أصاب المؤتمر

لأول مرة منذ مغادرتي العمل التنظيمي مع المؤتمر الشعبي العام قبل ثلاثة عشر عاما أتفق مع إعلان صحيفته الرسمية بأن استقالات أعضائه ظاهرة صحية، وهي حقا كذلك.

صدق موقع المؤتمر نت .. فإذا كانت استقالة عدد من قيادات الصف الثاني صحيا، فما بالكم باستقالة النظام .. لا شك أن اليمن سيصبح مقاوما للأمراض المعدية في السياسة والمزمنة في الحكم والأوبئة المستعصية في تلبية احتياجات الناس، وسيُعلن لأول مرة وطنا خاليا من الفساد.

ولا بد أن حالة صحية منشودة كهذه لم تكن لتتحقق لولا دماء أبطال تاريخيين، بالمعنى النضالي للكلمة، لا بالتقديس الإعلامي للرموز البائدة، التي تريد أن تتحدث عن المستقبل وهي تدير رأسها خمسين سنة إلى الوراء لتذكرنا بأمجاد ثورة صادرها تسلط أسري على مقدرات شعب عقودا، تحت مبرر إزالة الفوارق بين الطبقات.

بأي ذنبٍ قتل الأبرياء؟ قبل أكثر من قرن من الزمان تناول أمير الشعراء شوقي بطش اللورد كرومر في مجزرة دنشواي التي تجاوزت خيالات نيرون الشيطانيّة، والجمعة الدامي تجاوز أبطاله ولا شك خيالات كرومر، فهو كان محتلاً بريطانيا على أرض عربية، وما أقسى أن يكون الاحتلال على أرضنا يمنيا.

اليوم فقط تستريحُ أقلامُنا، وقد اكتسبت نداها من دماء الحرية في ساحات انتصارٍ معلن، يستبق كل نشرات الأخبار وبرامج الرصد السياسي.

اليوم فقط يتحول دم الشباب شعاعاً لا يراعي كما قال بن الفجاءة، فلا تهز عقيدة التغيير عنده آلة قهر ولا يثنيها سلاح بطش، وكلٌ منهم حليم يخلف سلاحه وراءه ويخرج ليطلب حتفه في سبيل اليمن مسالما..

إنها شجاعتكم، يا أبطالَ اليوم وذاكرةَ المستقبل، تلك التي قهرت بأس السلطان وحولت ألِف الكلمةِ واواً مهموزة تصف بؤس الراحلين بغير عودةٍ وغير إرادةٍ منهم..

الدعاء للشهداء أن تروي دماؤهم ظمأ الأرض لمن يسقي تربتها حبا .. بعد انتظارٍ طويل.