بعد ثلاثة وثلاثون عاما من (الزمار والطبال) لتلك المنجزات البااااهرة التي طالما صم بها آذاننا إعلام الحاكم، وخطاباته التي نسمعها ثلاثة أوقات باليوم وكأنها مضاد حيوي( حبة كل ثمان ساعات)،فقد طلعت هذه الانجازات عبارة عن(قنبلة موقوتة).!
يا واهب مملكة العقل من هؤلاء الحاكم ، فقد كنا نضن أن لهم شراهة فقط في نهب وسرقة الثروات والأموال ومصادرة ما ظهر منها فوق سطح الأرض وما بطن، ولم نكن نعرف ان لهم شراهة وشهية حتى لدمائنا بأنياب (الدراكولا)، وان لديهم أيضا رغبة جامحة بمصادرة أرواحنا من بين حنايا صدورنا.
فالأيام القليلة الماضية أسفرت لنا ان ثمة وجه أكثر بشاعة يمتلكه هؤلاء الحكام ضلوا يدخرونه إلى مثل هذه الظروف الحاسمة التي أصبح كراسي حكمهم الصدئة ترتعش على وقع هتافات جموع الجياع والمقهورين الذين استطاعوا ان يجعلوا الحاكم وأذنابه يتوارون في أضيق جحور الهوان ، وأحلك غياهب سراديب الخزي. فهكذا هو الحاكم المستبد يضل قابعا في مكانه ويتخطاه العصر ولا يعلم ان عهد جديد اسمه عصر ثورة الاتصالات قد اطل ومن بين ثناياه تولد ثورات شعبية شبابية عاصفة بوجه كل الطغاة وتحطم أصنام العصر،وحرر هذا العصر معه العقول من ربقة الجهل الذي دأب هؤلاء الحاكم على تكبيلنا فيها عشرات السنين، فبمقدار بزوغ مكانة العقل يتوارى حجم الاستبداد كما يصف لنا ذلك رائد عصر التنوير وخصم المستبدين (عبد الرحمن الكواكبي) في كتابه الشهير (طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد) حيث يقول:( إن التطور العلمي والتكنولوجي لا يمكن ان ينمو إلا حيث يكون العقل متحررا، فإذا حجب صوت العقل ينمو التخلف والركود وبهذا فالاستبداد هو عدو العلو وعدو التقدم...).
حاكم صنعاء القابع هناك فوق كرسي حكمه المهتز لا يستطيع منذ أسابيع ان يتخطى أكثر من مسافة ميدان السبعين الذي يجمعوا له فيه أصحاب السبعين الألف ريال ليعملوا فيه (حفلة زار) مكررة من الجمعة حتى الجمعة،حتى أصبح (ميدان السبعين) مرادف لمبلغ(السبعين الألف ) ،وبين الجمعتين يضاعف الحاكم عدد المليارات التي يصرفها لزبانيته مثلما يضاعف عدد ضحاياه من الشهداء في ساحات الحرية، وهو يعرف جيدا ان دماء هؤلاء سيجرفه كالعاصف المشتعل، قبل ان تجف يديه من خضاب دم الشهداء.
* قفلة مع الشاعر احمد مطر:
( لمن نشكو مآسينا ؟
أنشكو موتنا ذلا لوالينا ؟
قطيع نحن والجزار راعينا ،
ومنفيون نمشي في أراضينا ،
ونحمل نعشنا قسرا بأيدينا ،
ونعرب عن تعازينا لنا فينا ،
فوالينا،أدام الله والينا ،
رآنا أمة وسطا،فما أبقى لنا دنيا ،
ولا أبقى لنا دينا..