
سيدي الرئيس إننا في م/ عدن حيث الطقس نار لا يمكننا معه الاستغناء عن الكهرباء التي أذلونا بها ولا نقدر على دفع فواتيرها الملتهبة بالتهاب أجواء محافظتنا.. لأن جيوبنا مثقوبة بحجم ثقب طبقة الأوزون.. ثقبها هذا لم يأت عن سفه أو بسطنا كل البسط ليدنا الكريمة وإنما عن طفر وعوز وفاقة.
لقد استغنينا عن أشياء كثيرة مثل: اللبس الجديد وأكل اللحم والفواكه ومعظم الخضروات حتى السمك الذي تنعم به بحار محافظتنا حرمنا منه وغاب عن موائدنا ليسجل حضوراً يومياً على موائد المحافظات الأخرى في اليمن بأريافها وقراها مع العلم أن البحر عندنا (مش عندهم).. ومع هذا قلنا مش مهم والأهم هو الأمن والأمان.. كما أن انقطاع المياه بشكل دائم لم يثننا عن حب الوحدة والسكينة وقلنا مش مهم أن نعبئ المياه في خزانات وخلاص..
ارتفع سعر الديزل والبترول وارتفعت معهما أجرة المواصلات بكل وسائلها: براً، بحراً، جواً.. وحرمنا من السفر والخروج والنزهة وأقنعنا أنفسنا وأطفالنا قبلنا بأن كل الضروريات السابقة الذكر ما هي إلا عبارة عن كماليات ورفاهية لا داعي لها.
لكن أن تصل الحرب النفسية إلى ارتفاع تعرفة الكهرباء التي طالبنا مرارا ومنذ سنين بخفضها والتي لا يمكن لسكان عدن الاستغناء عنها أبدا والتي من المستحيل أن يقوموا بتعبئتها في خزانات أو شرائها من البقالات مثل المياه. فبعد أن عاش أهالي محافظة عدن يحلمون وحلمهم هذا يكبر مع كل خطاب رئاسي تلقيه فخامتك في الأعياد والمناسبات الوطنية بأن تفاجئهم بقرار يقلل من قيمة التعرفة الكهربائية فإذا بهم يصحون من حلمهم على قرار أشبه بالكابوس بل هو الكابوس عينه ويتفاجأون بارتفاع جنوني في فواتير الكهرباء.. ومن الصدف المريبة أن هؤلاء الرومانسيين الحالمين تلقوا الزيادة في فواتير شهر يونيو التي وصلت إليهم في أول يوليو الشهر الذي يحمل مناسبتين تعني لك ولنا الشيء الكثير.
من هو العبقري صاحب فكرة ارتفاع تسعيرة الكهرباء؟! ولماذا اختار ذلك العبقري المجنون هذا الشهر بالذات؟
سيقولون لك: لا يجوز افتراض سوء النية إلا بدليل كاف.. ألا يوجد دليل أكبر من هذا في أنهم يريدون الإيقاع بيننا وبينك؟! بعد استلام الفواتير الملغمة تجمع المنكوبون فزعين وخرجت ألسنتهم عن صمتها.. قال أحدهم: أين هي الحياة الكريمة التي سنرجوها لأولادنا بعد هذا؟ أجابه الآخر: هذا بلد يستقوون فيه على العاجز الضعيف ويقطعون التيار الكهربائي عن المواطن (الضابح) لأنه عاجز عن الدفع ولا يقطعونه عن مسئول أو نافذ قادر على الدفع ولكنه لا يدفع.
قال أحد المحبين لوطنهم: اليوم تخرج ألسنة أبناء عدن ضاجة معترضة مستنكرة.. الخوف من اليوم الذي يخرجون فيه إلى الشارع وما أدراكم معنى خروج أبناء عدن إلى الشارع؟
فخامة رئيس الجمهورية حفظك الله ورعاك.. سأطلب منك أن تأتي إلى عدن وتقعد في مكتبك دون تكييف.. أقسم بأنك لن تقوى على تحمل حرارة الجو حتى مع وجود مروحة تدور دون فائدة.. فما بالك بسكان عدن الذين لا يملك معظمهم أجهزة تكييف وفوق هذا لا يقدرون على دفع فواتير المراوح الملطفة وظلت حياتهم أشبه بلعبة القط والفأر.. إدارة الكهرباء تفصل العداد فيركضون هناك وهنا لاستعادتها يعني أن حياتهم ركض في ركض ومع هذا لا يستطيعون اللحاق بالعداد اللعين فكيف سيكون حالهم بعد القرار الفاجع.
المحافظة الوحيدة التي تشعرك بالأمان الذي تفتقده المحافظات الأخرى،عدن التي عاش فيها مختلف البشر والأجناس والشرائح والفصائل بعيدا عن الكراهية والمناطقية والتي استعصى على بعضهم أن يجرها إليهم فظلت في منأى عن المظاهر المسلحة (نخيط القبيلة) وأعراف الجاهلية.. أيكون جزاؤها هذا؟ .. لا بد من إعادة نظر.




