آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

خليجي 20.. ومفهوم الوطن الخليجي الواحد

وراء نجاح اليمن الكبير والمدهش في استضافة (خليجي 20) أسباب وعوامل كثيرة بدأت داخلياً بعبقرية اختيار مكان البطولة عدن وأبين من قبل فخامة الرئيس علي عبد الله صالح، رئيس الجمهورية وإصراره ومعه الشرفاء والمخلصون من أبناء اليمن من قمة الهرم القيادي إلى المواطن البسيط على تنظيم البطولة في موعدها ومكانها المحددين برغم الزوابع الإعلامية التي حاولت استهداف ذلك الإصرار بشتى الطرق واستخدمت كل الأساليب غير المشروعة..

فكانت عزيمة القيادة السياسية ودفاعها المستميت على حق اليمن في استضافة (خليجي 20) في الموعد المحدد والمكان المختار أحد أبرز العوامل الداخلية لنجاح الاستضافة ، وهناك عوامل أخرى خارجية كان لها الدور الفاعل في إنجاح الاستضافة تمثلت في الدعم اللامحدود والمساندة القوية من قبل قادة دول الخليج ومختلف مستويات اتخاذ القرار السياسي والرياضي الخليجي لإصرار اليمن قيادة وحكومة وشعباً في أن تتم استضافة (خليجي 20) في موعدها 22 نوفمبر ومكانها عدن وأبين واستجاب الأشقاء في الخليج لتحدي اليمن لكل الملابسات التي أثارتها وسائل الإعلام بتحديهم للهواجس الأمنية فتلاقت الإرادتان اليمنية والخليجية فكانت الاستضافة الناجحة ل (خليجي 20) في مضمونها تعبيراً عن مفهوم الوطن الخليجي الواحد.

ولعل من نافلة القول أن نجاح (خليجي 20) غرس وكرّس مفهوم الوطن الخليجي الواحد رياضياً وثقافياً واقتصادياً وسياسياً وبدا ذلك واضحاً لا يحتاج إلى اكتشاف، فقد ساد روح الأخوة والمحبة بين جميع المشاركين في البطولة وانتعشت لديهم مفاهيم وقضايا كانت في زاوية قصية من الذاكرة أبرزها أنهم يعيشون في وطن واحد تجمعهم أواصر الدم والقربى والأرض الواحدة والمصير المشترك، وكانت أيام (خليجي 20) في عدن وأبين كلها تعبيراً واضحاً عن مفهوم الوطن الخليجي الواحد لدى أبناء اليمن وأشقائهم في الخليج قولاً وعملاً ، كما برز ذلك بوضوح في القنوات الفضائية والصحف من خلال تغطيات وتعليقات وكتابات الزملاء الإعلاميين الخليجيين الذين تواجدوا في عدن وأبين لتغطية الحدث ، كما عبر عنه الزملاء الصحفيون والكتاب والإعلاميون الخليجيون في عواصم دول الخليج الذين تفاعلوا مع الحدث وأمطرونا بسيل من الكتابات الصحفية والبرامج التلفزيونية طوال أيام بطولة (خليجي 20).

ولسنا بحاجة إلى إيراد نماذج وأمثلة تؤكد ما قلناه وتوضح مفهوم الوطن الخليجي الواحد الذي تجلى خلال بطولة (خليجي 20) باعتباره كان ساكناً في قلوب وعقول وأفئدة أبناء اليمن والخليج فقد كانت المشاهد كثيرة ومتعددة وواضحة لا تحتاج لكثير من العناء لشرحها لأن تناولها بالشرح أو الإشارة إليها سيفسد حلاوتها وسيفقدها عمقها الحميمي مهما أوتي المتكلم أو الكاتب من بيان اللغة ومحسناتها البديعية، لكن لا بأس من إيراد نموذجين فقط الأول يمني والأخر خليجي..

فتشجيع أبناء اليمن لكل المنتخبات الخليجية ورفعهم كل الإعلام الخليجية واحتفائهم بالأشقاء منتخبات ومشجعين برغم خروج المنتخب اليمني من المنافسة سريعاً أحدث ما يشبه الزلزال في قلوب وأفئدة وعقول الأشقاء وكان محل إشادات وكتابات وتعليقات متواصلة وهو لعمري يعكس مفهوم الوطن الخليجي الواحد الساكن في قلوب وأفئدة كل اليمنيين.. أما النموذج الخليجي لمفهوم الوطن الخليج الواحد فكان حاضراً بوضوح وبدأ منذ أن تحدى الأشقاء الهواجس الأمنية واتخذوا القرار بالوصول إلى عدن وتواصل خلال أيام البطولة فرحاً وحباً وبهجةً وشاهد وسمع وقرأ الجميع مئات الصور الحميمية والواقعية عن مجريات أحداث خليجي20 والتغزل بجمال عدن وأبين والمدح والثناء للتنظيم والحفاوة وطيبة أبناء اليمن ومن يريد الاستزادة ففعاليات (خليجي 20) موثقة إعلامياً ومحفورة في قلوب وصدور وعقول المشاركين فيها والمشاهدين والمستمعين.

ولمزيد من التفصيل نورد ما كتبه الكاتب السعودي الشهير تركي الدخيل في صحيفة الوطن السعودية تحت عنوان " الساخرون من اليمن" فقد تناول مفهوم الوطن الخليجي الواحد بعبارات جميلة وواضحة بقوله " وجدت هذه البطولة فرصة لأقترح على إخوتي الخليجيين أن نقف معاً أمام المرآة. أعجبني تعليق الزميل محمود صباغ في "تويتر" حينما قال: "اليمن هي نحن من دون نفط"! صدق بعبارته هذه التي اختصرت الكثير من الفوارق التي نزعم أنها تفصلنا عن الشعب اليمني الشقيق، نعم هناك فارق اقتصادي وتنموي، لكنه ليس الفارق الجوهري، نحن وإياهم نشترك في الثقافة والقبلية والانتماء للعادات.

وقد كتبت في مقدمة "جوهرة في يد فحّام" أحدث كتبي والذي نزل منذ أشهرٍ في السوق عن ملامح أساسية تميّز المجتمع اليمني، ومن خلال البحث عرفتُ أننا في الجانب الثقافي نشترك مع الشعب اليمني في العيوب والمميزات، بل ربما كانت فطرية اليمنيين وقربهم من الأرض وبعدهم عن منغّصات الحياة اليومية سبباً في تفوّقهم الإنساني أحياناً".

وأضاف الزميل الدخيل "قال أبو عبدالله -غفر الله له-: النكتة الطريفة تعبير عن حب في كثير من الأحيان، ها نحن نتبادل تأليف النكات بيننا وبين اللبنانيين والمصريين، لكن مع اليمنيين هناك سخرية على الوجوه والأفواه كأن على رؤوس هؤلاء الساخرين ريشاً، مع أنهم لا يفترقون عن الشعب اليمني إلا بالاقتصاد والمباني، أما التأخر الثقافي أو الاجتماعي أو طريقة التعامل مع المرأة فيمكنني أن أقول "حمد أخو راشد" يعني من يضحك على من؟! فلا تغطوا رؤوسكم بالأرصدة والملابس والمباني والسيارات وبقية جسدكم مكشوف على الملأ، وقديماً قالوا: "حنا عيال قرية ... كلٍ يعرف أخيّه"!. ما سبق أصدق تعبير عن مفهوم الوطن الخليجي الواحد الذي أنعشته في ذاكرة اليمنيين والخليجيين بطولة (خليجي 20) في عدن أبين ولست بحاجة لسرد المزيد.

زر الذهاب إلى الأعلى