الإصرار على السلطة

كان من المفترض أن تشكل محاولة اغتيال الرئيس اليمني علي عبدالله صالح، وإصابته، ونقله للعلاج في السعودية نقطة مفصلية لإعادة ترتيب الأوضاع اليمنية على طريق حسم قضية التنحي، والمباشرة في إدخال اليمن على طريق الحل السياسي السلمي وبما يلبي طموحات جماهير الشعب المعتصمة في الساحات .

أجل، كان مفترضاً أن يؤدي الحادث إلى إعادة الحسابات وإعمال العقل واستدعاء الحكمة للتفكير الجدي بعيداً عن الحسابات والنزوات الشخصية والمصالح العائلية والقبلية، بأن يضع حداً نهائياً وحاسماً للتعلق بالسلطة، ما دام ما يقابلها سيكون مكلفاً جداً على صعيد مستقبل الوطن، ثم على الصعيد الشخصي، بأن يدفع الإنسان حياته ثمناً لسلطة زائلة .

لكن، يبدو من خلال تتبع مجريات وتطورات الحادث وتداعياته، وكيفية إدارة الحكم في اليمن، إذ تم تركه من دون تخلي الرئيس اليمني عن سلطاته إلى نائبه، ومن دون أن يحسم الأمور في ما خص الإجراءات خلال غيابه، أن مسألة التمسك بالسلطة دونها الموت، فهي المبتدأ والخبر، وهي البداية والنهاية .

كثير من المحللين اعتقدوا أن محاولة اغتيال وإصابة الرئيس اليمني سوف تسرع في الحل، لأنها سوف توقظه على حقيقة مستقبله ومستقبل اليمن، وما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع من محن إذا ما استمر متمسكاً بمواقفه .

لكن ما صدر على لسانه في تسجيل صوتي نسب إليه بعد محاولة الاغتيال يؤكد أن الرجل لم يتغير، واتهام معارضيه بالتآمر ووصفهم بالمتآمرين وتوعده لهم بتدفيعهم الثمن، تؤكد عزمه على الاستمرار في المعاندة والإنكار والتحدي، وسوق اليمن إلى أتون الفتنة والحرب الأهلية .

شواهد كثيرة تشير إلى أن الرجل لم يتعلم، وعودته إلى اليمن بعد تعافيه من الإصابة قد تعطي الدليل على أن ما قيل إنه لن يعود لتسهيل الحل، غير دقيق تماماً، فهو لم يسلّم أوراقه بعد ومستعد لمواصلة لعبها، كما لم يسلّم مهامه إلى نائبه، لأنه يريد العودة إلى السلطة