رسالة إلى قادة الخليج قبل انعقاد قمتهم

أصحاب الجلالة والسمو زعماء دول مجلس التعاون الخليجي المحترمون..

تحية طيبة وبعد

نرفع إليكم هذه السطور قبيل انعقاد قمتكم المرتقبة يومنا هذا الثلاثاء في العاصمة السعودية الرياض سائلين الله تع إلى أن تكلل قمتكم بالتوفيق والنجاح، ونأمل من خلال هذه السطور ايضاح بعض النقاط المتعلقة بالوضع اليمني الراهن الذي تكرمتم وقدمتم مبادرة لايجاد مخرج آمن وسلس لنقل السلطة في اليمن، شاكرين هذا المجهود الذي يدل على إحساس بالمسؤولية تجاه جاركم الشقيق، وحرص كبير على أمنه ورخائه ووحدته. وهي المبادرة التي لقيت ترحاباً معلناً من قبل طرفيْ السلطة والمعارضة أيا كانت الملاحظات أو المماطلات؛ لكن الكل في اليمن ينظر بعين الاحترام والتقدير والتثمين لأي مسعى يأتي من جيرانه في دول الخليج.

أصحاب الجلالة والسمو..

من راقب الأحداث في اليمن مات همّاً، والمشهد اليمني قد يبدو لكم متبعثر الرؤية إلى حد ما، جراء غياب التقاليد السياسية الأصيلة، في التعامل مع المبادرات الجادة، وخصوصا في الأوقات العصيبة.. الأمر الذي يحتم عليكم المضي في مسعاكم الحميد دون الالتفات للتصريحات الاعلامية والعناوين المفاجئة، هنا أو هناك، من هذا الطرف أو ذاك، ذلك أن كل شيء في اليمن قابل للتحقق بشيء من التصميم والصبر، والحزم إلى حد ما.

لدينا الان في اليمن ساحةٌ جد عريضة، لا تستطيع الرجوع إلى البيوت قبل تغيير النظام، ولدينا نظام لايزال يمتلك في يده بعض أوراق المناورة من قوة وجمهور وآلة إعلام.. والوضع يتدهور كل يوم، الأمن والاقتصاد والترابط الاجتماعي، والاحتياجات المعيشية العامة، ولدينا حالة من فوضى الكلام، وحمى التحليلات والشائعات، وميراث مؤسف من المهاترات وانعدام الثقة، تَرَاكم عبر سنوات طويلة جراء التنافس الحزبي الذي كان فوق ما يحتمله بلد ناشئ ودولة حديثة التكوين، لم يزد عمرها على عقدين وعام.

لم يعد لدى النظام القائم ما يستطيع تقديمه لليمن، وليس في رصيد المعارضة قرابين كافية لحصد الاجماع المطلوب، وليس أمام شباب الساحات الا الاصرار على يمن مختلف يحققون فيه ذواتهم ويعتزون بانتمائهم إليه. وما بين أشواق القادم ومخاوف المجهول، يختلج الوجدان اليمني، وتستميت التعبئات، ويأكل الوقت الذاهب يوميا أفئدة الجموع.

أزمة ثقة، تُجاورُها أزمة لغة، وتقتات الأزمتان من قابلية الوضع اليمني على الانفجار في أية لحظة وبأتفه سبب.. من هنا تأتي أهمية الجوار المهاب من قبل الفرقاء، والمرجو من قبل الشعب.. الجوار الذي قد يناله بعض شرر هذه الأوضاع؛ لكن عليه ألا يشعر باليأس، لأن الأمور، على فداحتها، تظل بوجوده أدعى للطمأنينة والأمل. ولأن النجاح في المبادرة سيمثل لجيراننا ذكرى تبعث على الاعتزاز، ووساما لا يقدر بثمن.

أصحاب الجلالة والسمو..

هناك من يحاول التشكيك في دوركم، وتلوين المبادرة الخليجية بألف لون، وكل هذه أشياء ستنزاح بمجرد وجودكم معنا في حفل الخروج الكبير من النفق. وهناك من يريد إيصال الأمور إلى مربع العضلات، وبدنُ البلاد هزيل لا يحتمِل، وخيطُ دم يلوح في مخاوف القلوب مشوشاً الرؤية، لكن سفينة الآمال أقوى من رياح المخاوف.. ونشعر حقاً، بالأسف أننا نسبب لكم هذا التعب لكن لا بأس، هنالك "يمن ثانٍ كحلم الصبا ينأى ويقتربُ"..

وفقكم الله، وسدد خطاكم على طريق الخير..