فليكن الزحف إلى منزل "قحطان"

 زكريا الكمالي

كافة جُمع الأسابيع الاعتصامية الماضية في اليمن كانت بداياتها مملة، حتى ليلة الخميس.. تختلف الساحات حول مسمى جمعتهم, وتخرج كل ساحة في النهاية بمسمى منفرد وخاص. ابتدأوها جمعة بداية, تلتها جمعة شهداء البداية, وبعدها تفاوتت الساحات بين جمعة غضب, وإنذار, وكرامة, ورحيل. كل ساحة كانت تغرّد خارج سرب الأخرى. اختلف المعتصمون في كل الجُمع السلمية , واتفقوا على واحدة تنذر ب" دم " فقط , وعواقب وخيمة .لماذا لا تجمعنا إلا المصائب؟!

جمعة الزحف لم يعرفها ميدان التحرير المصري إلا بعد "جمعة الغضب" وجمعة الرحيل. الزحف في القاهرة لم يكن مقلقاً ولم يجعل النساء يسكبن دموعهن مطرا. مبارك لم يلتق بقبائل سوهاج والصعيد وسيناء, ليحرضهم على المعتصمين ويجعلهم دروعاً بشرية أمام مبنى القصر الرئاسي في عابدين أو التلفزيون, ولم يهدد بحرب أهلية كما يفعل علي عبدالله صالح, ويريدها أن تكون.

لم يشهد النظام اليمني وأعوانه واعلامة طيلة الأسابيع الماضية خبرا سارا كالذي أهداهم إياه قحطان.. استثمروه بطريقة سيئة, وبدأوا بطمس كل القيم النبيلة لثورة الشباب السلمية.

دعوة قحطان لجمعة زحف, لم ترفع من أسهم المشترك في أوساط الناس, كما يعتقدون, بل هددت رصيدهم السابق القائم على النضال السلمي, الذي لم يكتب له حسن الختام. استنكرها الجميع إلا قلة حماسيين, لا يدركون طبيعة النظام, والحشود التي تحشد الآن إلى ميدان السبعين.

كافة المرحبين, إما يعيشون في الخارج, أو يقطنون محافظات بعيدة.. شباب ينامون النهار ويقومون الليل, أو قادة أحزاب يعرفون أخبار اليمن من قناة الجزيرة فقط. جميعهم لا تهمهم نتيجة الزحف. لم يشاهدوا ربما المشهد المؤلم الذي خلفته المجزرة البشعة الجمعة الفائتة, ولا يدركون ان المشهد سيكون أدمى بكثير من ذلك.

الثورة تحارب نظام زج بالبلد في حروب أهلية خاضها الشعب في كل المحافظات على أجزاء سابعة وثامنة كالمسلسلات، وجعل من شعبه وقودا لحروب لا هدف لها, فلماذا نحارب التخلف بتخلف.

إذا أردنا التحول من الديكتاتورية إلى الديمقراطية, فعلينا أن نواصل مسيرة السلمية فقط. الثورات العنفية -والتي يريد لها النظام أن تخطو بهذا الطريق– هي التي تحرض الديكتاتوريين على القمع, ولا تطيح بهم.

النظام ساقط ساقط ساقط, فلماذا نمنحه نَفَسا جديدا لاستعادة الروح. علينا أن ندرس خطواتنا القادمة بإحكام.

ليدرك قحطان ان الزمن تغير. وان الاحتجاج السلمي هو من يسقط الديكتاتوريين, حتى أكثرهم قوة, ويخلق الثورات التي تدّرس. الأنظمة تتغير الآن ب"خيمة" لا "دبابة". وإن كان لا بد من الزحف, فليكن إلى منزل قحطان.