في البداية نتقدم بالشكر الجزيل لأهلنا وأشقائنا في دول مجلس التعاون الخليجي والمجتمع الدولي على الجهود التي يبذلونها من أجل إخراج اليمن من أزمته الراهنة واللحظات الحرجة التي يمر بها، وهي جهود تنطلق من مسؤولية أشقائنا التاريخية والجغرافية ووحدة المصير وحرصهم على اليمن وأهله..
والمراقب للوضع اليمني في الداخل والخارج يدرك أن نظام صالح لم يعد نظاماً صالحاً لإدارة البلاد حتى لأيام معدودة لأنه عملياً لم يعد يمسك بزمام الأمور.. ولهذا كان موقف الأشقاء في الخليج واضحاً في مبادرتهم الأولى التي أطلقوها وفي مقدمتهم الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية.. وهو الحل الذي يقول به كل ذي عقل، والمتمثل في تنحي صالح وتسليمه السلطة سلمياً.
لكن لأن صالح لا يزال مسلحاً يمسك ببعض الخيوط التي بإمكانها أن تنزلق باليمن نحو المجهول المخيف، ولأنه يمسك بوسائل إعلام الشعب وكثير من مؤسسات الدولة، بادر إخواننا إلى تخفيف الضغوط عليه لتصبح المبادرة نقل صلاحياته إلى نائبه وليس تنحيه بشكل صريح.. أملاً في تجنيب اليمن شره، أما خيره فلم يعد ممكناً..
ونحن إذ نثمن موقف أشقائنا في الخليج ومساعيهم الحميدة، إلا أننا نؤكد لهم أن الوضع لم يعد يقبل وجود صالح وأقاربه على هرم السلطة، بعد كل ما حدث، لأن الثورة الشعبية السلمية أصبحت هي الواقع الذي لا مفر منه.. وهي من يقوم حالياً بالحفاظ على أمن اليمن ووحدته واستقراره بالتعاون مع الشرفاء أبناء القوات المسلحة والأمن الذين أعلنوا صراحة انحيازهم السلمي للثورة وحمايتها.. وقد قدمت هذه الثورة قرابين من الدماء لشباب في عمر الزهور فتحوا صدورهم العارية لرصاص علي عبدالله صالح الذي أوصل اليمن إلى ما وصل إليه.. آملين وطناً كريماً عزيزاً يحيا فيه الجميع ويحكمه القانون والدستور، لا الفتن والجهل والإقصاء والتهميش ومصادرة حقوق المواطنين وافتعال الأزمات.
ذلك أن اليمن بموقعه الجغرافي الهام وبشعبه العظيم وبإنسانه الكريم الوفي، ما كان ليصبح مصدر قلق لجيرانه وللعالم، لولا النظام المتخلف الذي حكم بالجهل والدجل والتزوير والدس بين أبناء الشعب.
كما إن الأوراق التي يلعب عليها النظام أصبحت معروفة للجميع، واليمنيون أكثر من يعرف علي عبدالله صالح وأساليبه المراوغة وانقلاباته على أي حوار أو اتفاق يمكن أن يكون، وقد رأينا رفاقه في السلطة وهم يعرفونه منذ عقود وقد تخلو عنه، يحذرون منه ومن أساليبه لخلط الأوراق واللعب بالوطن الذي اجتمع من أقصاه إلى أقصاه وبكافة فئاته الاجتماعية والسياسية لمطالبته بالرحيل.
أي نظام هذا الذي يقطع التموينات عن المواطنين ويتهم المعارضة، وأي حوار مع شخص يرسل الوسطاء لقتلهم واتهام المعارضة.. ولو كان بإمكانه في هذه اللحظة أن يقضي على الثورة وعلى جميع أحزاب المعارضة لفعل ولانقلب على العالم كله.. فهو أخر من يفكر بمعاناة المواطن ووحدة الوطن.. وبالتالي فإن الشرعية التي يستمدها الشعب الآن هي شرعية الثورة، والثورة تنادي برحيله، وعدم الرحيل الفوري سيعطي صالح الفرصة لخلط الأوراق من جديد.
ولعل إخواننا في الخليج يدركون أن الرحيل هو الخيار الأسلم والأوحد للجميع، والثورة قائمة لن تتوقف، والمزيد من الوقت قد يحولها إلى مرحلة العنف، لأن الشعب قال كلمته، وفشل ثورته السلمية تعني الفتنة واللجوء إلى العنف لاسترداد حقوقهم. وأغلبية الشعب والجيش في صف الثورة، ما يجعل من إمكانية سيطرة صالح مستحيلة.. وكل ما يستطيع فعله صالح ومن حوله هو الزج باليمن إلى الأسوأ.. وأفضل ما يمكن أن ينجح به هو أن يحصل على ضمانات بعدم ملاحقته. ولذاك رحب اليمنيون بالمبادرة الخليجية، رغم الجرح الكبير ورغم مساعي صالح لتدمير الدولة اليمنية ووحدة الشعب وقتله أبناءه.
وفي حال تلاعب صالح بهذا المطلب والوساطة الخليجية فإن المطلوب من الأشقاء هو دعم الثورة، وعزل نظام صالح وليعمل كلٌ ما يستطيع للحفاظ على استقرار اليمن والمنطقة.. وإقناع المجتمع الدولي والرأي العام العالمي بالوقوف إلى جانب الشعب في وجه محاولات صالح للفتنة التي عكف مؤخراً على محاولة إشعالها.. من خلال قمع المتظاهرين السلميين لاستفزاز الجيش الذي يؤيد الثورة، وتوزيع الأسلحة على العصابات وقطاع الطرق وبعض العناصر الحزبية.
هذه السطور هي ملخص الوضع اليمني إلى أهليهم وإخوانهم في الخليج.. ووفق الله الجميع لما فيه الخير والاستقرار.