قطعت دولة قطر قول كل خطيب سلطوي في اليمن واعلنت انسحابها من المبادرة الخليجية بخصوص تنظيم انتقال السلطة في اليمن بشكل آمن وسلس ساحبة بذلك، من الرئيس صالح واحدا من معاذير التنصل. اذ كرر الرئيس صالح واعوانه لاسابيع ان المبادرة جوهرها قطري وانهم لن يوقعوا عليها مادام فيها قطر "التي تعاديهم عبر قناة الجزيرة".
فهل جاء اعلان الانسحاب بمثابة احداث خطوة إلى الامام باتجاه نجاح المبادرة بعد ان نفذ القطريون رغبة الرئيس صالح باختفائهم عن مسرح المبادرة أم أن انسحاب دولة عضو في مجلس التعاون معناه اعلان فشل المبادرة وترك صالح يواجه مصير خروج غير آمن من السلطة؟!
منطوق تصريح المصدر المسؤول بوزارة الخارجية القطرية يرجح الاحتمال الثاني إلى حد ما، خاصة في ظل تزامن اعلان الانسحاب مع سقوط شهداء جدد من المعتصمين، وجاء نص تصريح ممسؤول الخارجية القطري كما يلي: "إن حمد بن جاسم بن جبر آل ثانى رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية قد أجرى اتصالا هاتفيا مساء الخميس مع الدكتور عبد اللطيف الزيانى الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية وأبلغه بهذا القرار.. وأوضح المصدر أن جاسم أوضح للزياتي بأن دولة قطر قد اتخذت هذا القرار مضطرة بسبب المماطلة والتأخير بالتوقيع على الاتفاق المقترح في المبادرة مع استمرار حالة التصعيد وحدة المواجهات وفقدان الحكمة مما يتنافى مع روح المبادرة الهادفة إلى حل الأزمة في اليمن في أسرع وقت بما يحقق طموحات الشعب اليمني ويحفظ الأمن والاستقرار فيه".
وعندما نمعن النظر في السطر الاخير من التصريح نجد أنه يستبطن رغبة ملحة في انجاح المبادرة بشكل سريع ويحوي رسالة للنظام في اليمن ولبقية دول المجلس تحمل هذا المؤدى، (خصوصا وانه لم يتهم طرفا يمنيا بعينه في المماطلة)، بحيث يغدو الانسحاب القطري اداة ضغط اضافية على الرئيس صالح اضافة إلى كونه ينسجم مع رغبة صالح في غياب قطر اثناء التوقيع.
ولماذا تولت وكالة الانباء القطرية اعلان الانسحاب وليس الأمين العام للمجلس (د. الزياني)..؟ قد يدل ذلك على ان المجلس لم يقبل انسحاب قطر فوضعتهم الدوحة بنشرها اعلان الانسحاب أمام الامر الواقع.
و إلى ان تقوم كل من السعودية والكويت وعمان والامارات والبحرين أو الامانة العامة للمجلس، باعلان ردود فعل رسمية أو ما شابهها حول الانسحاب القطري تحدد مصير المبادرة بشكل صريح؛ إلى حين ذلك يظل الاحتمالان اعلاه واردين بنسب متساوية.
ونأتي لرد الفعل السريع الذي صدر عن حزب المؤتمر الحاكم وحلفائه (تحالف الرئيس صالح) حيث تم الترحيب الحار والعاجل بالاعلان القطري الامر الذي يدل على ان المؤتمر تروقه لعبة المماحكات ليس داخل اليمن فحسب، وإنما خارجه، اذ سرعة الترحيب بالانسحاب معناه بالبلدي: "مع السلامة.. في ستين داهية".
وليس هذا فحسب بل حمل تصريح المصدر المؤتمري لهجة تهكمية بوصفه قطر ب"العظمى" إذ قال وفقا لموقع المؤتمر نت: "رحب مصدر مسئول في المؤتمر الشعبي العام وحلفائه من أحزاب التحالف الوطني ترحيبا حارا بقرار دولة قطر العظمى الانسحاب من المبادرة المقدمة من الإخوة وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي".. وحسب عليمين بالشأن المؤتمري فإن نبرة كهذه لا يجرؤ على التصريح بها الا الرئيس نفسه!!
وأيا يكن مصدر التصريح، فإن مثل هذا التصرف المؤتمري الخالي من السياسة والكياسة، قد يضع عائقا نفسيا جديدا امام المبادرة، إن لم يكن أضاف مسمارا أخيرا في نعشها.