أشتاق للكتابة أحيانا فيخذلني قلمي عند أقرب محطة للتفكير، وعندما أعاود التفكير أجدني أمام معضلة فشل تتكرر في معلومة ذهنية مرت بي حين صفاء فأفتش عنها دون جدوى..
وهكذا أجد نفسي مجبر على تغيير نمط الحديث كيفما أتفق وبما تفرضه علي حيثيات اللحظة لأكتب لا لمجرد الكتابة وملئ الفراغ بل للإفصاح عن حالة سخاء ذهني وموضوعي بطريقة مقتضبة بعيداً عن الحشو الممل والإسهال الكتابي ورص الجمل بالثرثرة فألجأ لمواضيع جادة لا دخل لها بمن لا يعنيهم أمر القراءة من قريب أو بعيد وبذلك أكون قد تحاشيت كثرة الردود وضمنت لطرحي قراءات أكثر تثلج صدري وهذا ما يهمني
بالأمس استفزني حديث لأحد المتنطعين بالثقافة المثالية والترفع عن البشر "الأي كلام
والنص كم" على حد قوله وهو يصارع مضيفه بكل ما أوتي من قوة وشد عضلي ليسبقه هو بالسؤال ليرد على نفسه بكل ثقة ورباطة جأش..
وبينما هو يحشر الحديث بين شدقيه بتكلف الواعظ الورع سقطت منه سهواً بعض العبارات التي تدل على أنه عينة مختارة بعناية من أمهات الشوراع لتذكرني بحلقات زكية زكريا حتى خلت أن البرنامج لضعف الضيف والمضيف أنها مجرد مزحة من مزحات الكاميرا الخفية وإن بصورة غبية لا ترقى إلى التمثيل منها إلى المسخرة..
فأدرت الريموت باتجاه قناة دعائية أخرى أقل ضرراً وكفاني امتثالاً لرغبة صديقي الذي أبدى امتعاضه من الحديث معبراً عن اشمئزازه وقرفه من المادة المكررة على حد قوله ما أثار فضولي لأسأله عن البرنامج وعن الضيف فقال لي إنه صاحب القناة نفسه ومؤسسها وممولها وشايل همها من المهد إلى اللحد ومن الألف إلى "كوز الذرة"..
و"رزق الهبل عالمجانين"
تنهيدة :
ليس الأمر عندي مجرد صفقة أنهيها مقابل لقاء يجمعني بمن أحب على صفحات تلك المدونة أو هذا المقال، فلذة النفس وإرضاءها لا تهمني بقدر ما يهمني عطاء من وهبني عقله وقلبه وفكره وحواسه وسلطها باتجاه قلبي ليأسره بعطفه ولطفه، بسماحته وصفاء قلبه، بروحه وصدقه، وعقله وقلمه.
من وجه حبيبتي تعلمت كيف أن الدموع تنهمر بمجرد لقاء لا يعد صدفة بل أن له مقدمة كلفت نفسي وسخرتها لأكتشف ذلك المخلوق القادم من موطن الألم ليستقر في مكامن ضعفي ويسيطر عليها بكل ما أوتي من قوة وفعل السحر.
لحظات ولادة متعسرة:
ببريقها انخدعت فتصورت أمامي جنة نعيمها ولم أستطع تجاوز محنتها وآلام أمي فحاولت بغباء أن أتحرر من ذلك الطوق الملتف حول عنقي وأنا أسبح في بطنها فوجدت قابلة في وجهي جيء بها لتساعدني في خلعه والتبرئ منه.. وكانت تلك أولى عثرات حياتي ولما حاولت التراجع أدركت للأسف أنه قد فات الأوان، ثم خرجت من رحم أمي مخدوعاً بزيف ابتسامة قابلة خبيثة وصخب عالم مجنون أطلقت معه أمي ومن أجله زغرودة الفرح بقدومي الميمون وعندما همت تلك العجوز الشمطاء بقطع صلتي بأمي ترسخ عندي حب الثبات والتعلق بالحبل السري وهي أولى محاولاتي الشجاعة لإثبات حبي لوطني ومصدر الأمان عندي والتي باءت كلها بالفشل الذريع.
ويا فرحة ما تمت
يقال والعهدة تعود لمن رواها عن أبي وأمي رضي الله عنهما أنني ولدت في أرض يقال لها "بلد الإيمان والحكمة" ولأن أمي لا تملك الحق في أن تلدني دون إذن مسبق كونها لا تملك حق الإقامة فقد أخفيا أمر ولادتي وعادا بي إلى أرض الميعاد ولذلك فأنا لا أملك شهادة ميلاد مختومة بالنسر الذهبي وتوقيع مسئول رفيع المستوى تثبت أنني عربي من أصل يمني .
خرجت إلى هذا العالم أجمع خطواتي على أربع معتمداً على أمي وأبي رضوان الله عليهما حتى استقام عودي فمشيت الخيلاء كما يفعل الأصحاء.
وجدت في مصحف جدي رحمة الله عليه كلمات بخط يده خلاصتها ما يلي:
أفرحني الباري بحفيد يحمل اسمي ويخلده في هذا التاريخ.. من شهر صفر "سنة الجراد".
" عفواً هكذا خيل لي ما كتب والله أعلم " .
أخذت المصحف لأعرضه على خبراء الخط فقالوا "الله يخلف عليك يا بو يمن"
عشت ثلاث مراحل من الطفولة ولازلت أخوض مراحل تعليمي في جامعة الحياة الرابعة وأظنها الجولة الأخيرة والله أعلم.
ملخص بعيد كل البعد عن تخصصي:
كتبت يوماً من برزخي العاجي بعد أدائي فريضة العمرة عن جريمة قادمة في علم الغيب وهو ما ينبئني به حدسي ليصبح الأمر عندي مجرد اتصالاُ بالعالم الخارجي بعد أداء الركعتين وما تلتهن من دعوات مجانية بأن يصلح الله أمر وطني المنكوب بقيادته لعلمي بما يدور في وطني الحبيب و"مكب نفايات العالم"..
وتواصلاً في المعلومة من أجل التوصل إلى حقيقة..
قصدت بحديثي بائعة الفصفص إياها والجالسة على بوابة إحدى المدراس النموذجية في حيها المكاوي العامر بالأجناس المختلفة وهي توزع "القيرو" على المعلمين عوضاً عن القات بعد انقطاعه بسبب حرب صعدة..
وتبيع لهم البيبسي لتحتفظ لنفسها بالعلبة الفارغة لإعادة تدويرها وقد ورد ذكرها تلميحاُ ليس لأنها مجرد بائعة فصفص بل كونها تلتف حولها قنابل رضع موقوتة وخلايا نائمة "بلا هوية" تعدهم باهتمام لأن يكونوا..
دليلها السياحي لتعبر به نحو المجهول وحيث حطت رحال بطنها الولادة يوم فكرت بحنكة فصفصية بزرعهم في جسد مجتمع كروي يعشق "الزعيم" ويمجد الأهلي ويكره الهلال على شكل مستعمرات توسعية لن يدركها عقل يستفز نفسه ليفكر بحجم الكارثة القادمة سوى بعد فوات الأوان وهكذا خيل لي فضولي والله أعلم.
المخيف في الأمر أنهم لن يجدوا لتلك الكارثة حلاً سوى بالهجرة العكسية ربما باتجاه الجارة الطيبة و"مكب نفايات العالم" لعلمنا أن لدى الأخيرة قابلية لاستيعاب دماء سكان كوكب المريخ وزحل وبلوتو وعطارد فلديها عينة أفرزتها الحروب وهجرات عشق أبو يمن ما شكل دولة داخل دولة وهذا لا يمنع اختلاط الألوان ببعضها مادامت خربانة.. "خربانة".
ويا ساتر استر