تتوارد أنباء وتقارير عن خطط يعدها شباب الثورة بغرض إسقاط المحافظات والمؤسسات الرسمية وبغض النظر عن دقة مثل هذه الأخبار والتقارير وعن إمكانية كونها توقعات أو استنتاجات فهذا لا يهم لأن هناك حقيقة مؤكدة وهي أن البلاد تعاني احتقاناً غير مسبوق وأن الأوضاع مرشحة للانفجار بتخطيط أو بدون تخطيط والقضية برمتها هي قضية وقت ليس أكثر.
ولكن قبل الإقدام على عملية إسقاط المحافظات أو ما يسميه البعض بالزحف فأنا أعتقد أن مجرد قراءة اللفظ توحي بأن عملاً عدائياً وعدوانياً سيتم القيام به وبالتأكيد أن السلطة تنتظر أصغر هفوة أو ذريعة لتنال من المحتجين والمتظاهرين.. وحقيقة أشعر بالأسى والألم لمنظر الدماء اليمنية البريئة وهي تسفك دون تحقيق أهداف تذكر. بل ان ألفاظاً كالزحف للقصور واقتحام المؤسسات والمحافظات أعادت للنظام بعض الحيوية وجلبت له كثيراً من الأتباع وأثارت مشاعر البعض في ظل الشحن الإعلامي والتحريض الممنهج.
وأرى أن استمرار الإحتجاجات والإعتصامات وديمومتها، والأهم من هذا وذاك هو سلميتها، كفيل بتحقيق الأهداف السياسية المرجوة. لأن الكثيرين يعتقدون أن الزحف على المؤسسات هو خروج عن السلمية ومبرر للعنف وفي الأخير نحن ننشد التغيير لنكمل بناء وطن وليس التغيير لبقايا وطن.
أقول هذا الكلام وأنا أتفهم أن البعض قد بلغ بهم الضيق والملل مداه من ركود الثورة ولكن أن تصل متأخراً خير من ألا تصل أبداً. وهنا أوجه نداء للشباب بأن يفهموا أن الخطاب الرسمي تجاههم عدواني وتحريضي ويريد جرهم إلى مربع العنف ومن ثم القتال من طاقة لطاقة ومن حارة لحارة فلا توفروا له الذريعة ليخرج الثورة عن سلميتها والعنف هو المخرج الوحيد للنظام من أزمته لأن الخناق يضيق عليه يوماً بعد يوم بفعل سلمية ثورتكم.
وأقول لأطراف العمل السياسي في اليمن من لديه صراع سياسي فليحسمه في الميدان وبالأدوات السياسية لسنا نعاجا في مزرعة أحد يتحكم برقابنا ويسفك دماءنا متى أراد، كائناً من كان. لم ولن نكون مضطرين في أي وقت لحمل السلاح وقتل بعضنا البعض من أجل أن يبقى فلان على كرسيه أو يأتي زعطان ليحل مكانه.. نحن نموت وهم ينعمون بخيرات وطننا، نحن نحترب وهم يكملون مسيرة النهب والسطو..
تباً لكل من يبني أحلامه وأشواقه ومستقبله على دمائنا وأشلائنا وآهاتنا وإحزاننا. الدم اليمني خط أحمر، والسلاح لن نستخدمه ضد بعضنا البعض مهما كان حجم الاحتقان خاصة ً والحل السياسي اليوم مازال ممكناً ومتاحاً وهناك أطراف إقليمية ودولية مستعدة أن تعمل على إنجاحه ولكن لنفهم أن الأشقاء والجيران والأصدقاء لن يكونوا حريصين على وطننا أكثر منا. فيجب اقتناص اللحظة الزمنية السياسية والتوجه نحو الحل السياسي اليوم وليس غداً. لأن الوضع إن انفجر سيكون ككرة الثلج لن يستطيع أحد إيقافها. والرهان على أي قوة سواء كانت قبلية أو عسكرية لحسم الصراع سيكون رهانا خاسرا، لماذا؟ لأن الجبهة ستكون أكبر من أي قوة مقاتلة. وإذا سالت الدماء بغزارة ستكون تنازلات اليوم مرفوضة غداً لأن المعطيات ستكون مختلفة تماماً.
سيناريو إسقاط المحافظات محتمل وبقوة وإن بدأ لن يتوقف ولن يكون سلمياً لأن للصبر حدودا لدى جميع الأطراف. والمبادرة الخليجية مازالت صالحة للعمل ونحن بحاجة لمبادرة داخلية يمنية تتجسد فيها الروح الوطنية وحب اليمن تنزع فتيل الأزمة وتطفئ نيران الثورة التي ما زالت إلى اليوم تعتمل في الصدور. حيث يتم التوقيع على المبادرة خلال اليومين القادمة. ما لم فإن الحرب قد تكون أحد السيناريوهات المقبلة وسيخسر الجميع مهما كانت النتائج التي ستفضي إليها. حفظ الله اليمن.