تغزونا الأفكار الغريبة والمستغربة من بعيد فيطبقها البسطاء على طريقة "مع الجماعة رحمة ومع الخيل ياشقراء"، فينشغل العاطل بلملمة أفكاره الشعثاء فيصبغها على غبارها، وكيف ما جت تجي، لا يهمه تشوه منظر فكره بقدر ما يعنيه إيجاد مخرج يعين العباد على تحمل قبح فعلته.
فبالأمس كانت ضربة المعجلة بشبوة وسط اليمن، وما حصلت فيها من أخطاء راح ضحيتها أبرياء مساكين لا ذنب لهم سوى أنهم كانوا في نفس المكان الذي يمارس فيه المشتبه بهم طقوسهم الخاصة، ولسنا بصدد إسترجاع أهمية الضربة الإستباقية لوكر من أوكار القاعدة ومحطة عسكرتهم وتدريبهم من عدمها. إلا أننا أمام سقوط مدو لرجل القاعدة الأول ومن دون ضربة قاضية ولا هم يخزنون. وها هو الفضلي يبرئ الإميركان من أي ذنب اقترفوه بحق أهله بل أنه يكرمهم بتحية العلم، وسلوط مربع ما عمر أبوهم شافوه من صهيوني يحب إمريكا ويعشقها حد الثمالة.
البعض، وأنا أولهم، اعتبر أن هذا مجرد اعتذار صريح وتوبه نصوح لوجه أمريكا بادر بها الفضلي من باب "إبعد عن الشر ياسيدي وغني له"، وذلك بعد أن شعر وغيره أنهم أمام حالة عزلة لا يملكون أمامها سوى الاعتراف بأنه "جاك الموت يا تارك الصلاة".
لكنه وللأسف الشديد نسي أو تناسى (سلطان زمانه) أن عائلات ضحايا المعجلة ربما سيطلبون منه تفسيرا يقنعهم بجدوى رسالة المعمودية التي طهّر بها بدنه من رجس القاعدة على حساب أبنائهم الذين سقطوا جراء الضربة الخطأ؟
ساعتها هل سيجيبهم ب"مكره سلطانكم لا بطل"؟ ويا عيباه!!
وعلى الجانب الآخر تأتي التبريكات الصبيانية بالتزامن مع رفع العلم في الحوش لتؤكد مدى استغباء العالم والناس وكأن شيئاً لم يكن!!
فبوادر الاختلاف على صنع القرار وارتجاليته التي يقوم بها البيض ربما أصابت عدواها هذا السلطان الطموح فأراد الاستئثار بتلك الخطوة الجريئة قبل أن يسبقه البيض عليها وكعملية جس نبض قادة الحراك للمسارعة باستخلاص مباركتهم التي شابها الحذر مما يقوم به الفضلي من جنون وتهور ستتلوه قرارات أخرى ربما تصل إلى إعلان السلطنة بحدودها وجغرافيتها، فهل سيوافقه المطبلون على مشروعه إن فعلها؟ لأن أبين وما جاورها ستكون تحت وصاية الفضلي وحماية ومباركة السلطة لعزل تلك المناطق عن حراك الضالع ويافع وردفان وبذلك تكون قد اطمأنت صنعاء بأن رجلها الأول ويدها الطولى قد وصل لمبتغاها ونفذ الخطة بحذافيرها دون أن يدري لتضمن بعدها ولاء أبين وما جاورها ولا يهمهم إن رفعوا "ثورة ثورة يا جنوب"، فالمسألة داخلة ضمن حسابات خاصة وأجندة لوأد الحراك ودفنه إلى غير رجعة.
وأكلتوها ياحراك هذي المرة وستبلعون الغصة من بعد الفضلي عن قريب..
قولوا إن شاء الله.. وأبشروا بالخير وساعتها "ما إلكن إلا علي"!
سلام