جميع القوى السياسية في البلاد في صنع القرار.

4- الالتزام بالقرارات التي سيتمخض عنها الحوار وتطبيقها دونما تملص وتهرب من أي قرار.

وبهذه النقاط الأربع الذي يقتضي من السلطة أن تكون شجاعة للاعتراف بأخطائها والاعتذار وفتح صفحة جديدة واستيعاب جميع القوى الوطنية والالتزام بالاتفاقيات وتنفيذها واحترام القانون والدستور تكون السلطة شرعت في الإصلاح، أما وكون السلطة ماضيه في مشروعها المتملص من كل القضايا بما فيها الفساد الذي يؤرق اقتصاد الوطن وتنفيذ اتفاق فبراير الذي أبرمته مع المعارضة (بعد أن كانت البلاد على وشك حرب أهلية) وحل القضية الجنوبية وإنهاء حرب صعده مستخفة بعقول الناس للذهاب إلى حوار مع نفسها ومن هب صوبها وذهب لينال شيء من كعكتها فهي بذلك تقود نفسها إلى الهاوية.

وهنا يكون الدور الذي يجب أن تلعبه المعارضة التي ذهبت إلى التشاور الوطني ثم إلى وثيقة الإنقاذ بما يلي:

1- تشكيل لجنة من العلماء والشخصيات المستقلة لمناصحة رئيس الجمهورية ومسؤولي الحزب الحاكم بالعدول عن مواقفهم التي تعيق أي أصلاح جاد في البلاد لإنقاذ اليمن مما هي فيه.

2- الالتحام بالشارع (حتى لا يختطف الشارع أصحاب المشاريع الصغيرة وجره نحو العنف) وحشد كافة شرائح المجتمع الرافضة للفساد والانفلات الأمني والتفرد بالقرار وجر اليمن نحو الحروب والصراع الحزبي والطائفي بحيث تتحرك مظاهرات بمئات الآلاف من أنصار المعارضة باستمرار في كل المحافظات للضغط على السلطة للشروع بالإصلاح الحقيقي الملموس أو ترك المجال للآخرين.

3- التنسيق الكامل بين أطياف المعارضة في الداخل والخارج للخروج بمواقف موحده وتحرك سلمي موحد يحفظ أمن واستقرار اليمن.