إلى الأصدقاء الأميركان.. لا قلق!

أزاح الندى، قليلاً، عن جبين المؤسسة الدبلوماسية الأميركية ما أدلى به السيد جيفري فيلتمان مساعد وزير خارجية الولايات المتحدة الأميركية لشؤون الشرق الأدنى من تصريحات حول تأثير التقارير الدبلوماسية المسربة عبر موقع "ويكليكس" على عمل الدبلوماسيين الأميركيين وعلاقة بلادهم بـ185 دولة سيتقدم إليها الاعتذار عن تسرب تلك التقارير الخاصة بأوضاع تلكم الدول والمحادثات الصريحة جداً –لا العارية- مع بعض مسئوليها.

لقد تخلل تصريحاته لبعض الإعلاميين إفصاح عن مشاعر "تحرج" إزاء حالة التسرب الوثائقية المؤدية إلى "تحرش" بعلاقات بلدان وحكومات تربطها صداقة قديمة وشراكة متينة مع بلاده وحكومته.

ورافق الحرج الأميركي أيضاً تمنيات –لا شك في ارتفاع حرارة صدقيتها- بتخطي حالتي "صدمة ودهشة" تعتريان بعض المسئولين العرب حسب وصفه، وكذا باستعادة الثقة فيما بين "مجموعة أصدقاء (أميركا)" وبين أميركا!

وحقيقة الأمر أن ما بات يواجهه الأصدقاء الأميركيون من رد فعل طبيعي جراء تلك التسريبات المريبة كتحفظ بعض المسئولين العرب عن الحديث لدى لقاءاتهم بدبلوماسيين أميركيين -ولعلهم سيفعلون ذلك مع دبلوماسيين أجانب آخرين تحسباً لاحتمال تسرب التقارير من أرشيف دولهم بعناية مقصودة أو بغيرها تحت أي ظرف من الظروف!-، لن يعدو هذا التصرف من جانب بعض المسئولين عن كونه إجراءً موقتاً، لأن استبعاد مدوني الملاحظات من الاجتماعات –وفقاً لإشارة فيلتمان إلى بعض الاجتماعات المجراة مؤخراً-، ثم التدرب على التخاطب بلغة الإشارة أو بأسلوب الشفرة سيتطلب وقتاً طويلاً لكي يفلح فيه بعض المسئولين -"إلا من رحم ربك"-، وهذا قطعاً سيعرقل مسار التعاون الثنائي بين حكومتي بلدين نامٍ وناهض، بل ويتيح تفاقم مشكلات داخلية متزايدة تتطلب لمنع تفاقمها عوناً خارجياً عاجلاً أحياناً وسخياً دائماً.. لا شحيح ولا متقطع!

لذا لن يواصل أي مسئول في أي بلد تحفظه أو صمته على إعلان مطالبه وحاجته، أو يطيق الصبر على كف التعليق حول محيطه، وكما قال السيد فيلتمان: "الحاجة، لكي نعمل معاً، ستطغى في النهاية".

ويمكن التحوير باستبعاد عبارة "لكي نعمل معاً" فتكشف حقيقة التعامل والثقة (المرجو تجديدها) بين الأميركيين والعرب بأنها: الحاجة ستطغى في النهاية!، سيما ولم يطرأ تغيير جوهري على العلاقات الثنائية جراء تلك التسريبات.

والحاجة ستفرض الثقة والتعامل والتخاطب والاجتماعات الصريحة مجدداً، وإن لم يكن بعض النقل "دقيقاً وصحيحاً" لما يدور في المحادثات مع المسئولين المحليين، حسب تصريح مسئول!

لذا على الأصدقاء الأميركيين العمل بالمبدأ الشهير للاجتماعي الأميركي ديل كارينغي: "دع القلق وابدأ الحياة".

لا قلق، لا قلق، لا قلق.. فالحاجة ستطغى دائماً، وستخرج المتحفظين على تحفظهم، والصامتين على صمتهم، فالحاجة أم الاختراع، وأم الطلب!.

فاطمئنوا إلى استمرار ارتفاع مستوى العلاقات، إنما اعملوا على إثبات جديتكم ومصداقية صداقتكم بتلبية الحاجة الطاغية دائماً إلى "العمل معاً" بتوفير العون والدعم المطلوب لمواجهة التحديات المختلفة و.. المتخلفة!