الشرق القطرية: كفى تلوناً أيها الأخ الرئيس

لانعرف بالضبط.. إلى أين يتجه الرئيس اليمني علي عبدالله صالح بشعبه وبوطنه في ظل اصراره على التمسك بالسلطة؛ وسد أذنيه عن صيحات الاحتجاج المقدس التي تدوي في سماوات المدن اليمنية منذ ثلاثة اشهر تطالبه بالرحيل؛ بعد ان سئمت تداعيات وافرازات سياسات السنوات الاثنتين والثلاثين له بالحكم.

فالقاصي والداني يدرك ويعرف ان دول مجلس التعاون تحركت منذ شهرلاحتواء نيران الازمة اليمنية مدفوعة بالتزاماتها القومية؛ وبحرصها على مستقبل اليمن وإعادة الاستقرار اليه، وطرحت مبادرتها الطيبة لإنقاذ اليمن من بين براثن الفتنة المتصاعدة؛ وهي مبادرة في مضمونها العام تمثل طوق نجاة للرئيس نفسه قبل غيره؛ وتؤمن له خروجاً مشرفاً من السلطة نزولاً على رغبات الشعب اليمني الشقيق واحتراماً لمبدأ الديمقراطية.

ورغم ذلك لم يقابل صالح تلك المبادرة إلا بالمراوغة والالتفاف عليها واطلاق مناوراته والتلاعب بالكلمات؛ وعلى مدى الاسابيع الماضية عاش المراقبون للشأن اليمني مسلسل (زئبقية) الرئيس صالح، فتارة يعلن قبوله بمبادرة دول "التعاون" وبعد ساعات يتراجع ويبدي تمسكه بالبقاء في السلطة؛ وتارة اخرى يعيد على أذهان مؤيديه انه سيصمد امام حركات الاحتجاج؛ ولن يستسلم بسهولة ثم يتراجع امام الضغوط الاقليمية والدولية فيبدي استعداده للتنازل شريطة التمسك بالدستور.

وكان احدث حلقات هذا (المسلسل الزئبقي)، الذي يلعبه الرئيس صالح بكل براعة أمس الاول، حيث كان وسطاء التعاون قد اقتربوا من اقناع أطراف الأزمة وعلى رأسهم صالح نفسه بتوقيع الاتفاق بالرياض أمس حسبما كان متفقا عليه؛ بعد ان وضع لمساته الأخيرة معه عبد اللطيف الزياني امين عام مجلس التعاون؛ وبعد أن أبدى احترامه لمبادرة التعاون واستعداده للتوقيع على نقل السلطة؛ فوجئنا بتراجعه وتمسكه بتوقيعها باعتباره رئيسا لحزب المؤتمر الحاكم؛ وليس كونه رئيسا للجمهورية؛ وهكذا أفشل صالح مهمة الزياني المقدسة!! وفي هذا السايق جاء الاجتماع الوزاري لدول التعاون بالأمس في الرياض لتدارس الأمر مجددا؛ وانتهوا في بيان لهم إلى الاعراب عن "أملهم في إزالة كافة المعوقات التي لا تزال تعترض التوصل إلى اتفاق نهائي" في اليمن. وقالوا إن"الأمين العام عاد لصنعاء مجددا لهذا الغرض.

وهي باعتقادنا فرصة أخيرة تمنحها دول التعاون للرئيس صالح ليعيد النظر في مواقفه. ونزيد بان صالح مطالب بالكف عن استمراراللعب بالنار وعامل الوقت وتفهم حقيقة ما يجري في بلاده؛ ومواجهة رغبات شعبه بكل مسؤولية وطنية؛ منحيا جانبا مصالحه الضيقة وعلى رأسها مطامع البقاء في السلطة.

ولعله من المهم له ان يتعلم من تجارب تونس ومصر وما يجري في ليبيا وسوريا؛ وليدرك صالح انه محظوظ بمبادرة خليجية طرحت لإنقاذه من شعبه وإنقاذ شعبه منه؛ وتؤمن الخروج المشرف له من السلطة. ويا أيها الاخ الرئيس..لا تضيع الفرصة وتنسفها بعناد لا طائل منه الآن؛ فقد حانت ساعة الحقيقة ومواجهة النفس.. وكفى زئبقية أيها الرئيس.